سُمع صوت الطلقات فى الهواء تعبيراً عن فرحهم بهذا الزواج .. كانت الطلقات تخترق السماء بعشوائيه .. لكن أحدى الطلقات لم تنطلق بعشوائيه .. بل انطلقت متعمدة .. متعمدة لأن تخترق أحد الأجساد .. انطلقت الرصاصة تعرف وجهتها جيداً .. تعرف فى أى جسد ستستقر .. ولم تخطئ الرصاصة وجهتها .. واستقرت فى الجسد الذى أطلقت من أجله .. لتنفجر الدماء من هذا الجسد قبل أن يسقط أرضاً .
تعالى الهرج والمرج وبدأت النساء فى الصراخ قفز قلب "مريم" من مكانه وهى تردد :
- استر يارب .. استر ياربتجمهر الرجال وتعالت أصواتهم :
- اتصلوا بالإسعاف بسرعة
- مين ابن التيييييييت اللى عمل اكده
- هاتوا حاجه نكتم بيها الدم
ووسط الرجال المتجمعين حول بركة الدماء التى خلفها النزف .. كان "مراد" جاثياً على ركبتيه حاملاً رأس "جمال" فوق ذراعيه وأخذ يقول بصوت مضطرب :
- "جمال" .. متقلقش الإسعاف فى الطريق
ثم صرخ فى الرجال قائلاً :
- اقفلوا الباب كويس عشان اللى عمل كده ميهربش ومتسمحوش لأى حد انه يخرج من هنا
نفذ الرجال أوامره وأغلقوا البوابه الخارجية تماماً ولم يسمحوا بخروج أحد على الإطلاق
أخذ "سباعى" يردد :
- ولدى .. ولدى "جمال" .. مين اللى عمل اكده .. آه يا ولدى
ربت "عبد الرحمن" على كتفه محاولاً تهدئته .. تعالت أصوات صراخ النساء وخاصة أم "جمال" .. فصعد اليهم "عبد الرحمن" مسرعاً وصرخ فيهم قائلاً :
- أى حرمه فيكم هتفتح خشمها يمين بالله لطخها
انزوت النساء وهن يشعرن بالخوف من تهديد "عبد الرحمن" .. وكتمن صرخاتهن .. نظرت "مريم" من الشرفة مع النساء المتجمهرات فى الشرفة ورأت "جمال" نائماً على الأرض والرجال حوله .. نظرت اليه بأسى وقالت بصوت خافت :
- يمهل ولا يهمل .. اللهم لا شماته
فتح "عثمان" البوابه لتدخل سيارة الإسعاف التى حملت "جمال" و "سباعى" وزوجته وانطلقت الى المستشفى وانطلق خلفهم "مراد" بسيارته .. و "عبد الرحمن" بسيارته وقال لـ "عثمان" :
- خليك اهنه يا "عثمان" متسمحش لحدا انه يمشى لازمن نعرف مين اللى عمل اكده .. مين اللى استجرى يطخ "جمال" فى بيتي
- حاضر يابوى متجلجش
أمر "عثمان" الرجال بغلق البوابه لحين حضور الشرطة .. تجمهر الرجال وكل منهم يحاول تخمين هوية من أطلق النار على "جمال" .. قال أحد أفراد عائلة "السمري" :
- لا حول ولا قوة الا بالله
قال أحد رجال "الهواري" بغيظ :
- مش عارفين تحمونا فى بيتكم يا ولاد "السمري" .. ينطخ ابن كبيرنا النار فى داركم
قال أحد رجال " السمري" بحده :
- ملناش صالح باللى حوصل .. الله أعلم مين اللى عيميلها
قال أحد رجال "الهوارى" غاضباً :
- هيكون مين اللى عيميلها غير حدا منيكم
قال أحد أحد رجال "السمري" غاضباً :
- واحنا اييه مصلحتنا نعمل اكده مادام ابنكوا وافج يتجوز بنتنا
قال أحد رجال "الهواري" متهكماً :
- ما انتوا لو كنتوا عرفتوا تربوا بنتكوا مكنش حوصل اكده
وقامت معركه بين الرجال وتعالت أصوات النساء بالصراخ مرة أخرى .. دخلت "مريم" الى احدى الغرف الشاغرة وأغلقت الباب عليها .. كانت تشعر بالرعب وظل قلبها يخفق بشدة .. جلست على الفراش وظلت تستغفر ربها وتحاول أن تهدئ روعها وتوقف ارتجافة جسدها .. بعد لحظات حضرت الشرطة وفرقت الرجال .. وأخذوا أقوال الجميع وانفض الجمع .
أنت تقرأ
قطة في عرين الأسد (للكاتبة منى سلامة)
Romanceالخيانــة .. هذا الخنجر الغادر الذى يطعن الإنسان فى غفله منه .. لا يتطلب سوى لحظات حتى يتمكن نصل الخنجر من الانغماس داخل قلبك ويسيل الدم منه أنهاراً .. لكنك تحتاج الى سنوات وسنوات للشفاء .. أحيانا تُشفى وأحياناً لا .. تظل مرارته ملازمة لك طيلة عمرك...