١٠- محتل
هبط التلة ورائها بفترة وجيزة تاركا لها مساحة من الحرية لتنفرد بنفسها داخل كوخها ليمر من أمامه اللحظة ليقف ببابه برهة، وأخيرا اندفع داخلا لكوخه الملاصق ممنيا نفسه بقرب الوصل وداعما روحه بالصبر تلك الساعات التي تفصله عن قربها الذي تمنى ..
تمدد داخل كوخه مسهد لا نعاس يزور أجفانه .. عيونه معلقة بسقف الكوخ الخشبي وقلبه معلق بتلك التي يفصله عنها حاجز مشترك من أعواد من نبات يشبه البامبو إلى حد كبير ..
دفع بنفسه من موضعه واتجه برأسه يضعها على ذاك الجانب المشترك بينهما لعلها تنام بهذا الجانب فيهنأ بقربها ولو وهما ..
همس، ربما تكون قد راحت في سبات عميق :- حياة ..
ردت بهمهة خفيفة جعلته يدرك أن موضع رأسها على ذاك الجانب بالقرب من موضع رأسه بالفعل، فابتسم في راحة هامسا: هل من الممكن ..
قاطعته هامسة: إلى الغد آدم .. إلى الغد ..
قهقه رغما عنه هاتفا: أنا لم أقل شيئا.. كيف استطعتِ معرفة ما كنت بصدد سؤالك عنه !؟..
همست وابتسامة تكلل شفتيها وهى تضع كفها على موضع قلبها الذي بدأ يرفرف بين جنباتها لسماع صوت ضحكاته: وهل لديك أمر آخر يشغل تفكرك غير هذا !؟..
أكد مبتسما : بكل صراحة .. لا.. لكنى أشعر بالقلق ..فإعطاءك مهلة للغد يوترني فقد تغيرين رأيك بعد أن حصلت على موافقتك أخيرا ..
ابتسمت هامسة: لا تقلق .. فلن أغير رأيي، فأنا لا قبل لي على مواجهة رغباتك الدفينة والتي ستطلقها خلفي .. ألم تقل هذا عند عرضك الثاني للزواج !؟..انفجر مقهقها وأكد: بلا فعلت .. ويعلم الله كم جاهدت في سبيل تهذيب تلك الرغبات .. لقد علمتني الفضيلة، وهذا عكس طبيعتي ..
كان دورها لتعلو ضحكاتها قبل أن يشملهما الصمت للحظات، لتقطعه هى هامسة بنبرة مترددة: لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي دفعني لقبول الزواج بك.. بل ..
حثها متلهفا وقد اعتدل متطلعا إلى الفاصل بينهما وكأنما خيل إليه أنه يراها من ورائه، يرهف السمع لجوابها بعد أن هتف مصرا: بل ماذا !؟..
همست بنفس النبرة المترددة: بل لأن لا قبل لي على قتلك دفاعا عن الشرف ..ابتسم دون أن يعقب يعرف أن السبب الحقيقى قادم في الطريق لتستطرد: ولأني ايقنت أني لن أستطيع العيش وحيدة دونك بتلك الجزيرة .. وأن الحق كان معك عندما قلت أن خسارتك ستكون فادحة وقد ايقنت هذا عندما اعتقدت أنك غرقت.. كانت لحظات من كابوس ..
همس معتذرا: أنا آسف ..ثم هتف فجأة مهللا وقد تنبه لحقيقة ما: بل لست بأسف .. لست آسفا على الإطلاق .. فلولا تلك المزحة ما كنتِ اقتنعتِ بقبول الزواج بي .. ليتني قمت بها منذ زمن ..
علت ضحكاتها ليهمس من جديد :- حياة ..
همست بدورها :- إن غدا لناظره قريب .. تصبح على خير ..