الصفحة الخامسة من الصفحات المتجلية في شخصية السيد السيستاني: الروح التربوية

40 4 0
                                    

الصفحة الخامسة من الصفحات المتجلية في شخصية السيد السيستاني دام ظله الشريف:

الروح التربوية
والروح التربوية تتجلى لنا في السيد السيستاني دام ظله الشريف من خلال عدة
صفات تتسم بها شخصيته المباركة:

الصفة الاولى: العبادة :

‏ فهو شخص مستغرق في العبادة. راهب من الرهبان. يقطع الساعات الطويلة في
الصلاة والدعاء والمناجاة. ليؤكد لنا ان العلاقة الروحية مع الله هي مفتاح
العلاقات الاخرى. وهو يقول عندما حصلت ازمة النجف وعندما سقطت الموصل
بيد الفئة الداعشية يقول (صليت وتوسلت بالامام امير المؤمنين علي (ع) في ان
اهتدي بحل وقرار صائب يحفظ الدماء ويحفظ العراق). فهو من المنبع الروحي
ينطلق الى القرار الاداري والسياسي. اي انه يعيش الامتزاج والتزاوج بين العناصر
الروحية والعناصر الاجتماعية والسياسية.

والسمة الثانية: سمة البعد عن الدنيا.

نحن عندما نقرأ في شخصية الامام امير المؤمنين علي (ع) الذي يقول (ولوشئت
لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل. ولباب هذا القمح. ونسائج هذا القز
ولكن هيهات أن يغلبني هواي. ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة. ولعل بالحجاز أو
اليمامة من لا طمع له في القرص. ولا عهد له بالشبع. أو أبيت مبطاناً وحولي بطون
غرثى. وأكباد حرى. أأقنع من نفسي أن يقال لي أمير المؤمنين. ولا أشاركهم في مكاره
الدهر وحسبك داء أن تبيت ببطنة *** و حولك أكباد تحن إلى القد). هذا المنهج
العلوي منهج البعد عن الدنيا الامام امير المؤمنين (ع) جاء من المدينة الى الكوفة
يلبس قطيفة واحدة. قميصا واحد. وقال (ما أرزء من دنياكم شيئاً؛ وإنا هي
قطيفتي جئت بها من المدينة). ويدخل عليه ابن عباس في منطقة ذي قار وهو يصلح نعله. فقال (يابن عباس! ما قيمة هذه النعل؟ قلت : لا قيمة لها! قال: والله!
انَ هذه أحب إِليّ من إمرتكم إلاّ أن اقيم حقاً او أدفع باطلاً). وهذا المنهج العلوي
في البعد عن الدنيا يتجلى في مراجعنا الاعلام ومنهم السيد السيستاني (دام ظله)
فعندما تدخل عليه تراه يعيش في كوخ بيت قديم لا يملكه وانما هو بيت مستاجر»
لانه اخذ على نفسه عهدا ان لا يملك بيتا مادام حيا لا هو ولا اولاده. بيت مستاحر
قديم يعيش فيه وبلبس قبائين منذ ان كان عمره خمسين سنة وقد قارب التسعين
في عمره لا يغرهما قباءا للصيف وقباءا للشتاء. وياكل الاكل البسيط المتواضع. ولا
ياخذ هدايا من احد لئلا تجلب هذه الهدايا كلمات او تساؤلات. ان هذا المنهج في
البعد عن الدنيا وفي عدم التعلق بالدنيا يجب ان ينعكس على العلماء العاملين. فقد
ورد عن الامام امير المؤمنين علي (ع) (الناس على ثلاثة عالم رباني ) وهو الذي يكون
بعيدا عن الدنيا و(متعلم على سبيل نجاة) وهو الذي يقتدي بالعلماء الربانيين
(وهمج رعاع لا يستضيؤون بنور العلم). فالواجب والوظيفة على العلماء العاملين
خصوصا الذين يتصدرون المؤسسات العاملة. ان يكون مظهرهم البساطة في
العيش. ان يكون مظهرهم البساطة في المسكن. ان يكون مظهرهم البساطة في
جميع اللوازم الدنيوية التي ترتبط بهم. ليكون ذلك مرآة للقيادة العليا القيادة
للسيد السيستاني (دام ظله). ومرآة للامة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم في
زهدهم وبعدهم عن الدنياء وقد دخل الامام امير المؤمتين على عاصم بن زياد وقد
طلق الدنيا ولبس الخشن من اللباس واكل الجشب من الطعام.؛ فقال له ياعاص
(انت لست كأنا) اي هناك فرق بين عامة الناس وبين علماء الدين الذين هم في
موطن القيادة. فعامة الناس من الممكن ان يلبسوا افضل اللباس. وان تكون
منازلهم قصورا اذا كانوا يمتلكون نعمة امتثالا لقوله تعالى ((وَأَمَا بنِعمَةٍ رَبكَ فَحَدتُ)) ولكن القادة يختلف موقعهم في النفوس لان القادة لهم تاثير روحي على
الناس وهذا التاثير الروحي التربوي يقتضي ان يكون لهم موقع اخر وصفة اخرى.
فالامام علي يقول (انت لست كأناء إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا
لأنفسهم بالقوام كيلا يتبيغ بالفقير فقره) اي كي يبقى الفقير يشعر بحنان المرجع
وبحنان القيادة وبحنان الزعيم لانه يرى الزعيم يعيش عيشة الفقراء. هذا هو
المنهج العلوي الذي سار عليه كثير من مراجعنا ومنهم السيد السيستاني دام ظله
الشريف.

قائد إستثنائي " مكتمل "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن