كيف نستجلي ان للسيد السيستاني ذهنية ادارية نصل من خلالها الى خطوط عملية فاعلة . هنا نتتحدث عن امرين: الامر الاول الحكمة. والامر الثاني بعد المدى.
عندما نريد ان نتحدث عن الامر الاول نجد ان الايات القرانية على نوعين: نوع يأمر
بالعمل كما في قوله تعالى ((وَقُلِ اعْمَلُواْ فسَيرَى اللَهُ عَمَلَكُمْ وََرسُولهُ وَالْمْؤِْمنُونَ))
وقسم اخر يجعل الهدف ليس مجرد العمل. بل حسن العمل بل احسنية العمل كما
في قوله عزوجل ((الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ ليَبلُوَكُمْ أَيُكُمْ أَحْسَنْ عَمَلا) وكما في قوله تعالى ((إِنَّا لا نضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا) فالمطلوب احسنية العمل. فهذه
الاية مقيدة للاية الاولى. واحسنية العمل انما تتجلى عبر الحكمة. اي وضع الاشياء
في مواضعها. قال تبارك وتعالى ((وَمّن يُوْتَ الْكُلمَةٌ فَقَدْ أُوتي خَيْراً كَثِيرا)) وقال تبارك وتعالى بشان نبيه المصطفى (ص) (فهُوّ الَّذِي بَعَثَ في الامِيينَ رسُولاً منهُمْ يَْتلُو عَلَْيهُمْ آيَاتِهِ وَيُزكيهِمْ وَيُعَلَمهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكُمَةَ وَإن كَانُوا مِن قَبْلْ لفي ضَلَالٍ مُبينٍ))
فالحكمة هي عبارة عن وضع الاشياء في مواضعها؛ وان من اوضح الصفات وابرز السمات التي تجلت في شخصية السيسد السيستاني (دام ظله) سمة الحكمة.
والحكمة تعني ان تتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب بالاسلوب المناسب.لايعني انك قائد بان تتخذ قرارا باي نحو وفي اي وقت. وفي اي مكان. وباي اسلوب.
وانما الحكمة تقتضي ان لا تصدر شيئا حتى تدرس جميع الملابسات وجميع الظروف
المحيطة. وهذا ما يظهر من شخصية السيد السيستاني (دام ظله) فانه كثير التأمل. كثير التروي. كثير التأني. حتى ييأس كثير من الناس من طول تأنيه وطول
دراسته للامور من اجل ان يتوخى الحكمة في اروع صورها بحيث يصدر القرار
المناسب في الوقت المناسب في الاسلوب المناسب.عندما نرجع الى القرارات التي صدرت من السيد السيستاني في كيفية التعامل مع الوجود الامريكي في العراق وانه يجب ان يكون تعاملا ضمن قانون ملزم للطرفين.
عندما نقرأ قراره فقي الانتخابات في بداية الامر عندما نقرا قرارا في حل ازمة النجف عندما نقرا قراره في مواجهة المد الداعشي التكفيري فاننا نجد انها قارارت
صدرت في الوقت المناسب بالاسلوب المناسب. وهذا هو مجلى الحكمة. فقد اوصى
النبي (ص) ابا ذر الغفاري قال يا ابا ذر (إذا أنت هممت بأمر فتدبّر عاقبته . فإِنْ
يك رشداً فامضه ٠ وإن يك غيًاً فانتهِ عنه). لذلك من الخطوط العملية للمؤسسات العاملة في الشرق والغرب ان تتعامل بمنطق الحكمة. اي لا يصد منها
قرارا ألا بعد ان تدرس عواقبه وتدرس الظروف الزمانية المكانية لهذا القرار.
ويدرس الاسلوب والطريقة المناسبة لاصدار هذا القرار. ويدرس هل ان هذا القرار ينسجم المؤسسة وسمعتها وعنوانها ومهامها الاخرى ام لا ينسجم.الامر الثاني الذي يدخل في اطار الذهنية الادارية للسيد السيستاني (دام ظله). بعد
المدى.ضرار ابن ضمرة عندما دخل على معاوية ابن ابي سفيان وقال له معاوية: حدثني عن علي بن ابي طالب. فقال: اعفني. فقال: لا اعفيك. فقال: اذا كان ولا بد فاسمع ... وتحدث عن امير المؤمنين علي (ع) وكان من جملة حديثه ان قال (كان واللّه بعيد المدى. شديد القوى) فما هو المقصود ببعد المدى؟ بعد المدى الذي يفكرالى الامام؛ بعيد المدى اعظم من الحكيم. هناك انسان سفيه لكن هناك انسان رشيد.
والرشيد قد يكون غير حكيم وقد يكون حكيم. والحكيم قد يكون بعيد المدى وقد
لا يكون بعيد المدى. فبعد المدى درجة ارق من درجة الحكمة. بعد المدى يعني ان يكون افق تفكيرك مستقبليا ان تكون انسانا مخططا نحو المستقبل. ان تكون لك
خطط خمسية. عشرية بحسب السنوات. ان تكون خططك محققة للمصالح العامة للمجتمع الذي تعيش فيه.السيد السيستاني بعيد المدى. بمعنى انه عندما
يريد ان يصدر قرار يقراً ما هي التفاعلات مع هذا القرار في المستقبل.
السيد السيستاني مر بالعراق بظروف شائكة بين الشيعة والسنة. توخى دائما بان تكون
قراراته ممهدة لعلاقة اخوية بين الشيعة والسنة مستقبلا وليس فعلا فقط. بمعنى
ان لا يتخذ المغرضون بيانا او كلمة من منبر شيعي او من عالم شيعي يستفاد مها في المستقبل ولو بعد خمسين سنة في الاعتداء على الشيعة الامامية. فمن اجل حفظ هذا الوجود ولو لسنين طويلة قادمة يجب ان تكون قرارتنا قرارات مبنية على
اساس يحفظ هذا الوجود للمستقبل البعيد. وهذا هو معنى بعد المدى. وهذه هي وظيفة اخرى تتعين على العاملين والفاعلين من العلماء والمؤسسات في ان تكون
قراراتهم ومواقفهم من الاحداث بعيدة المدى لكي تنسجم مع عمق المذهب الامامي
وعمق واصالة قيم اهل البيت صلوات الله وسلامه علهم اجمعين.
![](https://img.wattpad.com/cover/235157835-288-k174885.jpg)
أنت تقرأ
قائد إستثنائي " مكتمل "
Ficción históricaالسيد السيستاني قائد استثنائي يحمل روح الابداع في مواقفه القيادية لسماحة السيد منير الخباز القسم الثقافي (في مؤسسة إلامام علي ع ) - لندن