والد مصطفى: اتفضل الحلو عايز ينزل التربه مع نزيه ..
مختار :خلاص سبهولي يا مصطفى و روح شوف انت الناس اللي جاي تعزيك ..غادر والدي وقرب منى عم مختار ، وقالي :تعرف يا واد يا نادر ، انت فكرتني بنفسي وانا ادك كنت بروح بالليل احدف طوب على الترب علشان اخلى الميتين يطلعوا ..وكنت زعلان على ابويا ، وقلت كدا ممكن
ارجعه ثاني لو صاحي من الطوب.
نادر: بس انا عارف ان الميتين مش هتطلع، انا عاوز بس اشوف التربه من جوهنظره مرعبه من مختار: طب ايه رايك اني اخليك تدخل التربه وتدفن عمك كمان..
تهللت اساريري فرحا فضلت لازق في عمي مختار طول الوقت..
بس امنيه اختي لقيتها جايه تقول لي: تعال معايا.
طلعنا فوق سطح البيت وشافنا كل الاجواء من فوق..
عرفت في اليوم ده معنى اليوم الاسود بكل معنى لذلك المصطلح.
شفت نساء متشحات بالسواد وهي يتوافدون من كل اطراف القريه ويدخلوا البيت في اسراب سوداء..
اما داخل المنزل فاقسم اني ما شفتش غير اللون الاسود ممتد من بوابته ومدخل البيت وفنائه، وبعدها اقتحم اللون الاسود كل المنزل زى الوباء المميت...فضلنا فوق نتفرج لحد ما شفنا حاجه خليتني نزلت اجري.
قبل الظهر بساعتين، لقيت ثلاثه كده بدقون داخلين البيت وشايلين شنط سوداء. بصراحه خفت.. وبدات اركز.. سمعتهم بيقولوا: جبنا ورق السدر والمسك..
و هنا كانت اول مره اعرف حاجه اسمها غسل الميت.
في داخل الاوضه ومعهم ابويا وعمو مختار و ابن عمي، و قفله الباب،
كنت هتجنن واشوف.. لحد ما الباب اتفتح ووالدي خرج منهار من البكاء،وفضل يقول: اه يا اخويا اه يا شحاته.. يا ظهري..
الباب اتساب متوارب فسرقت النظر جوه وشفت رجل عمي وبعدها وشه.. اصفر شاحب.. خلّى دقات قلبي تتسارع.ما اقدرش حتى اقول انه اصفر انسب كلمه هو لون الموت..
كان شبه النايميين، لكن دقات قلبي المتسارعة كانت بتقول شيء ثاني.
واحد من المغسلين اتحرك ووقف قدام وش عمي، وبعدها اتحرك من قدامه ثاني في اذا بي اجد عمي عنيه مفتحة!!
ايوة مفتحة وبيضاء تمام ما فيهاش النني الاسود خالص، حسيت بشعر راسي كله بيوقف و حراره انتابت جسمي كله ومع كل هذه الحرارة رعشة عنيفة اجتاحت جسمي بالكامل انتهت مع الباب وهو بيتقفل من جوه.. اتقفلت شاشة عرض اول فيلم رعب حقيقي اشوفه في حياتي.
الساعه دلوقتي 11 صباحا، و دخل مجموعه شباب شايلين نعش الاوضه اللي عمي فيها ودخلت المره دي عادي لقيت عمي عباره عن مخده.. تفكير وادراك وقتها، شفت عمي عبارة كيس مخده كبير وهو جواه..
الكفن الابيض طبعا دا المقصود.. لكن هو ده حجم ادراكي وقتها.شالو حطو في النعش.. وهم بيقولوا بالراحه ـ الراس الاول -سموا الله.
وبدات تتعالى صرخات الستات(( الفاصل المعتاد في ذلك اليوم الاسود ))
وطلعنا بيه على الجامع.. استنينا صلينا الظهر و بعدها صلينا الجنازه وبعدها توجهنا بالنعش للمقابر عندنا
) انتم السابقون ونحن اللاحقون )
ده النطق بالضبط اللي الحاج مختار قالو واحنا داخلين المقابر وانا ماسك ايده وايدي ضاغطة على يده جدا وكاني باحتمي بيده وبتطمن بها.و مشينا بين شوارع المقابر لحد لما وصلنا لمقابر عائله فوده.. وانا عمال اتامل المقابر..
-المقابر عندنا غير عند ناس كثير..
ما بننزلش لها بسلم هي عبارة عن اوضة فوق الارض بنفتح الباب، ونحط الميت ونقفل عليه..الغريبه واحنا ماشيين بالنعش بقت فجأة الناس تغير اتجاهها فيحصل لخبطة ونقف ونرجع نكمل مشى.. لدرجه اننا في شارع الترب مشينا وخلصناه ورجعنا جبناه من الاول ثاني.. والناس واخذة الموضوع عادي دون اعتراض.
شديت دراع عم مختار وقلت له: هما بيقولوا سيبوا يسلم لي ؟ انا مش فاهم!
مختار: عمك بيختار الشوارع اللي فيها حبايبه واللي سبقوا وجم هنا في قبله فبيسلم عليهم زي الحج ر ياض والحاج رجب وامراته والحاج محمد والحاجه انيسة سيبه يسلم ي نادر ويوصلهم سلامنا كمان .
بعدما وقفنا قدام التربه بتاعه فوده كبير ..الحاج مختار شال الجثة، وقال ايدك معايا يا نادر وكان دي الاشاره
شلت معاهم ودخلنا التربة .
ريحتها صعبة اوى ..ريحة مزيج من الرطوبه على عفن على روايح تانية متبقيه ..ريحة الموت!
الحاج مختار: لفوا شحاتة على القبله يا شباب .
نيمناه على الارض،و بدا التربي يعمل اكثر من حاجه رفع راسه بالراحه وزق من تحتها شوية تراب، وجه عند الكفن عند الوش تحديدا و فك الكفن من غير ما يكشف وشه ..كل ده وانا متنح لان اول مره اخوض تجربه زي دي ..
وصاح الحاج مختار: مع السلامه يا شحاته.. السلام امانه لسيدي فودة.. وسمعت صوت والدي مع السلامه يا اخويا لحد ما اجيلك ..مع السلامه يا حبيبي.. سلم على ابويا .وخرجنا واترزع الباب وصاح احدهم :
- اسالوا لاخوكم التثبيت انه الان يسال.مشينا وسبنا وحيد..
الله اعلم مصيره ايه؟ لكن المهم اننا سبناه زي ما سبنا قبل كده واقفلنا عليه باب الاوضة .. وانا دماغي تشبعت جدا باللي دخلها من المعلومات.
مرت الايام و العزا خلص.. وفي تالت يوم العزا سمعت عن حد مات ثاني من القريه
اتسحبت من البيت..
لقتني لا ارادي رايح الدفن، وفضلت ادخل وسط الناس لحد ما وصلت القبر وقفت التراب الاهل البيت فاتحه للقبر ووقفت برة .
التربي واهل الميت فتحوا القبر وعملوا نفس اللي اتعمل مع عمي .
كنت واقف عند باب القبر اتامل بتركيز اكبر من المره اللي فاتت وبجراءة اكبر
وعيني عباره عن مرصد يراقب كل ما يحدث و يسجل باعلى جوده،
وتساءلت هو انا كنت جوه زي الناس دي كده وانا بدفن عمي !وقررت وقتها ان الموضوع مش هيكون مجرد ثاني واخر مره ابدا ..
عدت للتجربه دي و فضلت فترة اكرر .. اكرر الموضوع ونسيته ..لحد لما
دخلت مرحله جديده بتجربه جديده ثانيه خالص مرحله عمر 15 سنه -17 سنه تقريباااا
***
فون كومنت فولوا ❤❤❤