ارض الترعة
مش مقـرره هعمـل إيـه بالظبـط !
كانت الساعة تقريبا ١٢ بالليـل لمـا سـبتها، ومشيت و أنـا لـسـه دماغـي
مشيت في الشارع أقلب كل اللي حكته في دماغي..
أد إيه الست دي دماغها توزن بلد ومش جاهلة..
أد ايه مش سهلة و اتعرضت لمواقف رهيبة إلا إنها قوية.. ابتزتني عشـان
تبيـع الـلـي عـاوزه تقولـه.. أيـوة الـلـي هـي عـاوزة تقولـه.. لأني متأكـد تماما إنها
خبت حاجات كتير.. وحـكـت الـلـي هـي عـاوزة تحكيـه بـس.. موضـوع إنهـا
ظهرت وسـط النـاس واختفت فجأة ده معناه إيـه بـرضـو؟
أسئلة كتير وأفكار متداخلة فقـت منهـا وأنـا في شارع الترعـة بـين بلدنا
والعزبـة الغربية.. فقـت عـلى صـوت حاجـة بتقـع في الترعة.. حاجـة كبـيرة
وعملت صـوت.. وقفـت بصيـت مـن بعيـد عـلى الترعـة أشـوف في إيـه؟
صمـت تـام.. كملت مشي بعدهـا سمعت حاجة زي مـا تـكـون بتعـوم في
. وقفت الصـوت سكت.. رجعت كملت مشي الصوت كمل..
الله جنبي
وقفت وقلت مابدهاش مشيت ناحية الترعة.. كان في شجر غـاب حاجب
الرؤية.. الرؤيـة دي بالمناسبة يـا دوب نـور القمر..
مشيت جـوة الـغـاب ده وبقيت أزقه بالراحة يمين وشال عشـان أوصـل
للترعة لحد ما وصلت.. منسوب الميه كان منخفـض زيـادة عـن اللـزوم فبايـن
الحاجات اللي في قـاع الترعـة مـا بـين حيوانات ميتـة عـلى زبـالـة عـلى شـولة
بتاعة سياد.. بـس فـيـه وسـط كل دول حاجـه كـده مـكـورة وكبيرة وبارزة عـن
كل الحاجات اللي حواليهـا في أرض الترعة..لكـن عشـان هـي مـش زي أي حاجـة غرقانة في الترعة اتحركـت و بـدات
تقـوم.. أو تحديدا اتفـردت.. وقفـت واتفردت وطولت طولت طولت لحد
مـا بقـت حاجـة مـش طبيعيـة.. سـت نحيفـة جـذا طويلـة شـعرها منكـوش
ومـش قـادر أشـوف ملامحهـا مـن الطـين.. الـلي كاسيها..
95
اتحركت ببطء ناحيتي.. بـدأت أنـا كـان أتحـرك بضهـري ببطء شديد
جوة الغاب واحـدة واحدة.. وقفت هي، لكـن أنـا كملت تراجعي بضهري
بهدوء شديد.. في لمحة لقيتهـا جـايـة بسرعـة رهيبة ناحيتي، سرعتهـا شـلتني
مكاني اتلخبطت وقعت على ضهري ومالحقتش أعمل أي حاجة لأني لقيتها
واقفـة عنـد رجلي..طولهـا مـش طبيعي ورجليهـا مـش رجلين بني آدمين
نفس الوصـف الـلي وصفته حفيظة.. بدأت أقولهـا أنـا ماعملتش حاجة.. أنا
ماعملتش حاجة.. يـارب انـجـدني يـارب.
نزلت بجسمها زي الأفعى ووشها قريـب مـن وشي وشفت وشها وش
أسـود مخيف عينهـا صـفـرا مشقوقة طوليا وشها مليان طين.
أنفاسها حارقة لا تحتمل.. وقربـت مـن وشي جـدا غمضت عيني وبدأت
أتشاهد وشريط حياتي كـلـه مـر بسـرعـة في عقلي وفقـت عـلى صوتهـا في وداني
بتقـول: بلغ الوقاد إني هخلص عليه بنفسي..
لما سمعت الجملة جـالي شجاعة غريبة وحسيت إني مش أنـا المستهدف
وقولتلهـا هـو انـتـي مـين ؟ فتحـت عينـهـا عـلى الآخـر وصـدر منهـا حـرارة
شديدة جدا أذتني.
وقالت: جنية عنان.. مراته
أنا مراته..
في اللحظـة دي افتكرت حكايـة جـواز ابـن الـوقـاد الـلـي بـاظـت بـسـبب
حفيظة.. عنــان بقـى اتجـوز مـن جنيـة فـعـلا!
كملت كلامها وقالت لي: دخلني عنده.. دخلني عنده.
بحذر وقلق قولتلها: أدخلك إزاي؟!
ردت: هو محصن بيته.. دخلني أنت بالحجاب.. دخلتي بالحجاب.
واختفت تراجعت بسرعة وعاد للمكان كله هدوؤه.
ثمت وقفـت وطلعـت أجـري زي العيـال الصغيرة لحـد مـا خلصت
شـارع الترعـة .
وأول مـا دخـلـت البـلـد تظاهـرت بالهـدوء وأنـا مـاشي في الشـارع لـكـن
هدومي الـلي اتمـلـت تـراب وطـيـن مـن وقعتي في الغـاب كـانـت ملفتة للكام
واحـد القليلـيـن الـلـي كـانـوا ماشيين في الشارع وشافوني وبرقـوا..
وصلت البيت وكانـوا نايمين.. دخلـت خـدت دش دافي كنـت محتاجـه
جدا وطلعت دخلت المطبخ وعملت كوبايـة شـاي ودخلـت أوضتي.
وجبت الكاسيت وورق وقلـم وجبـت الـلي سجلته من الأول وبـدأت
أسمع وأسجل ملاحظـاتي..
نمـت عـلى المكتـب مـن كـتـر التعـب وأحـلام وكوابيـس كتيرة متداخلة
لاردتني، ولكـن أوضحهـم كان حلـم لبنـت صغيرة خبطـت عـلى بـاب
ضتي وقعـدت معـايـا وقالت لي ماتنسـاش حـجـاب الجنيـة! دخلهـا!
قولتلها يعني إيه؟
البنت: عنان الكبير كان أقـوى مـن الـوقـاد لـكـن الـوقـاد فـضـل يـارس كل
اع السحر والشر لحـد مـا قـضى على نص العيلـة ومـوت عتـان.. والجنية
مش عارفـة تقـم منـه، حاطـط طلسم حوالـيـن بيتـه يمنع دخولهـا.. لكـن
الحجاب بيفـك الطلسم وتقـدر تدخـل..نادر: طب ما تأذيه وهو بره البيت.
البنت: هي عاوزة تخنقه جوة بيته زي ما عمل في جوزها.
نادر: طب وابنه؟
البنت: هتدخـل وهـو بـره لأنـه أسـوا مـن أبـوه.. ومسكت إيـدي وقالتلي
ألف سلامة.
نادر: وأنا إيه استفادتي لما أعمل كده.. هو ماعمليش حاجة.
البنت: لأ عملك وهيعملك وهتضمن عدم غضب الجنية.
نادر: ده اللي هو إزاي يعني؟
بدأت البنت تبـص بغضـب شـديـد وبـدأ جلدها ينسلخ مـن عـلى جسمها
وخرج منهـا جـسـم أسـود طويـل نـحيـف عيونـه صـفـرا مرعبـة سـنانه حـادة
مريبة جسمها كله متفحم وطولها مخيف.
كنت قاعد على الكرسي وهي واقفة قدامي زي العملاقة!
ويصـوت عامـل زي أصـوات كتير خارجـة مـن الجحيـم قـالـت: دخلني
عنـده.. دخلنـي عنـده وفضـلـت تـكـرر في الجملة .
لحد ما صحيت وأنا مخنوق وقمت من على السرير تعبان جدا.
لكني افتكرت !
الشاش الأسود بصيت تحت السرير مفيش له أي أثر .
فتحت الأوضـة وخرجـت أسـأل مـامـا الـلي قـالـت لي شـاش إيـه أنـا
مادخلتش أوضتـك مـن امبارح.. سبتها ودخلت الأوضـة قلبتها مفيش أي
حاجة.
لا فوق السرير ولا تحته ولا كأن في أي حاجة!
حاجـه جـت فـي بـالي مـا أعرفش إزاي ومنين.. قفلـت بـاب أوضتـي
بالمفتاح وقلعت القميص والبنطلون ووقفـت قـدام المراليـة زي مـا توقعت
كل آثـار الجـروح والـلي كان موجـود كـلـه اختفى تمامـا!
هـل البنـت هـي السـبب أو الجنيـة دي مـن بـاب الرشـوة يعني ده عشـان
أنفـذ المطلـوب.. طـب وإذا أصـلا نفـذت.. هـو فـين الحجـاب ده أصـلا!!
بـاب الأوضـة خـبـط وحـد حـاول يفتـح قـلـت: ثـواني ولبسـت بسرعـة
وفتحت لاقيـت والـدتي داخلـة وشكلها متضايـق جـدا.
نادر: خير مالك في إيه؟
والدتي: يعني مانتش عارف!
نادر: عارف إيه يا ماما؟ في إيه؟
والدتي: أبوك قاتي.
نادر مقاطعا: يوووه يا ماما..هو بابا ليه مكبر كل حاجة.
والـدتي: مكبر..هـو كـده أنـت شـايفـه مكـبر!! مـا اتعودتـش مـنـك تكـون
سلبي كـده يـا نـادر.
نادر: يا ماما سلبي في إيه؟ هو أي كلام يتقال وخلاص نصدقه ؟!
والدتي: خـلاص يـا ابني.. أنـا غلطانـة.. كنت فاكـرة إني هعـرف آخـد
وأذي معـاك في الكلام، ولكـن واضـح إن كلام أبـوك صـح.