في الصباح قابلت أبي على الإفطار. فسألته:_بابا مدخلتش ليه الأوضة إمبارح لما النور قطع. كنت بتدورعلى ايه؟ أنا كنت صاحي على فكرة و ناديتك مردتش.
رد بتهكم:
_امتى ده؟ انت كنت بتحلم ولا ايه؟توجهت لأمي سائلاً:
_ولا انتي يا ماما؟ردت باستغراب:
_ولا انا.. و وجد بترجع من الشغل تترمي على السرير مبتقومش غير الصبح ما انت عارف.سهمت قليلاً محاولاً إيجاد أي تفسير لما رأيته أمس، حتى قاطعت أمي تفكيري قائلة:
_تلاقيه تأثير الأفلام الرعب اللي بتشوفها بليل.
_لأ ده تلاقيني غفلت من التعب و اتهيألي إن حد في اوضتي.فردت بسخرية لا تخلو من اللوم قائلة :
_اه تعبت اوي من المذاكرة ياعيني..نهضت سريعاً محاولاً إنقاذ نفسي من فقرة اللوم اليومية و التي يكون موضوعها الرئيسي هو فشلي و استهتاري.
********
في منتصف الليل… حيث الهدوء و الصمت المحبب، جلست أتتبع قناتي المفضلة الآن Awake. وفي نافذة أخري فتحت المنتدى الذي أهملته منذ أن عثرت على القناة. و كما هو متوقع، لم أجد رداً من مرسل الرسالة. قمت بنشر موضوع القناة ، كما قمت بنشر المقاطع التحليلية و قمت بإضافة بعض المعلومات و بعض التحليلات الخاصة بي.
لم تمر ثوان إلا و وجدت العشرات من التعليقات و كثير من التفاعل من الأعضاء. كما وجدت كثيراً من الثناء من مديرَيّ المنتدى. فراسلني أحدهما قائلاً:
_جامد الموضوع اللي لسة مشيره ده يا رامي.. جبته منين؟
_ ده حد من الأعضاء بعتلي اللينك و مردش عليا.
_غريبة… ولا انت مش عايز تقول مصادرك؟😂
_لا يا عم عادي ليه يعني.
_طب بقولك ايه.. شد شوية و لو عندك حاجة جديدة ابقى حطها بسرعة.. عدد الأعضاء زادو في آخر اسبوعين و انت عارف بقى فيه إعلانات.
_بتاكل انت عيش من على قفايا.
_يا عم حد قلك متاكلش عيش انت كمان.ذكرني كلامه بأحد الأصدقاء شديدي الندرة. كان لدي صديق منذ عامين، و كان يشبهني في غرابة الأطوار و الوحدة. و لكنه كان يختلف عني في بعض الصفات. كان عشقه للنقود يولد لديه قدرة على استخراجها من أي مصدر و في وقت. لم يكن يوقفه شيء. فدائماً هناك شيء ينجزه هنا أو هناك.
ارتسمت على وجهي ابتسامة و أنا أتذكر حازم و ماديته، بينما كنت أقوم بالتقليب في هاتفي. حتى وجدت رقمه و قمت بالاتصال. انتظرت كثيراً و لم أجد رداً. و ما أن هممت بإنهاء المكالمة حتى سمعت صوتا يهتف:
_يااااااه…. كنت قربت أنسى اسمك والله.
_ههههه.. عامل ايه يا زووما.
_فل الحمد لله..تحدثنا و مزحنا لدقائق. ثم قال حازم:
_بس صحيح ايه اللي جابني على بالك؟
_ قولي بس انت لسة شغال في شغل النصب بتاعك ده؟
_يعني على حسب.. ليه؟
_ولسة ليك في الحاجات الغريبة اللي كنا بنشوفها؟
_اه بس فهمني إيه الحوار .
_بص يا سيدي ، أنا دلوقتي أدمن في منتدى بتاع حاجات غريبة و فيديوهات غريبة سواء من الديب ويب أو عادي. تمام؟
_و بعدين؟
_المهم المنتدى بدأ ينتشر و بقى فيه إعلانات و كدة. و كل ما المواضيع تزيد و تجيب تفاعل طبعاً الإعلانات بتزيد. و ليك نسبة. و في نفس الوقت لو عندك حاجة بتعلن عنها. فاهم ؟
_طب مانت اهو بقيت تعمل مصلحة زيي.
_لأ مانا لحد دلوقتي مطلبتش نسبة.
_عشان مغفل و هم ما صدقو.
_سيبك مني. المهم انت معايا؟
_يا باشا انا معاك في اي حاجة.
_طب انت لسة بتروح لإبن خالتك إللي عندنا ؟
_هعدي عليه بكرة.
_تمام. نتقابل في الكافيه اللي كنا بنقعد فيه.
_امين.انهيت المكالمة و شعرت نوعاً من الرضا عن نفسي، حيث تذكرت أنني إنسان لديه ما يشبه الحياة الإجتماعية.
*****
في تلك الليلة، كنت نائماً نوماً هادئاً بلا أحلام. حينما بدأ صوت ما يحاول إيقاظي. لم أتبين الصوت جيداً و لم أعبأ به كثيراً. كنت أحتاج للنوم بشدة فتعمدت تجاهله و لم أفتح عينيّ. و لكن ذلك الضوء الأزرق الطفيف الذي شق ظلام الغرفة لم يكن يمكن تجاهله.كنت أحاول فتح عينيّ ببطء. و لكن ما جعلني أفتحهما على وسعهما و أتجمد في مكاني هو ذلك الصوت الذي أعرفه جيدا، و الذي لا يصدر إلا من الأكواد الصوتية من تلك القناة.
قمت جالساً بسرعة على الفراش لأجد الآتي: اللاب توب الموضوع على المكتب الصغير أمامي مفتوح. على الرغم من أنني موقن بأني قمت بإغلاقه الليلة الماضية و لم يكن موصلاً بالكهرباء، مع العلم أن بطارية ذلك الجهاز لا تعمل، فبالتالي لا يعمل الجهاز إلا إذا كان موصلاً بالكهرباء.
لم يكن يعمل فحسب، بل كانت على شاشته تعرض أحد مقاطع قناة awake والذي لم أره من قبل . كانت الشاشة تعرض مقطع به حديقة خالية في ظلام الليل، به أرجوحة تتحرك وحدها. و بعض الأكواد تظهر على الشاشة. ثم صورة لشجرة في نفس المكان. و تظهر جملة: "نحن لسنا الأعداء" ثم تظهر كلمة "استيقظ!". ثم تتجمد الشاشة على تلك الكلمة و يعلو الصوت المزعج في الخلفية.
قمت مسرعاً و حاولت الضغط على كل الأزرار و لكنه لا يستجيب. قمت بالضغط على زر الإطفاء و أيضاً لم يستجب.
كان كل ما أسعى له هو إيقاف ذلك الصوت المفزع و السيطرة على ضربات قلبي الذي كاد أن ينتزع من مكانه.قمت بفصله عن الكهرباء فانطفأت الشاشة و اختفى الصوت أخيراً. ولكن كنت أسمع ذلك الصفير الناتج عن انقطاع صوت عالي فجأة. و كان كل ما أراه في الشاشة هو انعكاس لملامحي المرتعبة. و لكن بعد ثوانٍ من التحديق بالشاشة، كان خلفي شخص ما. كان هناك ذلك الوجه الأبيض ذو العينين المجوفتين.
كنت أشعر بالخوف و تجمدت أوصالي. لم يكن لدي الجرأة حتى للنظر خلفي. أغمضت عيني لثوان و فتحتهما لأجد نفس الشيء القابع خلفي. قررت أن أنظر خلفي و بسرعة. و بالفعل استدرت بسرعة و لكن لم أجد شئ. تنفست الصعداء و أغلقت دفتي اللاب توب بعنف قبل أن أجد شيئاً آخر يفزعني.في تلك الليلة لم أستطع النوم، و قد أنرت كل أضواء الغرفة ، حتى سقطت نائماً في النهاية ولا أذكر كيف حدث.
أنت تقرأ
الشفق الأحمر
Terrorاركض.. اهرب أينما شئت.. اختبئ! أراك تهرب من حاسوبك و هاتفك.. تدمرهما و تفر منهما هلعاً.. و لكن سيجدونك لا مفر.. فلتنضم إلينا برغبتك.. قبل أن نشهد معاً شفقاً بلون دمائك..