1

114 4 0
                                    

تنتظره فى المقهى حسب الموعد المحدد بينهم لكنه تأخر عليها كعادته معها ، شردت تفكر فى كل ما حل عليها منذ وقوعها فى حبه ، هى تعلم جيدا انه لا يناسبها اطلاقا لكنها وقعت له و انتهى الامر

نفضت تلك الافكار من رأسها و كانت تهم بالذهاب لكنها رأته يقترب منها بخطوات مليئة بالغرور و الكبر ليجلس امامها بلا مبالاة و كأنه مضطر للوجود هنا ..

اغتاظت كثيرا منه و من اسلوبه معها ليشع الالم و يظهر بوضوح فى عينيها حينما لمع بها الدمع و كان سؤال واحد فى تفكيرها هل هذا حقا هو عزت الذى كان يفعل كل المستحيل ليلفت نظرها له فقط ، هل هو نفس الشخص الذي اعترف لها بحبه و تمنى ان تعطى له فرصة لإثبات هذا الحب !!
لكنها تماسكت بسرعة قبل افلات ذمام نفسها منها و يلاحظ هو كسرة نفسها بسببه حينما هتف بعدم اكتراث : هو انتى جيبانى هنا عشان تسمعيني سكاتك ... فى ايه يا سما و انجزى عشان انا مش فاضى خالص ..

ردت فى محاولة منها للهدوء و اعطائه كافة المبررات حتى لا تحتد عليه و تخسره : انت مش بترد عليا ليه يا عزت و اتأخرت عليا النهاردة ده طبعا بعد ما اتحايلت عليك عشان نتقابل ..

اعاد نظره لها بملل ليرد ببرود : انا مش فاضيلك يا سما و بعدين بصراحه انا زهقت ...

تماسكى .. تماسكى .. هذا ما تخبر نفسها به حتى لا تنفجر فى وجهه من الغيظ : زهقت من ايه يا عزت ..

لا يزال يحافظ على بروده : من علاقتنا .. من ارتباطنا ... من كل حاجة تخصك يا سما ..
ليركز عينيه عليها و يكمل : انا مش عايز اكمل معاكى لانى فعلا مليت منك .. دلوقتي فى واحدة تانية فى حياتى و بصراحه مبسوط معاها اكتر منك عشان كدا ياريت توصلى لمامتك اننا مش هنكمل و كويس ان باباكى لسة ميعرفش حاجة عن الموضوع ده فياريت تنسينى تماما و كأننا منعرفش بعض ابدا ..

انهى حديثه الحقير و هو على تواصل بصرى معها يحاول منه ان يستشف اى شئ او رد فعلها لكنه لا يرى سوى الجمود بينما هى الى الان لا تستطيع ان تفهم ما يقصده بالضبط ... هل ينهي علاقته معاها بعدما عشقته ... بعدما اخبرت والدتها عليه بل و تحدتها انه يحبها و انها تثق به ... بعدما وقفت لأول مرة في حياتها امام امها و اتهامها لها لا تريدها سعيدة !!
هل حقا اعترف لها للتو بخيانته لها مع فتاة اخرى بل انها تسعده و هى لا تهمه ابدا ...
لم تحتمل كرامتها ابدا ما فعله و حديثه البارد حتى لم يكلف نفسه اعتذار لها ..

ثانية .. اثنان ... ثلاثة لتسكب على وجهه كوب الماء بمنتهى الغيظ و القهر و كادت تذهب ليمسكها بيدها بقوة و صاح بها بعصبية كبيرة لفتت انتباه كل الأشخاص هناك : انتى اتهبلتى يابت .. و حياة امك لاربيكى على الحركة دى ..

خلصت ذراعها منه بصعوبة لتصبح به هى ايضا بصوت عالى : انا اللى هربيك يا قذر على اللى عملته فيا .. وحياة امى اللى انت لسة حالف بيها لهدفعك التمن غالى اوى .. مبقاش سما لو مجبتكش راكع عندى ونا اللى هرميك يا عزت وقتها يا حقير .. انا هعرفك مين سما ..

و ذهبت سريعا من امامه لينظر حوله بغضب و يقسم بداخله انه حقا سينتقم منها ثم يصيح مرة اخرى بالجموع المتفرجة عليهم : خلاص خلصنا .. العرض خلص كلو يبص قدامه .
ليلقى المال على الطاولة و يذهب بينما عقله يخطط للايقاع بها مجددا و كيفية الانتقام منها على ما فعلته الان ..

بينما هي بمجرد خروجها من المقهى صعدت الى سيارتها الصغيرة فورا و قادتها الى ابعد نقطة عن ذلك المكان لتتوقف فى مكان خالى من البشر و تنفجر فى البكاء بصوت عالى و هى تتفقد اثر يده على ذراعها الرقيقة و تشعر بالالم منها لكن الالم النابع من قلبها كان اقوى لتخرج من فمها صرخة الم قوية و كل ما تفكر به الان انها فى حاجة الى امها لترتمى فى احضانها و تخبرها عما تشعر به الان ..

****************************

جالسة امامه كما هو الحال منذ وجوده في حياتها ، ارجعت رأسها للخلف لتعود بذكرياتها ل 3 أسابيع قبل اليوم ، هذا اليوم الذي كانت عائدة من عملها مثلما تفعل دائما و لكن اليوم كان مختلف.......... لقد رأته .
عندما كان ملقي علي الطريق و هو غارق في دمائه ، حاولت تجاهل الموضوع و الذهاب لكنها لم تستطيع ذلك ، شيئا ما جذبها اليه لمساعدته و حتي الان لا تعلم ما هو .

ترددت كثيرا و هي تفكر ماذا تفعل و كيف تتصرف ، لم تفكر وقتها سوا في صديقتها مريم لذا قررت اخذه الي بيتها و هي تدعو الله ان يكون قرارها صائب .

حاولت معرفة اي شئ عنه من خلال اوراقه الشخصية لكن لا يوجد شئ معه ، لا هاتف ولا اي شئ يثبت من هو و هذا جعلها تخشي ان تكون ورطت نفسها في شئ كبير فلم يخفي عليها ملابسه باهظة الثمن ولا مظهره الراقي .

: يلهوي ده خلصان خالص ، ده ولا اي دخل في لورى .... انتي عترتي فيه منين ده ؟
كان هذا حديث مريم عندما انتهت من تطهير و تضمييد جراحه .

لفتت انتباه امل بكلامها لتنظر لها بتقزز مزيف : عترتي ... انتي بتجيبي الالفاظ دي منين بالظبط ؟
عموما انا ملقتهوش .. هو اللي وقع في طريقي ، هو عنده ايه؟

مريم بنظرة حزن عليه : قولي معندوش ايه ، ده واكل علقة موت ، ونا عن نفسي مستغربة ازاي استحمل و مامتش ، ده متشرح و كله كوم و الخبطة اللي في دماغه دي كوم .

أمل باستغراب : للدرجة دي ؟

مريم : و اكتر ربنا يستر بس و ميبقاش في نزيف داخلي .

أمل بحزن علي هذا الغريب: هو هيفوق امتي ؟
: مش دلوقتي خالص ، ممكن يطول عن الاسبوع كمان بس هنعمل فيه ايه الفترة دي ؟
زفرت امل و هي ترد : ولا حاجة هيفضل هنا لحد ما يفوق ان شاء الله.

منذ ذلك اليوم و هي تأتي كل يوم بعد عملها لرؤيته و الاطمئنان عليه ، تنتظر بفارغ الصبر استيقاظه و تتمني من كل قلبها ان يكون بخير .

فاقت من أفكارها علي صوت انآت مصدرها هذا الغريب مما جعل السعادة في قلبها لا توصف.
:حمدلله علي السلامة ، حاسس بايه ؟
كان هذا صوتها عندما فتح عينيه لينظر لها و هي تبتسم له بفرحة حقيقية .

نظر حوله باستكشاف قليلا ليرد و هو يسئل : انا فين و ايه اللي حصل؟

نظر لها بضع لحظات قبل ان يعود و يسئلها : ونتي مين ؟

لم تكاد ترد عليه و هي لازالت علي وضعها و ابتسامتها عندما سئلها السؤال الذي كان السبب في تلاشي تلك الابتسامة و جعل تعابير وجهها كمن وقعت على رأسه مبنى بأكمله : ونا مين ؟

لكنه العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن