انا وقعت على جثة عمي شحاته لقيتني فجاه فوق الجثة ، وحاولت اقوم بدون اى فايده و كأن الجثة مسكت فيا، كل ما أحاول أقوم أقع تاني ..
الدنيا ضلمه والجثة ملتصقة بي ، وانا توازني اختل تماما ، وما تنسوش في الاخر اني طفل..
بدات اصرخ :يا بابا ..يا بابا ..يا بابا ..
ما حدش سمعني بس بدات استعيد توازني ، وقفت ، وبدل ما اهرب ، وقفت وولعت الاباجورة وبدأت أتأمل جثة عمي .. اول حاجه حطيت صباعي على وشه وبدات اضغط علشان اشوف ايه رد فعل.. بعدها خبطت بأيدي على وشه وكررت الضربة اكثر من مره لحد ما تقريبا ضربته بالقلم .. رفعت أيده زى ما بيجي في افلام ورميتها ..بس اللي حصل أنها منزلتش زي ما بيحصل في الأفلام ..ايد عمي فضلت متعلقة في الهواء .وحصلت اول صدمة .ايد عمي التانية لقيتها بتتحرك وبتحاول تترفع هى كمان .
نور الاباجورة اتطفا . و من الخضه اتكعبلت وقعت ثاني على جثة عمي .لكن ايده مسكتني فرجعت اصرخ ثاني وثالث
باب الاوضه اتفتح ولقيت بنت عمي بتصرخ وتقول ..اهو .. نادر.. اهو..
دخل والدي وولع نور الاوضه
ولقيتهم بصوا لي باستغراب واستنكار شديد لكن نظراتهم اتبدلت .وبدأوا يبصوا لجثة عمي شحاته ووشوشهم اسودت فجأة .ومحدش اتحرك من مكانه وكانهم اتشلوا بشكل جماعي مفاجئ . بدوري بصيت لوش عمي ..ويارتني ماشفته..
عمري ما هنسى عينين عمي المفتوحة على الاخر وشفايفه المرفوعة وسنانه الظاهره اللي طابقة على بعضها و مخشبه.. صرخت تاني وتالت وعاشر لحد ماشلوني من عليه وبدأت اسمع جمل من عينه:
هو ايه اللي دخلك هنا؟
هو انتم ما قفلتوش عين شحاته ازاي من وقت الوفاه..
لا والله قفلناها وكنا رابطين المنديل على وشه و على راسه عشان ( بقه) ما يفتحش..
الاوضه ما ينفعش تكون ضلمة كدة ..
شغلوا سورة ((يس)) أو افتحوا إذاعة القرآن الكريم.
-سندوني واتلفت له وهما بيحاولوا يقفلوا عنيه بصعوبة لحد لما اتقفلت وشدوا الملاية وغطوا وشه. ولكني شفت عنيه بتتفتح والملاية خلاص بتقرب من وشه!
ماعلقتش وطلعت معاهم الصالة . وبدات اسمع وصلات توبيخ وتهزيق من ال بعض .و نصح وارشاد من بعض الاخر.
وصوت بيقول لامنية اختي :
-روحي بيت جدك خليكي معاهم.. وصوت بيسال والدي: هو انت هتسكت لازم تعمل لابنك ((طاسة الخضة )) فسأل احد الموجودين عنها ايه. فأجاب والدي: دي عاده مصريه قديمه بتعتمد على ادوات معدنيه ولبن وتمر.وان الشخص المخضوض يستحمى في مكان مكشوف بس بشرط القمر يكون مكتمل قبل اذان الفجر بساعه.. وبعدها شخص بيهدا الشخص تماما . وكلام كثير من دة ودة واصبحت انا حديث القريه!
لكن الكلام كان بالنسبه لي عامل زي صدى الصوت.. انا كنت في حته تانيه خالص..
انا كنت بدات افكر في العالم الأخر وان الموت ليس مثلما كنت أظن ..
الموت هو مرحله اخرى تمر بها الروح.. و يجب على اني ادرسها و افهمها اكثر..وماتنسوش اني لا زلت طفل غريب الأطوار . وكان القرار لازم احضر دفن عمي ..
مش ممكن ومش منطق ان طفل في السن ده تفكيره في الحاجات دي..
لكن ده اللي حصل.. وبدات اصوات ميكروفونات الجوامع بعد صلاه الفجر زي ما عندنا بيحصل تقول الاتي
بسم الله الرحمن الرحيم
انا لله وانا اليه راجعون.. توفي الى رحمه الله ..المرحوم باذن الله.. شحاته عبد الرحيم فوده ..ودفنه بعد صلاه الظهر من مسجد العباد الصالحين والعزاء في دار ضيافة المركز والبقاء لله .
صوت اللي كان بيعلن وفاة عمى فالمسجد القريب من البيت تحس انه اصلا كان ميت .صوته عجوز ومخيف وكأنه بيعلن الوفاة من داخل قبره .
وبدأت المساجد الأخرى تعلن الخبر .ومع أصوات النداء دي تعالت صرخات الستات في البيت تشق ظلام الشارع ..
زى ما بيقولوا كانت ليلة سودا محدش نام منهم .دا غير اللي انا شفته وحصلي ..
بعد صلاة الفجر .لقيت عربية منزلة كراسي وبتترص قدام البيت ..
سمعت والدي بيقول للراجل اللي بينزلهم :هتيجي بعد تلاتة ايام تأخذها أن شاء الله ..حياتك الباقية
منظر غريب جدا .لو أن غريب معدي في الشارع ممكن تفتكر جدا أن البيت دة فيه فرح من منظر الكراسي المرصوصة برة .ما احنا كدة بنيان مرصوص في الفرح وفي الحزن كمان .
بعد الشروق بدأ أهل القرية من الرجال يجوا البيت .وبدأ الكلام بين عمى وواحد قريبنا يلفت نظري ويشدني .سمعت الحوار كله ..
-يا مصطفى .. (مصطفى دة اسم والدي بالمناسبة )
-نعم يا حج مختار .
مختار :حد فتح التربة ؟
مصطفى :لا نزيه هياخد المفتاح وهيروح حالا .
مختار :طيب خليه يشتري قفل باب جديد .انت عارف التربة ما اتفتحتش من امتى ؟
مصطفى :لا مش فاكر
مختار :دي يجي من عشرين سنة .ومن يوم سيدك فودة الكبير واخوك وصى يتدفن فيها مع سيده .دى وصية .ومارضيش يندفن مع أبوك !
والدي :هى هتفرق يعني ! اهى رمية في التراب يا حج مختار
مختار :لا ازاى بقى هو وصى ودي وصية واجبة التنفيذ .
مصطفى :ماقلتش حاجة .ادي نزيه أهو جه
نزيه :صباح الخير يعم مصطفى (وهو بيتاوب )
والدي :صباح الخير ..
نزيه :لا مؤاخذة يحج ..البقاء لله .
مختار : اصحى كده فوق انت عارف هتعمل ايه يا نزيه ؟
نزيه : قولي يا خال وانا تحت امركوا .
مختار: هتروح تاخذ معاك اجنة وشاكوش لان المفتاح اكيد مش هيفتح ومصطفى هيديلك قفل جديد احتياطي علشان لو كسرت القديم وخد معاك زيت ومقشه ..هتزيت القفل القديم قبل ما تجرب تفتحه وهتكنس كويس قدام التربه عاوزها زي البلاط .
ولما تدخل التربه سمى وسلم استاذن أننا هندخل شحاته النهارده.. واكنس بالراحه ولو لقيت اي بواقي من اي حاجه سبها مكانها دة سيدنا فوده الكبير اياك تزعله.
اوعى تقرب من اي حاجه باقيه ده لو لقيت.. انشاءلله حتى لو حتت دايبه من كفنه الله يرضى عنه وعنا.
نزيه: حاضر يا خال في حاجه ثانيه؟
والدي مصطفى: بص. بعد الدفنه عايزين نجيب قصاري زرع ونحطها قدام تربة عمك شحاته
نزيه :ولا قصاري ولا حاجه هما علبتين سمنه بينزرع فيهم صبار و بتبقى جميله الاقصاري بتتسرق.. او العيال بتكسرهامختار: يلا طيب روح كفايه رغي
نزيه :طب المفتاح التربة فين ؟
والدي مصطفى: اهو.. وخلع من جيبه سلسله مفاتيح قديمه وشاور على اقدم مفتاح فيها وقاله اهو دا يا نزيه .
نزيه :خد المفتاح وطلع المنديل وعطس كذا مره و استاذن ومشي و مسح المفتاح بنفس المنديل !
والدي لاحظ اهتمامي بالحوار وقالي: انت كويس يا نادر؟
نادر: ايوه انا كويس..
والدي :متاكد
نادر: اه بس انا لي طلب.. الوالد مصطفى: ايه يا نادر؟!
نادر: بس من غير زعيق ..
والدي مصطفى: مش كفايه اللي عملته امبارح.. انت ايه اللي دخلك تنام جنب عمك انت فاكره نايم، انا عارف انك بتحبه وكل حاجه ..بس دة مات يا ابني.. فاهم مات يعني ايه ؟!
مات ..يعني ماينفعش تنام جنبه ..عمك كان تعبان و ربنا ريحه. .
نادر( عجبني تحليل والدي): حاضر فهمت ..
والدي مصطفى: طب قولي عايز ايه؟ نادر :عايز اروح الترب مع نزيه. .وادخل...
والدي مصطفى بصوت عالي: انت اتجننت عاوز تدخل التربه..تدخل مختار.. خير يا مصطفى في ايه؟
والدي مصطفى: اتفضل، الحلو عاوز ينزل التربة مع نزيه
مختار: خلاص سبهولي يا مصطفى و روح شوف انت الناس اللي جاية تعزيك ..
غادر والدي وقرب مني عم مختار وقالي ....... يتبع
♥♥♥♥♥♥♥♥
نزلت جزء من البارت اهو آسفة كان عندي ظروف معرفتش اكملها الفترة اللي فاتت متنسوش التفاعل يجماعة بليز علشان اعرف اكملها