الفصل الثالث:أغدًا ألقاك؟

60 14 9
                                    

-الأمبراطورية الألمانية 1916م-

«الحرب تستنفذ كل شيء 
كل شيء بلا معنى الآن 
هذا المنزل البالي أصبح ينتظر قذيفة لتقضي عليه 
فسد محصود البطاطس و فسد جسدي من اللفت الفاسد 
الحرب أخذت مني كل شيء لكن تبقى لي أنتَ...حتي الآن
أخبرتني البارحة أنك ذاهب لمعركة في الضفة الغربية ولم تعد إلى الآن
لا أريد أن أعلم ماذا حدث الأخبار تنتشر لكن لا أريد أن أعلم ماذا حدث أنتَ ستعود لقد وعدتني 
و أنت لم تخلف وعدًا لي قط 
لن تأخذك هذه الحرب اللعينة مني...»

لفظت إيما عبارتها الأخيرة بعيون تتلألأ بها الدموع و بيدها كأس من النبيذ الرديء 

ليقطع هذا المشهد طرقات قوية علي الباب الخشبي للمنزل 

نهضت إيما مفزوعة و نظرت من النافذة لتري أولاف يستند علي كتفه ألبرت الذي يبدو أنه أُصيب بإصابات بالغة 

أسرعت لتفتح الباب و هلعت لرؤية جسد ألبرت المصاب في كتفه و ركبته اللتان تم ربطهما بقطعة من القماش حتي لا يخسر دمه

دخل الإثنان إلى المنزل و إتجها لكرسي خشبي ليجلس ألبرت عليه و أتجه الأخر ليحضر ما يمكن أن يطهر به جروح ألبرت 

«ماذا حدث...ماذا حدث!!» قالتها إيما بهلع 

«لقد خسرنا كثيرًا من الأرواح 
خسرنا جنودًا من أجود جنودنا...ولكن هؤلاء الإنجليز الأوغاد لن ينالوا منا بهذه السهولة لقد جعلناهم يخسروا الكثير أيضًا لن يفلتوا بفعلتهم بهذه السهولة»

قالها أولاف بصوت حازم ممزوج بالضيق بينما يحضر زجاجة من الخمر و قطعه من القماش النظيف ليعقم جرح ألبرت

لم تركز إيما سوى على ألبرت الذي يحاول أن يتمالك نفسه كي لا يظهر ضعفه 

ثم اتجهت إلى أولاف الذي كان يحمل الزجاجة و قطعه القماش و متجه إلى ألبرت 

«أعطهم لي أنا سأتولي هذا عنك يمكنك أن ترتاح لقد مررت بما يكفي.»

قالتها بنبره هادئة ثم أتجهت إلى ألبرت و أحلت قطعه القماش اللي تحيط بكتفه لتري جرحه العميق هي تهاب مثل هذه المناظر لكنها  ليس لديها مانع أن تتحملها لأجله، فقط لأجله

«أنا ممتن أنك تخلصتي من أولاف لا أحب أنا يراني أحد و أنا أتألم غيرك.» قالها بصوتٍ واهن و بابتسامة تعلو وجهه و هو يحدق بها وهي تهتم بجروحه، ثم وجه وجهه للسقف 

«أتتذكرين كيف كنا قبل الحرب كيف كانت أحلامنا بالزواج 
كيف كنا فقط نقضي الوقت معًا هنا وهناك لا مبالين بشيء...كنا لا نملك سوى بعضنا والِن لا نملك سوي بعضنا و لكن الحرب قتلت أرواحنا و أحلامنا وآمالنا»

نظر إليها فلاحظ دموعها فحرك يده الأخرى في إتجاه وجنتها ببطء نظرًا لجسده المصاب ليمسح دموعها برفق و أكمل:

«لكن لن تقتل حبنا أبدًا 
يومًا سينتهي هذا و سنعلن زواجنا للجميع و سنعيش حياتنا القديمة كما كانت سيعود كل شيء علي سابق عهده. 
و لكن فقد يجب علينا أن نؤمن 
يجب أن تؤمني يا حبيبتي و تتيقني كيقينك بشروق الشمس بعد يوم طويل عاصف.
كل شئ سيصبح بخير...يومًا ما.»

أستمرت دموع إيما في النزول و كسرت صمتها بصوتًا يتضح عليه البكاء:
«أتمنى من كل قلبي أن يكون هذا كابوس أنام و أستيقظ لأجد كل هذا أنتهى 
أتمنى أن نهرب من هنا لنعيش في مكان من العالم نجى من ظلمات الحرب 
أتمني لو تُكتب لنا حياة جديدة لنعوض سنوات الحرب البائسة.»

أبتسم ألبرت رغم ألمه لما آخر جمله قالتها إيما جعلته يُفكر 

«هل تعتقدين أنه يمكن بعد موتنا أن تجد أرواحنا الطريق لبعضها البعض و تلتقي مره أخري في عالم آخر؟»

Sunshine|إشراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن