الجزء السابع

154 19 6
                                    

في الصباح الباكر والدي يتحدث على الهاتف …
-أبي :سلمت يا سيد مؤيد …. نعم شكرا لك ..
-أمي: ماذا يريد؟؟؟
-أبي :أراد أن يهنئني بنجاح ليليا… وأنه فرح كثيرا فكأن أخته قد نجحت … وأن درجاتها ممتازة بالنسبةللوضع الذي مرت به وأنها متفوقة….
-أمي: والله إن هذا الشاب محترم …ليحمه الله لوالديه …
-أبي : صدقتي …
دخلت ليان إلى غرفتي…
-ليان: ليليا … حبيبتي ألم نتخلص من هذا!!!
-أنا: …..
-ليان: حسنا.. ألا تريدين معرفة رأي مؤيد بنجاحك…
-أنا:……
-ليان: تمام …كماتريدين سأقول لقد فرح كثيراوقال أنه فرح لك كأنك أخته ( تضحك) يظن أنه يستطيع أن يخفي حبه بقول أنك كأخته …
-أنا: هل انتهيتي هيا اخرجي ….
-ليان: ليليا مابك لماذا أصبحت هكذا؟؟؟ لاتفعلي هذا بنفسك وبنا …. الحمدلله لقد وصلت إلى …أنا مقاطعة..
-أنا: لقد حفظت هذه الموشحات لاأريد سماع المزيد …
-ليان: أنت فتاة قوية لا تستسلمي أبدا حاربي وإذا لم يتحقق هذا لم يكن بسببك بل هو أنه لا خير في تحقيقه ….أرجو منك أن تكوني شجاعة ….
خرجت وبقيت أنا وحدي أبكي وأحمل نفسي الذنب …نهضت من سريري وفتحت درج الطاولةوأخرجت دفتر مذكراتي لقد كتبت عليه العهد الذي قطعته على نفسي …
-أنا:(عهد مني ياحلمي أنني سألقاك )(ضحكت) هل كنت مجنونة ؟؟؟ لماذا كتبتي هذه التفاهات؟؟؟ آه ياليليا كم أنت حمقاء عندما ظننت نفسك أنك ستصلين إلى حلمك … يالغبائك أنت قلت أنه سهل أنه سيتحقق …ولكن الحال أنه لم يتحقق.. نعم لم يتحقق لقد دمرته …
خرجت إلى الحديقة المنزل ومعي دفتر مذكراتي وعلبة كبريت …قمت بحرقه وانفجرت بالبكاء…
-أمي : ليليا ماذا تفعلين ؟؟؟
-أنا: لقد تم الأمر الآن لم يبقى شيء منه ( اضحك ضحكة انهزام ) نعم لقد هزمت…
-أمي: هل جننتي مابك ؟ من هزمك ؟ تعالي معي …
وادخلتني إلى المنزل…
كان لدى أبي اجتماع مع شركائه لقد كان مخنوق بسبب ماحدث معي …
-أبي : أيها الزملاء أنا أريد أن أعتذر منكم لم أستطع أن أتفاعل معكم كثيرا ولكن أعدكم بإجتماع آخر سأعوض تقصيري ….وخرج…
لحق به مؤيد…
-مؤيد: سيد ناجي هل تسمح ؟؟؟
-ناجي : أهلا مؤيد … تفضل …
-مؤيد: لقد رأيتك مهموم هل حدث شيء…
-ناجي : والله يا مؤيد لا أعرف ما يحدث… لا تهتم سيمر إن شاءالله … اذهب إلى شركتك وأكمل عملك …
-مؤيد: حسنا…كما تريد…
خرج مؤيد وعلامات الاستفهام على وجهه …مابه هذا .. البارحة كانت قد نجحت ابنته ماذا يريد بعد … والله هذه العائلة لا يستطيع الواحد فهمها ….
بعد مرور شهرين لقد تقدمت إلى الدورة التكميلية وقد زدت خمس درجات أي أصبح مجموعي ٢٢٥ ….لم يتحقق حلمي هذه كانت الصدمة بالنسبة لي لم أستطع التحرر منها أبدا …
-أمي : ناجي أرجوك دعنا نسجل ليليا في الجامعة الخاصة وتحقق حلمها انظر أنها تحترق …
-أبي : والله ليس لدي مانع ولكن لا أستطيع القول لها عن الموضوع فهيا لم تستيقظ من الصدمة أبدا …والله لم أعد أعرف ابنتي كانت ضحكتها لا تفارق وجهها  الطفولي…كيف سأتحمل بعد وأنا أرى ابنتي تتألم !!!!
ليان في غرفتها يرن هاتفهاا …
- ليان: رقم غريب من هذا … نعم .. أهلا .. بالطبع… أي ساعة .. حسنا. … ألقاك …
استعدت وهمت بالخروج …
-أمي : ليان إلى أين أنت ذاهبة؟؟؟ …
-ليان : نعم أريد لقاء صديقتي ..هل تريدين شيئا؟؟؟.
-أمي: لا .. رافقتك السلامة …
وصلت ليان إلى مقهى ….
-ليان: أعتذر عن التأخير جعلتك تنتظر …
مؤيد: لا … ليست مشكلة … كيف حالك ؟؟؟
-ليان: الحمدلله .. وأنت؟؟
-مؤيد : بخير … أنت تتسألين عن سبب طلبي لمقابلتك .. والدك ليس بمزاجه أبدا وحتى أخوتك كرم وكريم …
- ليان: نعم صدقت .. أجواء المنزل ليست جيدة في هذه الفترة…
-مؤيد: ومالسبب… أعتذر لا أريد التدخل ولكن لقد شعرت بالفضول حيال ذلك …
-ليان: لا عليك .. بصراحة أختي ليليا هي السبب…
وقع اسمي على مؤيد كالصاعقة…
- مؤيد: ماذا … وما شأن ليليا؟؟؟
حدثته ليان عن السبب وأنني إلى الآن لم أستطع الخروج من الصدمة…
- مؤيد: هل يعقل ذلك … والله عقلي لا يستوعب …
-ليان : ليليا دائما هكذا إذا تعلقت بشيء اقتلها ولا تحاول أخذه منها ….
مؤيد في نفسه :  آه ياعزيزتي ليليا آه يا حبيبتي ويا معذبة قلبي لقد اتهمتك أنك غير مبالية لي لكن لم انتبه أنني غير مبالي لك أيضا لم يكن الحب بالقول بل هو بالفعل… أعتذر منك … ولكن سأقطع وعدا لك ولنفسي أنني. لن أدعك تتعذبين …
-ليان: سيد مؤيد أين شردت … هل حدث شيء …
- مؤيد .: لا .. لا لم يحدث شيء ولكن ماذا ستفعلون ؟؟
-ليان: ننتظر تقبل ليليا للموضوع …
- مؤيد : وإن لم تتقبل ..
- ليان : لا أعرف …
خرجت من غرفتي وذهبت إلى أبي كان جالس في غرفته ….
-أنا:أبي هل تسمح لي ؟؟؟
-أبي: تعالي يا زهرتي تعالي…
-أنا: أبي أريد أن اطلب منك شيئا …
-أبي : اطلبي …
-أنا : أريد أن ألعب رياضة الملاكمة …
-أبي : ماذا … وكيف خطر على بالك هذه ابنتي انها خطيرة ..
-أنا : أبي والله بقي القليل وانفجر ربما …
-أبي (مقاطع): لكي ماتريدين ياابنتي …
-أنا:حقا … أشكرك من كل قلبي …
-أبي : ابنتي لا أعلم إن كان الوقت مناسب ولكن أريد أن أقول لك أنني ليس لدي مانع بأن تدرسي الطب في الجامعة الخاصة…
-أنا: أبي أنا كان لدي حلمان الأول هو أن أدخل كلية الطب ولكنني لم أنجح بتحقيقه والآخر بأن أدرس في جامعة دمشق لذلك أسمح لي بأن أحقق حلمي الثاني …
-أبي : إن كان هذا سيسعدك ليكن كما تريدين …
-أنا : شكرا على تفهمك ياأبي ….
بعد مرور شهرين تخرج أخي كريم من كلية الاقتصاد وأختي ليان أصبحت في السنة السادسة من الطب وأنا أصبحت في السنة الأولى من الهندسة المدنية لقد اخترت هذا الفرع ألا يقولون أن كان أحد حلمه دخول كلية الطب ولم يتتحقق سيكون ملجأه كلية الهندسة المدنية… عندما دخلت الكلية أول مرة لقد تمزق قلبي إلى أشلاء …لقد عجزت عن قول كلمة فالحالة التي وصلت لها لا توصف …وقفت أمام باب الكلية ورأيت حشد من الطلاب قلت لنفسي كم من طالب فيها مثلي لم يستطع تحقيق حلمه وكم من قلب قد كسر ولكن بهذه البسمة يخفون آلامهم … لقد شعرت بضيق في التنفس خرجت مباشرة لم أفلح بالبقاء صامدة لقد انهمرت عيناي بالدموع ….عدت إلى المنزل والحزن لم يفارقني …
-أمي : ليليا هل عدت ؟؟؟كيف كانت الجامعة هل أعجبتك؟؟
-أنا: لم أجب سوى بالحمدلله ودخلت إلى غرفتي ونمت حتى الساعة التاسعة مساءا….نهضت من سريري وطلبت من سعاد أن تعد لي القهوة …وجلست في الشرفة ….
جلست أتأمل الشارع المقابل لمنزلي …  كانت شوارع دمشق في أوائل أيلول تبدو مبهرة بسبب الأمطار التي غسلتها وكأنني أراها لأول مرة …كانت أضواء الأعمدة الكهربائية المصفوفة على الشارع المواجه لشرفة تنعكس على الأرض لتهب المكان منظرا بغاية الروعة …. استنشقت نفساطويلا … وبدأت استرجع كل ما حصل معي .. كم حزنت على عدم تحقيق حلمي؟؟؟لقد كنت أقول أنه إذا لم يتحقق حلمي سوف أموت بالتأكيد …ولكنني أدركت أنني بقيت على قيد الحياة لم أمت بل أصبحت جسد بلا روح….لقد أردت أن أكبر بأقصى سرعة في الماضي ولكن عندما كبرت بدا كل  شيء وكأنه تعقد أكثر …. ياإلهي ماهذا القدر الذي تحتم علييي عيشه … قمت بتشغيل المسجل لكي استمع للقرأن وقد اخترت سورة مريم ..… عندما وصل الشيخ القارئ عند الآية
《 قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌۭ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْــًۭٔا 》 … انهمرت عيناي بالدموع وقلت يالله أسألك باسمك العظيم وسلطانك القديم… أسألك اللهم بقدرتك التي حفظت بها يونس في بطن الحوت … ورحمتك التي شفيت بها أيوب بعد الابتلاء أن لاتبق لي هما ولا حزناولا ضيقاولا سقيما إلا فرحته … اللهم أنك لا تحمل نفسا فوق طاقتها فلا تحملني من كرب الحياة مالا طاقة لي به وباعد بيني وبين مصائب الدنيا كما باعدت بين المشرق والمغرب … اللهم يامن فلقت البحر لموسى وانطقت في المهد عيسى ومنحت سيدنا زكريا غلاما وأمرأته عاقرا ارحمني وارحم ضعفي وقلة حيلتي …. يالله أنت تعلم سري ومايضمره قلبي … ربي بكلمة (كن)منك تسعد حياتي..  ربي قل لأمنيتي كوني … ربي قل لأمنيتي كوني …ربي قل لأمنيتي كوني … فإذا كنت أنت معي .. لاأحتاج سواك …اللهم لاتحرمني وأنا أدعوك ولاتخيبني وأنا أرجوك اللهم إنني أسألك يافارج الهم ويا كاشف الغم … يا مجيب دعوة المضطرين.. يارحمن الدنيا يارحيم الآخرة أرحمني برحمتك…
شعرت براحة كبيرة في قلبي فقد دعوت الله الذي لا يرد أحد …..
بعد مرور أسبوع لم انتهي من هذه الحالة ولكنني أحوال التأقلم معها…
في شركة مؤيد كان أبي هناك ….
-مؤيد : أهلا بك سيد ناجي.. تفضل …
- ناجي: سلمت …
-مؤيد: كيف حالك ؟؟؟
-ناجي : الحمدلله … بخير … قلت لكرم وكريم أن يقوموا بتجهيز الطلبية ويرسلوها إلى الموقع ….
- مؤيد : ممتاز شكرا لك … أريد أن أقول سيذهب عديد من المهندسين المدنيين والمعماريين من شركتي إلى منطقة مطلة على البحر فهم سوف يبدؤون برؤية مشروع جديد ويتناقشون به وأنا سأكون على رأسهم لذلك قد نحتاج إلى مواد … أي هل تستطيع تجهيزها خلال شهر …
- ناجي: والله فكرة جيدة … إن شاءالله سأقوم بتجهيزها …ولكن أريد أن أسألك هل المهندسيين كلهم متخرجين ؟؟؟
-مؤيد(باستغراب) : بالطبع. سيكونون متخرجين وذو خبرة …
-ناجي: أريد أن اطلب منك وأنت تعلم أن ابنتي ليليا قد دخلت فرع الهندسة المدنية ولكنها لم تقتنع به ولا تحبه أي أقول إذا يمكن من دون إزعاج أن تذهب معكم لكي تخالط المهندسيين وترى كيف يعملون لعلها تقتنع بدراستها…
لقد انصدم من طلب أبي … شعر بأن قلبه يغرد من الفرح لقد أتته الفرصة على طبق من ذهب كيف له أن يرفضها …
- مؤيد : (يحاول منع ابتسامته ) ماشاءالله هل دخلت الهندسة المدنية والله هذا الفرع جميل جدا … لا تقلق عندما تتخرج من الجامعة سأجعل فريق خاص من ذوي الخبرة أن يقوموا بتدريبها وستكون أبواب شركتي مفتوحة لها … وأما من أجل ذهابها معنا لقد فكرت جيدا .. ستكون الأنسة ليليا آمانة عندي وسأجعل بعض المهندسيين يحدثوها عن الفرع وما إيجابياته ….
- ناجي : أشكرك من كل قلبي وأنا ممتن لك وما فعلته لي سيبقى دين على عاتقي لذلك اسمح لي بأن تكون تكاليف هذه الرحلة علييي ….
-مؤيد : سامحك الله يا سيد ناجي هل يعقل عن أي دين تتحدث والله أنك بمقام والدي والأنسة ليليا بمقام أختي لذلك أرجوك لا تتحدث معي بهذا الموضوع .. أما من أجل طلبك فأنني أعتذر عن قبوله وذلك لأسباب شخصية …
-ناجي: شكرا لك ياولدي وحماك الله لوالديك ….والآن أرسل لي المواد التي تحتاجها لكي نبدأ بتجهيزها …
-مؤيد: إن شاءالله سأرسلها مع سالم …
-ناجي : إذا الآن يجب أن أستأذنك فيجب عليي الذهاب..
-مؤيد: رافقتك السلامة….
مؤيد في نفسه .. إيييه وأخيرا يا سيدة ليليا سوف نلتقي بعد طول أنتظار وبموافقة أبيك يالحظك يا مؤيد ( يضحك من سعادته) …. علييي أن اتصل ب لؤي وأخبره….

حلم لم يتحقق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن