قصة وعبرة (1)

721 43 11
                                    





✨📚 قصة وعبرة 📚✨

(قصة حقيقية)
*كل ساق سيسقى بما سقى يوما ما ✨🤍
يقول أحد الإخوة من قرى الجزائر :
في سنة 1994، مرضت ابنتي، وكان عمرها أربعة عشر عامًا، فوجهني الأطباء لنقلها إلى مستشفى بالجزائر العاصمة، وانا من احدى قرى ضواحي الريف فتوكلت على الله وسافرت إلى العاصمة الجزائر .🤍✨
وصلت إلى المستشفى الكبير، وسألت عن الجناح المقصود، فوجدته بعيدًا، ولم أكن أعلم أن المستشفى كبيرجدا لهذه الدرجة، مدينة طبية متكاملة يسير فيها الراكب بسيارته، فكيف بشيخ مثلي!؟ 🤍✨
مشيت قليلاً، ولم أجد من يساعدني، فتعب الشيخوخة، وتعب السفر، وتعب الحاجة، وتعب المرض الذي ألَمَّ بابنتي، جميعها تجمعت  إبتلاءات أرهقتني.  ✨🤍
جلست لأستريح في مكان مخصص لركن السيارات،
وكنت بين الحين والأخر أذرف الدمع، وأتوارى عن ابنتي وعن الناس كي لا يرونني باكيًا !
وبينما أنا كذلك، وإذا بسيارة فاخرة تركن بجواري، خرج منها شاب طويل القامة بهي المُحَيَّا، يرتدي مئزراً أبيضاً، شارته🤍✨
(بطاقته المهنية) تتدلى على صدره، ثم توجه نحوي وسألني عن حاجتي ؟
فخنقتني العبرات ولم أقدر على الكلام ..
سألني: يا عم، هل معك اوراق طبية؟ أعطني بطاقة هويتك ؟ 🤍✨
-  لمّا سَلَّمْتُ البطاقة للشاب، راح يتأملني ويتفحصني من رأسي إلى أخمص قدمي، وقد بدت عليه علامات الدهشة والاستغراب كثيرا !!
ثم أرسل تنهيدة من أعماق جوفه، وجلس بجانبي وراح يتفرس في ملامحي تارة، ويُقَبِّلُ جبيني تارة أخرى، ولم يتمالك نفسه وذرفت عيناه باكيا !!
سألته: ما بك يا ولدي!؟ هل أصابك مكروه لا قدّر الله!؟ 🤍✨
قال: لا، وإنما أشفقت لحالك، ولحال ابنتك ثم حَمَلَ ابنتي بين يديه، وقال: تعال يا عم معي..
دخل الشاب أروقة جناح طبي متخصص، ووضع الطفلة على كرسي متحرك، وأخذ يأمر وينهي، والكل يُحيّيه تحية تقدير واحترام ويتودد إليه، يبدو أنه صاحب مكانة وشأن كبير في هذه المستشفى !🤍✨
وراح يطوف بالبنت بين قاعات الإستعجالات، ومخبر التحاليل، وجناح التصوير بالأشعة، وقسم التخدير والرعاية ، والجراحة العامة، وفي حدود الساعة الرابعة مساء كانت البنت قد أجريت لها عملية جراحة ناجحة واستعادت وعيها!! ✨🤍
حمدتُ الله حمداً كثيرا، وشكرتُ الشاب الذي كان لي ظهيرًا وسندًا ومعينًا ارسله الله لي ..
قلت له : 🤍✨
( والله، سيبقى صنعك وخيرك  يطوق عنقي ما حييت) ✨🤍
فقد كان كل مَن في المستشفى يخدمني خدمة استغربتُ من مستواها الراقي جداً، ولم أسمع بها سوى في مستشفيات الدول المتقدمة في هذا المجال..!!
🤍✨
وبعد ثلاثة أيام، أمرني الطبيب الذي أجرى العملية الجراحية لابنتي بمغادرة المستشفى، فطلب مني الشاب الذي التقيته أول يوم أن تمكث الطفلة في بيته أسبوعًا آخر حتى تسترد عافيتها وتستكمل نقاهتها، لأن السفر متعب والمسافة بعيدة!!
استحييت من كرمه وخيره، وقولت له سنعود لقريتنا افضل لكنه اصر  اصرارا شديدا واستجبت له، ومكثت في ضيافته سَبع ليالٍ، وكانت زوجته تخدم ابنتي وكان هو وأولاده يترفقون بي وبابنتي ويعاملونني بمنتهى الرقة واللطف والأدب !🤍
وفي الليلة السابعة، لمّا وضعوا الطعام على المائدة، وتحلقوا للعَشاء، امتنعت عن الطعام، وبقيت صامتًا لا أتكلم ..🤍✨
قال لي الشاب : كُلْ يا عم، كُلْ، ما ألمَّ بك ؟!
قلت وبصوت مرتفع ونبرة حادة: والله، لن أذوق لكم طعاماً إلا إذا أخبرتموني مَن أنتم؟ ومَن تكونون؟ ✨🤍
أنتَ تخدمني طوال أسبوع كامل، ومن قبل بالمستشفي وأنا لا أعرفك.. تخدمني وتُبالغ في إكرامي، وكانك تعرفني او احد اقاربك وأنا لم ألتقِ بك من قبل سوى مرة واحدة في المستشفى،
من أنت بالله عليك !؟
قال : يا عم كُلْ، هيا كُلْ وبعد العشاء أخبرك..
قلت: والله لن تدخل فمي لقمة واحدة، ولن آكل طعامك إن لم تخبرني من أنت؟ ومن تكون؟ 🤍✨
حاول الرجل التهرب من الجواب لكنه وأمام إصراري.. أطرق برأسه قليلا.. ثم قال بنبرة خافتة: يا عمى، إن كنتَ تَذْكُر، فأنا ذاك الطفل الذي أعطيته ( خمسة دنانير ) سنة 1964 ، عندما كنتُ أجلس خلفك في الحافلة،
أنا فلان إبن فلان.. 🤍✨
قلت له : آه تذكرت، أنت إبن فلان رحمةالله عليه من قريتنا ..✨🤍
نعم، نعم، لقد تذكرت ..🤍✨
يومها كنت في الحافلة متجهاً من قريتنا الريفية  إلى إحدى المدن القريبة، وكان يجلس خلفي صبيان عمرهما لا يتجاوز على ما يبدو🤍✨ الخمسةعشرةعاما ، سمعت أحدهما يحدث الآخر قائلاً له: هذا العام شحَّت السماء، والخريف يوشك أن ينصرف، والأرض لا تُنبت شيئًا، وأبي فلاح فقير ليس بيده ما ينفقه عليَّ، ولذلك فأنا مضطر لترك  الدراسة هذا العام!! لعدم استطاعت ابي علي مصاريف الدراسة.🤍✨
لمّا سمعت الطفلين يتحدثان عن الفقر والحِرمان بهذا الوعي الذي لا يدركه إلا الكبار، تأثرت وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت!! ✨🤍
وعلى الفور أخرجت من جيبي ( خمسة دنانير ) وأعطيتها للصبي، وقلتُ له: خذ هذه الدنانير  والمبلغ آنذاك كبيرا وكان يفي لشراء الأدوات المدرسية كلها.. ✨🤍
رفض الصبي أخذ الدنانير،
قلت له: ولماذا يا ولدي !؟ قال: ربما يظن أبي أني سرقتها؟ قلت: قل له فلان بن فلان أعطاني إيّاها .

قصص وعبر (جزء1)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن