ينظر المؤمن الي وجهه، ما احسنه! ما اجمله! خلقته حسنه، وتقويمه صحيح.
تنظر المؤمنة الي وجهها، يا لجمالها! يا لدلالها! يا لرقتها وعذوبتها وانوثتها!
أول زمرة دخلت الجنة منهم بصورة القمر ليلة البدر،
دائري مضئ صاف، يجذب الانظار ويشدها اليه لحسنه وجماله.
هذا جزء من نعيم المؤمنين في الجنة، أن ينظر احدهم الي وجهه فيسعد ويفرح، ويجد وجهه نضرا مُسفِرًا مشرقا.
ومن عدله[سبحانه] وحكمته وعلمه وفضله، أن ادخل اهل الجنة بصورة متقاربة، فليس فيهم قصير، وليس فيهم قبيح، وليس فيهم شيخ مسن ولا صغير ليس بناضج.
يدخلون الجنة علي مسحةأبيهم آدم علي طول ستين ذراعًا (٢٨مترًا) وعمرهم ثلاثا وثلاثين علي عمر عيسي عليه السلام.
وهذا عمر الشباب والنضوج،وهذا العمر تتوقف اعمار اهل الجنة، فيعيشون علي شبابهم الي ابد الابدين، لا يشيخون، لا يهرمون، لا يعجزون،
وكقلب ايوب الصابر المتعلق بالله تكون قلوبهم محبة لربهم، متعلقة به، ولا شيء احب اليهم في الجنة من زيارته، والنظر الي وجهه الكريم، ومحادثته[سبحانه] وجوههم ضاحكة مستبشره، ناعمة راضية، مضيئة صافية، لا تجاعيد فيها ولا تشوه.
من صفاتهم انهم بيض، لا سود فيهم،فوجوههم واجسادهم بيضاء منيرة، وليس لهم لحي، وشعورهم مجعدة، وعيونهم مكحلة.
لا يبصقون، لا يتمخطون، ولا يغوطون.
جمال في جمال، وحسن في حسن.
وهؤلاء هم الرجال فما بالك بنساء أهل الجنة؟
اليوم يجزي الله تلك المرأة الطائعة المؤمنة بجمال يفوق الخيال، ولا يخطر علي بال.
وكما نعلم، أن نساء الجنة(الحور العين) وهن نساء سواهن الله[تعالي] من الجنة وفي الجنة، ولكن اللواتي دخلن الجنة من نساء الدنيا ينشئهن الله[تعالي] بصورة اكثر حسنا وجمالا وكمالا منهن.
اما في وصف الحور العين، فجمالهن فتان، وسحرهن اخاذ، وفتنتهن طاغية، كل امرأة منهن جعلها الله في أجمل صورة، فالحواراء هي من عيناها شديدة السواد شديدة البياض، واسعتان جميلتان.
والعيناء هي ناعسة العينين، فاترة الجفنين من الرقة والانوثة، فلا تحملق ولا تحدق بعينيها.
كأنها لؤلؤة محفوظة في محارة، فجمالها نادر وفتنتها مبهرة.
بيضاء البشرة، نقيتها، لا نمش فيها ولا بقع وبياض بشرتها مختلط بالصفرة حتي لا يكون لونها كالبرص.
خدودها صافية كالياقوت، مصبوغة بصبغة حمراء كالمرجان، أنفها جميل طاهر من المخاط والاذي والرشح والبرد والزكام.
وإذا ابتسمت الحورية، بدت اسنانها بيضاء جميلة، تضيء القصر بإبتسامتها.
وشعرها اسود طويل، لا يخالط شيب ولا جعودة، فهو اسود مثل الليل، اجتمع مع وجهها الابيض البهي، الواضح الجلي، حتي كأن الشمس تجري فيه. ضياؤها ورائحتها العطرة يملآن ما بين السماوات والأرض .
ذراعاها، يداها، ساقاها، ورجلاها كل شيء فيها حسن جميل.
ومن جمال خلقتها انها لا تتبول ولا تتغوط ولا تمني ولا تحيض ولا تبصق ولا تتنخم(١) ولا تلد.
بكرٌ، طاهرة عذراء،(لم يقربها من قبل انس ولا جان).
........................................
(١)تتنخم: التنخم: لفظ البلغم.
........................................
فاضلات، خلوقات، مهذبات، ادبهن الله بحسن الكلام، ورقي الاخلاق والصفات، فلا يشتمن ولا يتكلمن بغيبة او نميمة، ولا يسئن الي احد.
وان في الجنة لمجتمعا للحور العين، يغنين باصوات لم يسمع الخلائق مثلها، وفي غنائهن ترويحا للنفس، وإبهاجا للقلب، وتسكينا للخاطر.
تلك هي الحورية التي خلقت في الجنة، لم تصل صلاه يوما ولم تخرج زكاة من اموالها ابدا ،لم تكابد مشقة الحياه ولم تجاهد شهوات الدنيا وملذاتها، كانت هذه خِلقتها بهذا الجمال العظيم، فبالله عليك كيف ستكون المؤمنة؛ التقية؛المصلية العابدة؟
انوارها تطمس نور الحورية، وجمالها يغطي عليها، وفتنتها اشد منها بآلاف المرات، عيونهم عالم بهيج وكلماتهن نغم يعزف ،ابتسامتهن فتنة، عناؤهن اسر، ضحكاتهن سحر، جمالهن لا يتصور.
وان الزوج إذا لاقي زوجته في الجنة ليجالسها أربعين عاما لا تمل منه ولا يمل منها، فهو يميل إلي زوجته في الدنيا اكثر من نسائه من الحور العين، ويجدها اطيب وارغب اليه.
وان المؤمنة في الجنة لا تبتغي الا زوجها، ولا تسعد الا بقربه، ولا تنظر الا اليه، وتقصر طرفها عليه حبا له وافتتانا به.
تتدلل اليه وتتحبب وتتبعل، تطيعه بسعادة ورضا، لا تسخط ولا تكفر العشير.
فينشأ بينهما حب حقيقي، عميق ابدي خالد، لا ألم فيه ولا وجع، حب سعيد مليء بمعاني الجمال.
هن المصليات، الصائمات، المتواضعات، المتصدقات، جزاهن الله جل في علاه خير الجزاء، وانشأهن إنشاءا جميلا لا نظير له.
هن الخيرات الحسان، خيرات الاخلاق حسان الوجوه، زوجهن الله للمؤمنين في الجنة، وفي ذلك نعيم وحسن للعشرة؛ومتعة مستمرة لا عارضة.
وبينما وليَّ الله في الجنة مع زوجته علي سرير من ياقوت أحمر، وعليه قبة من نور، إذ قال لها:
-قد اشتقت الى مشيتك.
فتنزل من سرير ياقوت احمر، إلي روضة مرجان اخضر، وينشيء الله[عز وجل] لها في تلك الروضة طريقين من نور، أحدهما نبت الزعفران، والاخر نبت الكافور، فتمشي في نبت الزعفران، وترجع في نبت الكافور، وتمشي بسبعين الف لون من للغنج(٢)
﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءَ بِمَا كَانُوٱ يَعْمِلُونَ﴾.
....................................
(٢)الغنج: الدلال.
.....................................