٧-لا احد
تعالت تلك الصرخات داخل فيلا السعيد، ما أثار تحفظه لهذا الصخب الغير مبرر..
حاول النهوض من على فراشه وحيدا، لكنه لم يستطع فأخذ ينادي على أحد الخدم أو نهى لتأتي لمساعدته في الجلوس على الكرسي المدولب الذي أمره الطبيب باستخدامه بشكل دائم حتى لا يجهد قلبه بالسير على قدميه..
أخذ في النداء من جديد إلا أن تلك الصيحات كانت عالية كفاية لتصم الآذان عن سماع نداءاته .. تنهد في قلة حيلة منتظرا أن يأتيه أحدهم ليخبره بما يحدث ..
هتفت نهى من بين أسنانها محاولة السيطرة على غضبها في وجه ذاك الحقير شهاب وهو يصرخ بهذا الشكل المثير للحنق: قلت لك أخفض صوتك وأنا على استعداد للتفاوض معك فيما تريد ..
تنبه شهاب في فرحة لما تعرض، وهتف في تخابث: تتفاوضين في شأن إرثي من ابنة خالك، أليس هذا ما تعنين !؟..
حاولت نهى السيطرة على الموقف قدر استطاعتها حتى لا يصل صوته الجهوري إلى مسامع جدها فهتفت تهادنه: تعال إلى مكتبي وصدقني لن نختلف .. لكن عليك الرحيل الآن .. أرجوك..
نظر شهاب إليها في ريبة، وأخيرا هتف في سماجة: حسنا .. سأت لمكتبك ونتشاور واعلمي أني لن أتنازل عن حقي أبدااا ..
كانت نهى تعلم أن لا حق له من الأساس في أي إرث، لكن ما كان بيدها حيلة إلا الإزعان لتهديداته المبطنة، وخاصة أن جدها مستيقظا بالداخل ولا تريده أن يقابل ذاك الحقير ويعلمه بأمر حياة، لذا هزت رأسها في استسلام مؤكدة: صدقني سأعطيك كل ما تطلب .. لكن ارحل الآن..
أومأ شهاب برأسه موافقا، وخرج من باب الفيلا لتزفر نهى في راحة مندفعة لتستطلع أخبار جدها ..فتحت باب حجرته في هدوء متطلعة لموضعه على الفراش، ليتنبه هو لوجودها هاتفا: ما هذا الصخب الدائر بالخارج !؟
ابتسمت نهى مؤكدة : لا شيء ذو أهمية يا جدي .. مشكلة مع بعض الخدم وانتهت على خير .. لا تشغل بالك إلا بصحتك أيها السعيد..
قهقه جدها في مودة هاتفا :- أما كفاكِ تدليلا لجدك العجوز !؟..
هتفت نهى في مرح: أبدااا .. سأظل أدلك ما حييت .. فأنت أروع جد ..
ومالت تطبع قبلة حانية على جبينه، ليبتسم هو في محبة خالصة لحفيدته الشقية .. وتمنى داخله عودة حفيدته الأثيرة حتى يهنأ بقربهما سويا ..
*************
خرجت من كوخها عندما بدأ الليل يرخي سدوله، لتجده ممددا أمام كوخه ناظره شاخصا للسماء .. جلست في هدوء دون أن تنبس بحرف .. أدار وجهه إليها لتستقر نظراته عليها للحظة، ثم أعاد وجهته للسماء من جديد هامسا في قلق : الهدوء الليلة قاتل .. هدوء مثير للريبة ..