الفصل السابع عشر

3.5K 127 1
                                    

سبحان الله

الفصل السابع عشر
      أمدها شيطانها بكل ما لديه من أسلحة حتى يسهل عليها معصية ربها؛ قررت أن تتعامل معه بقسوة لكي يخرج من البيت في أقرب وقت..
أطلت شمس الصباح الدافئة تبعث أشعتها التي ترصدت شرفة الغرفة التي يرقد بها عبد الرحمن بالمشفى فتبعث في قلبه الطمأنينة؛ استيقظ من نومه والتفت ليطمئن أن ابنه بجانبه؛ فوجده جالسًا على كرسي بجانب السرير ورأسه تستند على رجليه؛ في هذه اللحظة تمنى أن يشعر برجليه التي أصابها الشلل لكي يحس برأس ابنه؛ حاول مراراً وتكراراً أن يحركها لكن دون جدوى..
ترصدت أشعة الشمس عين علي؛ فتح عينيه وهو يتثاءب ويفرك فيهما؛ ثم قال: "إيه ده.؟! هي الساعة كام دلوقتي؟!
والده بابتسامة: "صباح الخير يا ابني؛ الساعة تسعة ونص دلوقتي"..
علي بصوت خافت: "صباح الفل يا والدي؛ عامل إيه النهاردة؟!"
والده بابتسامة عفوية: "الحمد لله بخير طول ما أنت بخير.."
زفر علي بارتياح: "الحمد لله أنا بخير؛ ربنا يطمنا عليك"..
والده: "ربنا يحفظك يا ابني"..
-يا رب يا والدي..
طُرق باب الغرفة فالتفت علي للباب ثم قال: "اتفضل!!"
ظهر أسعد من وراء الباب برأسه ثم ابتسم قائلا: "صباح الخير عليكم"..
رفع علي يده بطريقة عفوية ثم قال: "تعالى؛ ده أنت ليك علقة مني!"
أغمض عينيه وضم فمه ثم وضع إصبع السبابة على فمه وقال: "خلاص آخر مرة؛ مش هعمل كده تاني!!"
نهض علي و مد يده ليظهر عضلاته؛ وقال: "بص شوف العضلات دي؛ شايفها كويس؟!!"
ضحك أسعد بسخرية وقال: "عضلات إيه يا عم؟ إن الله حليم ستار؛ اقعد اقعد"..
اقترب علي من أسعد وقال: "شفتها كويس صح.؟! طاااااب بوووووم"..
تراجع أسعد للخلف واصطنع الوقوع على الأرض وهو يقول: "الحقني يا عمي؛ ابنك بعضلاته هيموتني!!"
عمه بابتسامة: "خلاص بأه يا علي؛ المسامح كريم"..
هز علي كتفه: "عشان خاطرك بس يا والدي"..
انفجر الجميع بالضحك؛ نظر علي لما في يد أسعد؛ وقال: "إيه اللي في إيدك ده؟!"
نظر لما في يده وقال: "قلت أجيب فطار نفطر سوا".
علي بامتنان: "خير ما عملت؛ أنا هروح أطلب شاي؛ أجيبلك معايا يا أسعد؟!"
أومأ أسعد برأسه إيجابا:"يا ريت؛ شاي خفيف سكر مظبوط"
ثم نظر لوالده متسائلا: "أجيبلك ينسون معايا؟!"
والده بعفوية:"أي حاجة هتجيبها هشربها؛ طالما منك يا ابني"
ضربه أسعد على كتفه وضحك ضحكات ساخرة ثم قال: "ينسون ولا يتذكرون.؟!"
أمسك كتفه بوجع: "يا عم أنت إيدك تقيلة أوي!"
أسعد بسخرية: "راحت فين العضلات؟!"
مط علي شفتيه بغيظ وهو يقول: "يا خفة، سكر يا ناس!"
بعد خروج علي من الغرفة؛ التفت عبد الرحمن إلى أسعد وقال له بامتنان: "شكرا يا ابني على كل اللي عملته عشاني؛ جميلك ده فوق راسي؛ ومش هنساه أبدا"..
ربت أسعد على يد عمه وقال: "بتشكرني على إيه بس يا عمي.؟! ده مُنىَ عيني أشوفك مبسوط؛ ها قولي؛ عملت إيه لما شفت علي قدامك؟!"
عمه بابتسامة: "أنا ما كنتش مصدق نفسي؛ أنا افتكرت نفسي باحلم؛ خدت وقت على ما اقتنعت إن علي فعلاً قدامي!! إحساس ما يتوصفش لما يبقى نفسك تشوف حد وتلاقيه فجأة قدامك بتبقى تايه مش عارف تتصرف؛ تحضنه ولا تقوله وحشتني ولا تمسك إيده تتأكد إنه حقيقي مش حلم"..
صمت قليلا ثم استكمل كلامه: "شكراً يا ابني"..
اغرورقت عينا أسعد بالدموع: "ربنا يجمع شملكم على خير يا عمي؛ ويهدي الأمور"..
- يا رب يا ابني؛ بس أنا خايف من مواجهة زينب!
ابتسم قائلا: "لا خالص؛ خالة زينب ما يتخافش منها؛ دي أطيب منها ما تلاقيش؛ الخوف من ممممممم!!!"
أسند عمه رأسه إلى ظهر السرير ثم قال بقلق: من حسناء صح.؟!! عارفها عنيدة وشخصيتها قوية"..
زفر أسعد بقوة وقال: "وبقت أعند وأعند كمان لما كبرت؛ بس طيبة أوي وتحس إنها جدعة كده وفيها خير كتيير أوي"..
عمه بابتسامة: "احم احم، ما تنساش إني أبوها"..
ابتسم بحزن؛ ثم قال بإحراج: "آسف يا عمي"..
قال بتكشيرة: "بتتأسف على إيه.؟! ده يوم المُنى لما تبقى زوج بنتي؛ طب يا ريت؟!"
تنهد أسعد بقلق: "بس هي ترضى؛ ولو إني أشك إنها تفكر فيا أصلا!!"
عمه بابتسامة: "سيبها على الله يا ابني؛ وربنا كريم ويجعلها من نصيبك عن قريب"..
تنهد بقوة: "آمين يا رب"..
قاطع علي كلامهما: "بتقولوا إيه من ورايا.؟!!"
أسعد بسخرية: "لا أبدا باقوله إن علي ده شاب تحسه كده رخم ومناخيره طويلة"..
تحسس علي أنفه؛ ثم قال بغيظ: "بأه كده.؟! طيب؛ مفيش شاي"..
انحنى أسعد برأسه: "حقك علينا يا عم؛ ده أنا بقوله علي ده حتة سكرة"..
رفع حاجبه:"أيون كده؛ ناس ما بتجيش إلا بالعين الحمرا!
قهقه الجميع وبدئوا بتناول وجبة الإفطار، بعد قليل دخل الطبيب وألقى عليهم التحية، رد الجميع: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ اتفضل افطر معانا".
الطبيب بابتسامة: "ألف هنا؛ أيوة كده يا أستاذ عبد الرحمن اهتم بأكلك؛ بس ما شاء الله عليك اتحسنت كتيير"..
عبد الرحمن: "الحمد الله؛ إمتى هاخرج يا دكتور؟!"
- تقدر تخرج من دلوقتي؛ بس أرجوك تنظم مواعيد الأدوية؛ أهم حاجة!
علي بجدية: "ما تقلقش يا دكتور؛ هاخد بالي منه؛ ومن المواعيد بإذن الله"..
نظر الطبيب لعلي بابتسامة وقال: "كويس أوي؛ كملوا فطاركم وتوكلوا على الله"..
أسعد: "جزاك الله خيرا يا دكتور"..
اتجه الطبيب نحو الباب وهو يقول: "وجزاك مثله"..
******************
(يا ترى عامل إيه يا علي؟! بقالك كام يوم واخد أجازة من الشركة؛ قلبى واجعني أوي، خايفة عليك ومعرفش حد أسأله عنك، يا رب طمن قلبي.. تستكمل كلماتها بحزن وقلق: "خايفة من شكوكي، خايفة تكون واخد أجازة عشان تخطب.."
(مريم محاسبة في إدارة الشركة التي يعمل بها علي، أحبت علي؛ تعلم جيداً أنه أقل منها تعليما، لفت انتباهها أدبه وأخلاقه، وكل ما تريده وتتمناه في الزوج الذي تحلم بهِ وتتمناه؛ أحبته من أول مرة رأته بها؛ أما علي لم تلفت انتباهه فتاة بالشركة نظراً لأنه شاب يغض بصره دائما، وبشهادة الجميع له بأنه شاب ملتزم ومجتهد.)
قطع حبل أفكارها صوت رنين هاتفها..
مريم بابتسامة: "السلام عليكم".. 
والدتها: "وعليكم السلام يا بنتي؛ باتصل أطمن عليكِ؛ أكلتِ ولا لسة يا بنتي؟"
مريم: "ربنا يخليكِ ليا يا ماما، ومتحرمش منك أبدا؛ بصراحة لسة، بس هطلب أكل دلوقتي وأفطر ما تقلقيش عليا"..
والدتها بقلق: "عشان خاطري افطري ومتهمليش في نفسك يا حبيبتي"..
اغرورقت عينا مريم بالدموع؛ ثم قالت: "حاضر يا ماما؛ بس بالله عليكِ خدي بالك من نفسك أنتِ كمان؛ وحاولي تنسى الحزن شوية؛ أرجوكِ"..
قالت بصوت خافت حزين: "حاضر يا حبيبتي؛ في رعاية الله"..
جففت مريم خديها من الدموع وقالت: "مع السلامة"..
******************
    وصل الجميع؛ ودق جرس الباب معلنا قدومهم؛ تسارعت دقات قلب زينب: "أيوة مين؟!"
علي بصوت مرتفع: "أنا علي؛ افتحي يا أمي!"
خفق قلب زينب، وارتعشت يداها، فحاولت أن تتمالك نفسها ثم قالت: "ثواني؛ هافتح أهو يا ابني"..
محدثة نفسها: "يااااه جه الوقت اللي هاشوفك فيه تاني، يا ترى شكلك بأه عامل إزاي.؟! وملامحك زي ما هي ولا اتغيرت.؟!"
كل هذه التساؤلات تدور في عقل زينب؛ ثم مدت يدها وفتحت الباب فظهر من وراءه زوجها الذي انتظرته كثيرا؛ لمحته يجلس على كرسيه المتحرك وعيناه تنظر لها بحزن وندم؛ لم يجرؤ على النظر إليها كثيراً؛ فأنزل عينيه سريعاً إلى الأرض وهما مليئتان بالدموع؛ وأسعد يقف بجانبه..
علي بابتسامة: "السلام عليكم يا أمي"..
ردت محاولة أن تخبئ قلقها وارتباكها: "وعليكم السلام؛ اتفضلوا"..
دخل الجميع؛ ثم قال أسعد: "هانزل أركن العربية وأرجع على طول"..
علي بسخرية: "يلا بسرعة قبل ما تتسحب منك!"
أسعد بغيظ: "ما تخافش يا أبو دم خفيف.!!"
زينب بإحراج وعيناها تنظران إلى الأرض: "إزيك يا أبو علي.؟! عامل إيه دلوقتي؟!"
عبد الرحمن بصوت حزين: "الحمد لله بخير؛ شكرا يا أم علي إنك وافقتِ إني آجي أقعد هنا!"
قالت ودقات قلبها تخفق بشدة: "لا شكر على واجب؛ ده بيتك!"
عبد الرحمن يجول ببصره في جميع أركان الشقة؛ ثم قال متسائلا: "هي فين حسناء.؟! نفسي أشوفها أوي"..
زينب بابتسامة: "هاروح أنادي عليها؛ هي بتذاكر في أوضتها!"
دخلت زينب غرفتها فوجدتها تمثل أنها نائمة؛ ربتت على كتفها ثم قالت: "قومي يا حسناء سلمي على أبوكِ؛ وبطلي تمثيل؛ عارفة إنك مش نايمة"..
نهضت وهي تتأفف وتسند رأسها على ظهر السرير: "مش عايزة أشوفه؛ أرجوكِ يا ماما لو بتحبيني سبيني على راحتي"..
اتسعت عينا والدتها ثم قالت بحزم: "هي كلمة واحدة؛ هتقومي وهتسلمي عليه وحالاً"..
نهضت وهي تزفر بملل ثم قالت بحنق: "حاضر؛ بس ما تلومنيش بأه على اللي هعمله!!"
ردت عليها بعصبية: "ربنا يهديكِ يا حسناء؛ بجد خايفة عليكِ من شيطانك ومرض قلبك"..
تنهدت بعصبية؛ ثم خرجت وراء والدتها؛ عندما نظرت إليه وهو جالس على كرسيه المتحرك؛ تذكرت سريعا منامها وهو يطلب يد المساعدة؛ وقتها نظرت إليه والتفتت للخلف وتركته..
******************

المتنقبة الحسناء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن