الصفحة الاولى : الروح القرانية في شخصية السيد السيستاني.

369 19 0
                                    


السيد السيستاني وانطلاقا من عمق علاقته بالقران الكريم حفظا وتلاوة وتدبرا وتفسيرا على مدى سنين طوال. يمتلك خبرة قرانية واسعة الافاق.
ومن مظاهر هذه العلاقة القرانية ان السيد السيستاني (دام ظله) في بحوثه الاصولية والفقهية
تنعكس علاقته القرانية في حسن فهمه للايات وجودة تطبيقه للايات في مواردها
وهنا استشهد بشاهدين: شاهد فقهي وشاهد اصولي. على هذه العلاقة القرانية الوثيقة.

اما الشاهد الفقهي: فان السيد السيستاني (دام ظله) عندما ياتي لاية الخمس وهي قوله عزوجل ((وَاعْلَمُواً أَنمَا غَنمْتُم من َشيْءٍ فَأَنَّ ِلَلهِ خمْسَهُ وَلِلرسُولٍ
وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتَامَى وَالْمَساكِينٍ وَابْنِ السَّبِيلِ))

فاننا نعرف ان هناك اشكالا ذكره بعض علماء المذاهب الاسلامية وهو ان هذه الاية تتحدث عن خمس غنائم الحرب.
لان الاية ودرت في سياق ايات القتال. وقد اجاب كثير من علمائنا على هذ الاشكال بان خصوص المورد لا يخصص الوارد. اي ان الاية وان وردت في الايات القتال الا ان مدلولها عام لجميع موارد الاغتنام. باعتبار ان الغنيمة لغة هي ما يفوز به الانسان من ارباح ومكاسب سواء كانت في الحرب ام في غيرها كما في قوله تعالى ((فعِندَ الله مَغَانِمُ كَثِيرةٌ)) الا ن السيد السيستاني من خلال خبرته القرانية قرأ
سورة الانفال التي وردة فيها اية الخمس قراءة سياقية استكثف منها انسجام اية الخمس مع سورة الانفال. فعندما نقرا سور الانفال نجد ان هذه السورة الشريفة
لا تتحدث عن القتال بما هو قتال. وانما تتحدث السورة الشريفة عن دعم الكيان الاسلامي. فان الكيان الاسلامي في عصر النبي المصطفى (ص) المكون من دولة ومن جيش ومن مجتمع. كان هذا الكيان الاسلامي محتاجا الى الدعم. فجاءت سورة الانفال لتحشد انواع الدعم والوان الدعم الى تأسيس الكيان الاسلامي وبقائه وضمان استمراره. ((الأَنفالٌ لِلَهِ وَالرَّسُولِ)). والانفال هي المعادن والكنوز والاراضي
الاستراتيجية. فان كل هذه الاموال والثروات يجب ان تتحول الى الله والرسول. اي
يجب ان تتحول الى بيت مال الدولة لتكون دعما للدولة الاسلامية. ثم تحدثت سورة الانفال عن الانفاق كما في بعض اياتها حيث تأمر المسلمين بالانفاق على
المجتمع الاسلامي. فان هذا لانفاق يشكل دعما اخر للكيان الاسلامي. وجاءت اية
الخمس في هذا الصراط لتقول بان ما تغنمونه من الحرب او من غيرها فان
الضريبة التي جعلها الله في ارباحكم عشرين بالمئة اي هي الخمس لتكون دعما للكيان الاسلامي.

فاية الخمس وان وردت في سياق القتال الا اننا ينبغي ان نقرأ السياق العام لسورة الانفال وهو سياق دعم الكيان الاسلام؛ ودعم الدولة الاسلامية. لاجل ذلك فان المنسج مع دعم الكيان ودعم الدولة الاسلامية ان يكون المقصود بالغنيمة مطلق ما يربحه ويكتسبه الانسان لا خصوص غنيمة القتال.


واما الشاهد الاصولي: فاننا نرى ان السيد السيستاني (دام ظله الشريف) يرى ان من شرائط حجية خبر الثقة ان لا يكون مخالفا للكتاب مخالفة روحية.

جميع علمائنا يقولون (لا يؤخذ خبر الثقة الخبر الذي او الرواية التي رواها الثقة على اطلاقها انما بشرط ان لا تكون الرواية مخالفة للكتاب). ولكن ما هو
المقصود بمخالفة الكتاب؟ فهنا يقول السيد السيستاني المقصود بمخالفة الكتاب المخالفة الروحية للكتاب. والمقصود بالمخالفة الروحية ان لا يكون مضمون الخبر
منافيا للمبادئ العامة المستفادة من القران الكريم. كما لو جاءنا خبر مثلا نستفيد منه تحليل الربا فان هذا يتنافى مع مبدء عام في القران الكريم (أَحَلَ الله الْبَيع
وَحَرّمَ الرّبا)) او عندما نطيق هذا المقصد على الرواية الواردة عن الامام امير
المؤمنين عي (ع) (لا تزوجوا الاكراد فانهم حي من الجن كشف عنهم الغطاء) يقال
بان هذه الرواية منافية لروح الكتاب فان المستفاد من الكتاب ان هناك مبدا وهو تساوي الانسانية في الحقوق واللوازم كما في قوله تعالى ((وَلَقَدْ كَرَمْنَا بي آَدَمّ
وَحَمَلْنَاهُمْ في الْبَرَ وَالْبَحْر)) وكمل في قوله تعالى
((َيا أَيهَا النَّاسْ إِنّا خَلَقنَاكُم من ذَكَرٍ
وأنثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لَِتعارفُوا إن أكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتقَاكُم)).

فاطلاقا من الروح القرانية للسيد السيستاني (دام ظله) نقول ينبغي ان يكون من الخطوات
العملية للمؤسسات العاملة سوءا كانت تحت مظلة السيد السيستاني ام غيرها ان يكون للقران دور في برامجها وان يكون لتعليم القران وتفسير القران ونشر علوم القران دور واضح في برامجها تجلية واظهارا لهذه الروح القرانية التي ورثها وجسدها
السيد السيستاني امتدادا للائمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين.

قائد إستثنائي " مكتمل "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن