١٥- العنقاء

12.9K 932 403
                                    

               ١٥- العنقاء

شهر كامل ما وطأت قدماه أرض الفيلا و لا أبصرت حتى محياه بالشركة .. والأسبوع الأخير كان فيه من الفوضى والمفاجآت ما  أربكها تماما وخاصة مع عدم وجوده..

لقد انقلبت الأمور بعد رحيله بسرعة عجيبة واتضح ما بين عشية وضحاها خيانة مهني مدير أعمالهما واستطاع ذاك الموظف الجديد المدعو سامي الحصول على ما يدينه ويؤكد خيانته للأمانة التي تركها جدها بين يديه ..

تحقيقات واستدعاءات جعلت رأسها يدور..

وما عاد لديها القدرة على الصمود أمام ذاك التشويش  .. لكن أخيرا انتهى كل هذا .. دخلت غرفتها غير قادرة على التفكير للحظة آخرى وودت لو كان لديها إمكانية إيقاف عقلها عن العمل لبعض الوقت حتى تهدأ وتعود لطبيعتها .. يا ليتها تملك زرا للتخلص من معاناتها وخاصة إمكانية حذفه من مخيلتها كليا لتستأنف حياتها من جديد ..

إنه كالظل الذي يتبع أفكارها وخواطرها ويلوح كالشبح ما بين طيات ذكرياتها ويتسلل كلص سارقا النعاس من أجفانها .. لقد رحل منذ آخر مواجهة بينهما .. غادر حتى دون أن تشكره على كل ما فعله من أجلها .. على  تخليصها من شبح الماضي بمواجهته والثأر لحقها المسلوب وكرامتها الضائعة واتخاذ قرارها بتسليم الأوراق التي عثر عليها مع شهاب للشرطة لتقتاده وأخته خلف القضبان لتطوي صفحة الماضي بلا رجعة ..

رحل بعد أن اقتنع اخيرا أنها لا تصلح له فهو أحق بامرأة افضل ..امرأة تهبه ما يستحق لأنه يستحقه عن جدارة لا امرأة بجسد معطوب وقلب جريح وروح مهلهلة .. تنهدت في وجع وجلست على طرف فراشها تتطلع حولها في تيه تشعر أن موضع ما داخلها يتلوى ألما لا تدرك كنهه كلما جال بخاطرها ذكره .. دمعت عيناها لسبب تجهله أو ربما تتجاهله.. إنه الحنين .. الحنين لصوته ومزاحه ومرحه وحتى مجونه ..

تنبهت عندما تناهى لمسامعها إشعار ما .. فتحت حقيبتها وتناولت جوالها معتقدة أنه أمر ما يخص الشركة والتحقيقات مع مهني  ذاك النصاب الذي استغل ثقة جدها واختلس الكثير من أمواله وزور الكثير من قرارته لصالح منافسين ..

حتى أنه باع بعض الأسرار الخاصة بشركة جدها لبعض الطامعين .. كان جدها يعلم كل هذا فسمعته الطيبة بالسوق وصلاته المختلفة جعلت البعض يحذره من مدير أعماله الذي استولى على إدارة كل شيء وما كان جدها بقادر على تغير الأمر الواقع لأنه لا بديل حتى ظهر سامي الذي كان مهني يرفض تعيينه لولا تدخل نهى لتؤكد أنه الأفضل من بين من تقدموا للوظيفة وكانت على حق تماما فلولاه لظل الوضع على ما هو عليه .. 

فتحت الرسائل الصادرة ليطالعها اسمه .. نبض قلبها تسارع بشكل عجيب .. تسمرت للحظة قبل أن تضغط زر الاستماع لهذه الرسالة الصوتية التي أرسلها ..

صوته الرخيم الذي اكتشفت أنها اشتاقته حد الوجع هز وترا مشدودا داخل روحها جعل قلبها يترنح وجدا.. حاولت اشعار نفسها
بثبات وهمي وأن تركز على فحوى الرسالة والتي همس بكلماتها في شجن :- "حياة.. هذه هى آخر رسالة ابعث بها إليكِ .. صدقينى كانت ضرورية بل حتمية لكن أعدك ألا أزعجك مرة آخرى ..

السماء تشهد أيها الماجن .. مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن