بارت 6

1K 41 14
                                    

عن أي سر مدفون تتحدث يا أخي ثم لا تنسى بأننا اهلها ولن نمسها بسوء بالتأكيد .
أبتسم فارس وعينيه لا تزالان تراقبان العصفورة المجروحة امامه ثم أجاب أخاه بنبرة شبه مستهزئة .
أذهب يا اخي ابلغ اباك بما سمعتَ ولا تعد الا أن كنت بحاجة لشيء أو مسألة تخصنا كأخوين .. أرجوك لا تكن مرسالآ لوالدنا لا تجبرني على قطع صلتي بك أنت أيضآ ولا تصدق كل ما يخبرك به والدنا أو أمنا فهم يخفون عنكم الكثير ويرتدون أقنعة الوالدين الصالحين وهما في الحقيقة أسوأ من الشيطان ذاته .
أصيل بنبرة شبه عالية: ما الذي تتفوه به يا فارس تتكلم عنهما وكأنهما ليسا والديك، ولماذا انا اقف اجادلك بأمر والدينا أصلآ ،فأنا اعرف أنك ومنذ صغرك تميل لعمنا اسحق وزوجته اكثر ممن أنجباك ..الى اللقاء يا اخي فالجدال معك عقيم يبدو بأن عمنا نجح في تجنيدك كحارس لأبنته بزرع البغض والكره لأهلك منذ الصغر وكيف لا تنجذب له وقد تربيت على يديه اكثر مما فعل والديك .
. . . .
غادر "اصيل" وهو ينفث الغضب نفثآ وعند مروره من عند ليم رمقها بنظرة حانقة مميتة جعلتها تستدير بتلقائية لفارس الذي كان ينظر لها بأبتسامة يخفي خلفها الكثير مما جعلها تتوجس خوفآ مما يحدث بدون علمها وبالتأكيد فارس لن يخبرها أي شيء عما يحدث لذا ستكتفي بالصمت فهذا أفضل من الكلام وحشر نفسها بمشاكل لا تعنيها ومادام أخيها موجود فلن تقلق من عمومتها واولادهم .
مرت الأيام والأسابيع سريعآ وفي نهار ذات يوم أقبل فارس وقد كان كثير التبسم وشارد الفكر معظم وقته و"ليم"تراقبه بنفس الأبتسامة حتى لم تعد تطيق صبرآ فقالت والحماس واضح عليها .
متى وقع أخي بالحب ياترى ..
أراهن على أن من سرقت قلبه هي تلك التاجرة الشامية .
وبلحظة واحدة أدار وجهه نحوها وقد دُهش من معرفتها بالأمر فتبسم قائلآ
من تقصدين بكلامك أيتها الفضولية المشاكسة .
ردت ليم وعينيها تحاصرانه بنظراتها .
وهل لي أخٌ غيرك يا ذكي .
قهقه فارس على كلامها ثم

أومأ قائلآ .
بلى انها التاجرة الشامية ذات الأعين السوداء الواسعة .. كلما تذكرتها شعرت برجفة تسري بأطرافي ومعدتي يتعكر مزاجها .. وقد لاحضت كذلك بأنها قليلة الكلام معي وكثيرآ ما اراها سارحة تنظر لي أو تبتسم ..هل تظنين بأنها تشعر بشيء تجاهي يا ليم ؟.
أجابته بأبتسامة واسعة:
نعم .. نعم .. انا واثقة من ذلك فقد لاحضت نظراتها لك وأبتسامتها الوالهة حتى أنها حينما أذكر أسمك امامها تتلعثم بالكلام وتحمر وجنتيها .. أظن بأنها وقعت في شباك حبك يا فارس .
...

بعد أخر حديث بين فارس وليم قررت ليم مساعدة فارس في التوفيق بينه وبين التاجرة الشامية فقررت دعوتها مع عمتها التي كانت ترافقها انذاك لتناول وجبة العشاء عندهم بحُجة أتمام التجارة الجديدة بينهم وبعد العشاء دعتهما ليم للمبيت عندهم بحجة اخرى الا وهي طول الطريق من مزرعتهم لقلب القرية وبما ان موقع المزرعة في اطراف القرية كان الطريق ليلآ يعتبر خطرآ وأقنعتهما بعدها أن يبقيا في ضيافتها أسبوعآ كاملآ وكانت بذلك تمهد الطريق لفارس والتاجرة الشامية "ريم"ليلتقيا ويتعرفا على طباع بعضهما البعض، فقد كان ممنوعا انذاك ان يكون هناك اي لقاء بين رجل وامرأة لوحدهما، ولكن ليم استغلت حب عمة ريم للرسم وطب الاعشاب وراحت تُغريها يوميآ بتعليمها وصفات لاعشاب طبية لمعالجة بعض الأمراض التي يصعب علاجها ،وعندما تلاحظ التعب على العمة تُسرع لأخراج أفضل لوحاتها لتريها لها وقد كانت العمة مبهورة بموهبة ليم وأتقانها للرسم بتلك الطريقة الأحترافية ،وأحيانا كانت ليم تطلب من العمة بأرتداء أكثر من حلة لترسمها للأحتفاظ بها للذكرى وقد كانت العمة "سُمية"فرحة بذلك ، ولأنها كانت كبيرة بالسن ولا تستطيع السهر كانت تنام باكرآ كل ليلة تاركة الثلاثة يطالعون النجوم والقمر وهم يتبادلون الاحاديث حتى عرفت "ريم"الكثير عن حياة فارس وليم التي أصبحت صديقتها وخلال مطالعتهم للسماء نظر فارس نحو ريم التي كانت تطالع القمر بعينيها السوداء الواسعة حتى لاحظ نظرات ليم التي كانت تشير له بأشارة قد فهمها جيدآ فأومأ لها بالموافقة ،وعندها نهضت ليم وهي تدعي النعاس واستأذنتهما لتذهب للنوم، فأستغل فارس الفرصة لطلب يد ريم والتي من شدة فرحتها ذرفت الدموع ،وبعد مرور أسبوعين تم زواج فارس وريم بعد أن ذهبت العمة لتصفية جميع املاكهما في بلاد الشام لتستقر مع أبنة اخيها وزوجها ،كانت تلك الأيام من أسعد الأيام التي مرت في حياة ليم، كانت فرحة جدآ بأمتلاء بيتهم وأجتماعهم معآ الأمر الذي أغضب والدي فارس وزاد من حنقهم تجاه ليم فقد كان من المعروف في قريتهم حينما يتزوج الابن البكر يستقر عند ابويه حتى ينجب من الأطفال أثنين ليستقر بعدها في منزل منفصل قرب منزل والديه وفارس قد كسر جميع تقاليدهم وأهمها أنه لم يقبل أن يحظر والديه لزواجه وقد كان صارمآ من هذه الناحية حتى عند حظور اخوته لزفافه قد عاتبوه على ابتعاده عن امه واباه وبغضه لهما وقد يأسو من محاولة معرفة السبب ، في البداية كانو يظنون بأن السبب في بغض فارس لوالديه هي ليم ولكن بعد فترة من الزمن عرفو بأن هنالك شيء أخر سرٌ لا يُريد فارس الأفصاح عنه ،كانت علاقته جيدة بأخوته الا جوان شقيقة فارس الصغرى  وتوأم أرجوان الكبرى ،كانت تكره ليم لحد ما فقد زوجها أباها لتاجر كانت له مصلحة معه وكان يكبرها بخمسة عشر عامآ قبل زواجها حذرتها توأمها من التسرع والموافقة وكذلك فارس نصحها بعدم التسرع وأن لا تتوهم بمدح والدها للتاجر فطبع والدها هو الجشع والطمع وعندما يريد شيئآ من أحد يضل يمتدحه ويجمله بنظر الجميع حتى يظفر بما يريد لينبذه بعدها وهذا ماحصل مع ذلك التاجر الذي تزوجته جوان طمعآ بماله وسُلطته لتكتشف بعدها بخله مع زوجاته وحبهُ للنساء والخمر وظلمه وقسوته ، ولكونها ورطت نفسها بزيجة فاشلة بُنيت على الطمع والخداع ،كانت تكره نفسها لغبائها وكانت ترى بأن ليم تعيش حياة لا تستحقها فكل ذلك الترف والغنى والجاه الذي تملكه أبنة عمها ليم كان من الممكن أن يكون من نصيبها يومآ ، وقد أعمتها غيرتها وحقدها عن رؤية الحقيقية ورؤيتها لأثمن شيء قد فقدته ليم وهما والديها وقد عوصت بأخ كان لها الكتف الذي تستند عليه والعائلة التي حُرمت منها، وأزدهار تجارتهما كان بسبب تعليم فارس لها ووقوفه معها وأرشادها في الصغيرة والكبيرة ، أما أرجوان فقد كانت الفتاة المطيعة الحنون ،وكانت قريبة لحد ما من ليم عكس شقيقتها الكبرى جوان وشقيقهما اصيل والذي كان يكره ليم ويظن بأنها هي السبب في ابتعاد فارس عن والديه وكرهه لهما ولكنه اكتشف مؤخرآ بأن هنالك سر يخفيه فارس عنهم جميعآ وذاك السر هو السبب في انفصاله عن عائلته وليست أبنة عمه ليم ، وبعد زواج فارس بفترة بدأ اصيل يتردد على بيت عمه اسحق كثيرآ حتى اختلا ذات يوم بأخيه وطلب منه يد ليم أستغرب فارس في بداية الأمر ظنآ منه بأن والده هو من طلب ذلك من اصيل الا أنه أكد له بأنها رغبته الخاصة فقد أعجب بها وبقوة شخصيتها كما قال لشقيقه واللذي لم يقتنع بتاتآ بكلامه، وبعد أن أخبر فارس ليم بالموظوع أبدت رفضها القاطع وأفصحت عن رغبتها بعدم الزواج وقد كان فارس يعلم برغبتها تلك الأ أنه لم يرد أن يخفي عنها طلب اصيل لها .

عودة ليمWhere stories live. Discover now