استيقظ "مراد" من نومه ونظر الى "مريم" النائمة وهو جالس على الأريكة .. عزم أمره على اخبارها بكل شئ عن اعاقته وعن زواجه السابق .. اليوم سيخبرها بكل شئ وليكن ما يكون .. لن يتحمل هذا البعد أكثر .. إن أرادت أن تخرج من حياته فلتخرج لن يجبرها على البقاء ولن يرجوها لتبقى .. يعلم أن فى هذا عذاب شديد له .. لكنه أرحم من عذاب قربها وبعدها فى نفس الوقت .. إما أن تكون له .. أو لا تكون .. دخل الحمام ليأخذ دشاً وأخذ يفكر .. نعم عزم أمره واتخذ قراره بمصارحتها بكل شئ .. لكنه يعلم جيداً أن هذا العزم وهذا الإصرار لا يمنع قلبه من الخفقان خوفاً .. بنظرة واحدة منها إما أن يكسبها للأبد وإما أن يخسرها للأبد .. لن يرحمها ان رأى نظرة شفقة واحدة فى عينيها .. أو نظرة نفور .. كلاهما يبغضه .. كلاهما يقتله .. كلاهما يرفضه .الأولى رآها كثيراً فى عيون "ناهد" و أختيه وأصدقائه والممرضات فى المستشفى .. حتى قرر ألا يدع أبداً أحداً يراه بدون ساقه الصناعية .. مهما كان ومهما حدث .. لم يسمح لأحد أبداً منذ أن خرج من المستشفى أن يراه ناقصاً .. معاقاً .. عاجزاً .. لا يستطيع الحركة بدون ساقه الصناعية ..
والنظرة الثانية رآها فى عين زوجته السابقة .. النفور .. لم تكن نظرة .. بل خنجراً انغمس داخل قلبه .. لتسيل منه كل دمائه وتسقط أرضاً دون أن تأبى لها .. لن يتحمل رؤية أى من تلك النظرتين فى عيني "مريم" .. ان فعلت فسيلفظها لفظاً خارج حياته وللأبد .. ظل يتمنى شيئاً واحداً .. ألا يرى أى منهما فى عينيها .. الشفقة .. و النفور****************************************
قالت "سارة" لـ "نرمين" على طاولة الطعام :
- لسه لحد دلوقتى مش قادرة أصدق ان مامة "مراد" عايشة
ققالت "نرمين" بإستغراب شديد :
- ليه بابا الله يرحمه قالنا وقاله انها ماتت وان أخوه كمان مات ؟
قالت "سارة" بدهشة :
- وكمان مش قادرة اصدق ان "مريم" كانت مراة أخو "مراد" التوأم .. قصة ولا فى الأحلام
قالت "نرمين" متسائله :
- يا ترى ماما مضايقة من وجود مامة "مراد" هنا ؟
قالت "سارة" بسرعة :
- لا طبعا انتى مش عارفه ماما ولا ايه
ثم قالت بأسى :
- وكمان انتى شافيه حالها عامل ازاى .. صعبانه عليا اوى انها مبتتكلمش .. "مريم" بتقول ان ده حصلها بعد وفاة أخو "مراد"
قالت "نرمين" بحزن :
- زمان "مراد" زعلان عشانها أوى .. بس أكيد فى نفس الوقت فرحان انه شافها************************************
استيقظت "مريم" ورأت "مراد" خارجاً من الحمام يحمل منشفته ابتسم لها قائلاً :
- صباح الخير يا كسلانه
ابتسمت بصعوبة وقالت :
- مش عارفه ليه حسه أكن حد كان بيضربنى طول الليل
انفجر "مراد" ضاحكاً .. وقال :
- برئ يا بيه .. مجتش جبمك
ضحكت هى الأخرى وقامت متكاسلة .. أوقفها "مراد" قائلاً وبدا عليه القلق وقال :
- "مريم" عايز أتكلم معاكى النهاردة فى حاجة مهمة
ظهرت علامات الجدية على وجهها وقالت :
- أنا كمان عايزة أكلمك فى موضوع مهم
قال "مراد" بإهتمام :
- عايزة تقولى ايه
سمعت طرقات دادة "أمينة" على الباب وهى تقول :
- الفطار يا سي "مراد"
قالت "مريم" بسرعة وهى تدخل الحمام :
- نفطر وبعدين نتكلم
وقفت "مريم" تنظر الى نفسها فى المرآة وهى تشعر بتوتر بالغ .. كيف ستخبره .. كيف سيتقبل الأمر .. تُرى ماذا سيكون رد فعله .. كان الأمر أهون حينما كانت تظن أن "زهرة" والدة "ماجد" فقط .. وأنها بالنسبة له زوجة أبيه .. أما وأنها والدته .. فقد إزدادت خوفاً على خوف .. لكن يجب اخباره .. لا حل أمامها سوى اخباره بكل شئ .. فليظن ما يظن .. لم يخطئ أحداً فى شئ .. ستخبره وليكن ما يكون
أنت تقرأ
قطة في عرين الأسد (للكاتبة منى سلامة)
Romanceالخيانــة .. هذا الخنجر الغادر الذى يطعن الإنسان فى غفله منه .. لا يتطلب سوى لحظات حتى يتمكن نصل الخنجر من الانغماس داخل قلبك ويسيل الدم منه أنهاراً .. لكنك تحتاج الى سنوات وسنوات للشفاء .. أحيانا تُشفى وأحياناً لا .. تظل مرارته ملازمة لك طيلة عمرك...