الفصل العاشر

650 22 0
                                    

🌲10- رياح الغيرة🌲

مضت ثلاثة أيام بعد تلك الأمسية المشؤومة مع كورد . كانت هناك هالات باهتة حول عينيها البنيتين , وفمها بارز القسمات إلي الأمام كعلامة علي الليالي الساهرة والأيام المليئة بالتوتر . وكان كورد يتجاهلها مرارا وتكرارا ولم يعد يراجع معها العمل كل يوم كما كان يفعل من قبل . حتى أنه حدث مرتين أن كانت ستاسي تتمشي ورأته عن بعد فغير من اتجاهه مبتعدا عن طريقها . سحقها شعور حاد بالهزيمة وهي تدرك أنه لا يحتمل حتى أن يراها.
نهضت ستاسي فجأة من مكتبها وهي ترفض السماح للحزن الكائن بداخلها أن يعطلها عن العمل . بقي أسبوع واحد فقط على المزاد وكان أمامها الكثير من العمل . وحمدت الله أن وقتها سيكون مشغولا بالمزاد حتى لا تفكر كثيرا بمشاكلها الخاصة.
سمعت نقرة خفيفة على الباب, فنادت لمن بالخارج أن يدخل,فتح الباب السميك واسعا ودخلت ليديا مارشال . وقالت بسوط جياش:
" أرجو ألا أكون قد قطعت عليك العمل. أليس كذلك؟فإذا كنت مشغولة فلن ابقي أكثر من دقيقة".
اندهشت ستاسي لهذه الزائرة الغير متوقعة وأجابت بهدوء:
"لا. إطلاقا , كيف يمكنني أن أعاونك"
" لاشيء حقا. كنت أظن فقط انه ربما كان لديك وقت لتناول القهوة وحديث سريع".
وافقتها ستاسي قائلة:
"بالطبع"
وهي تتعجب متسائلة عما يمكن أن يتحدثا عنه وأضافت:
"دقيقة واحدة و اطلب من ماريا أن تحضر القهوة. هل تريدين فطيرة أو شيئا أخر مع القهوة"
جاء الرد سريعا :
" أرجو ألا يضايقك إنني قد طلبت منها بالفعل!إحضارها خشية إلا يكون لديك بعض الفراغ"
وضحكت ضحكة أغاظت ستاسي . فأجابت ستاسي بابتسامة لم تصل إلى عينيها:
" هذا تفكير لطيف منك و فنادرا ما يكون لدي الوقت لشرب القهوة, وسيكون ذلك تغيرا لطيفا"
قالت ليديا وهي تقف, بينما دخلت المكسيكية حاملة صينية القهوة :
"هذا ما ظننت . سآخذ هذا يا ماريا. إنني لم اطلب أية فطائر حلوة. هل كننت تريدين شيئا منها يا ستاسي؟ علي مراعاة قوامي ولذا ارفضها ".
وأومأت ستاسي بالرفض فصرفت ليديا المكسيكية بكلمة شكر مقتضبة
تضايقت ستاسي من طريقة ليديا المتملكة وأخذت فنجان القهوة منها بصعوبة . ثم صاحت ليديا. وهي تمسك بحقيبتها :
"كنت قريبة من المطبعة , وتذكرت أن كورد قد ذكر شيئا عن احتياجه بروفة الكتالوغ فأحضرته . أرجو ألا تتضايقي . لقد ذكر أنك تعملين كثيرا فوفرت عليك رحلة للمدينة ".
أخذت ستاسي الكتيب وقالت بفتور:
"شكرا , لسوء الحظ علي أن أذهب للمدينة لطلبات أخري . ولكن سيد هاريس سيقدر لك ذلك قطعا ".
ابتسمت ليديا وأضافت :
" كنت أعلم مبلغ ضيقه من هذا . أرجو ألا يكون قد ضايقك كثيرا فأنني أعلم كم هو عصبي المزاج أحيانا ".
كانت شفتا ليديا تنطقان بألفتها لكورد وهي تؤكد لستاسي مدى صداقتها له . واشتعلت ستاسي غضبا ثم قال بثبات :
" بالطبع كان متضايقا مثلي , ولكن كل شيء علي ما يرام الآن . كان مجرد سوء فهم ".
كانت نظرة ليديا باردة كالثلج وهي تقول:
" يسعدني أن أسمع ذلك . وعرضت أن أعاونه ولكن كورد أكد لي أن ذلك غير لائق حاليا . ثم إنه يعتقد أن عملك كاف".
توهجت وجنتا ستاسي لتشديدها علي كلمة كاف . آلمتها معرفة أنها كانت موضوعا عابرا لحديث من أحاديثهما . كانت ليديا تغطي كلماتها الباردة بلهجة تشعرها بالاهتمام بها .
قالت ستاسي بهدوء وهي تتعجب لقدرتها علي الكلام :
" لقد أشار سيد هاريس إلي ظروفك الحالية لا تسمح لك بالقيام بدور فعال في ترتيبات الحفل".
ضاقت عينا ليديا وابتسمت قائلة :
" إذا لقد شرح كورد بعض مشاكلنا . إن الكل يعلم بشعور كل منا نحو الأخر علي الرغم من غبائي الذي أوقعني في هذه الورطة . إني أتعجب لسذاجتي إذ تركته , فالشمس تطلع هنا كما في الريفييرا , أوكد لك يا ستاسي أنها صدمة قاسية أن تكتشفي أنك لست بالنسبة لزوجك أكثر من أحد ممتلكاته يستعرضها كلوحة لرينوار. لا أعلم كيف احتملت . لولا وعد كورد بانتظاري . أعتقد بأن مستقبلي مضمون بين يدي كورد مرة أخري , والمسألة مسألة وقت وسيكون هذا رسميا ".
لم تدر ستاسي إذا كانت تستطيع تحمل المزيد من الحديث , ومنعت نفسها بصعوبة من القفز من مكانها في يأس . لماذا تحدثها ليديا في شؤونها ؟ تمكنت ستاسي من أن تقول لها كم هو رائع أن تسير الأمور كما يريدان.
أجابت ليديا ببرود:
"نعم . يسعدني أن تفكري هكذا ,فالكثير من الفتيات في مكانك كن سيعجبن بكورد فهو جذاب ".
أجابت ستاسي محاولة أن تخفي انفعالها :
"نادرا ما نتحدث سيد كورد وأنا في أي شيء غير العمل . ويحتاج الأمر لكثير من الخيال إذا فكرت أن اهتمامه بي يعني غير ذلك".
ابتسمت ليديا براحة . ووضعت فنجانها في الصينية وقالت :
"تفهمين كم أكره أن أراك تتألمين , بينما أستطيع أن أجنبك ذلك , أعلم أن كورد يشعر نحوك بالمسؤولية ولا أريدك أن تخطئي تفسير هذا الشعور . والآن يجب ألا أعطلك عن عملك , وإذا استطعت أن أعاونك في أي شيء أرجو أن تتصلي بي".
قالت ستاسي بابتسامة لتكتم ألمها:
" بالطبع ".
كانت تعلم أن ليديا هي أخر إنسانة يمكنها أن تلجأ إليها , وأحست إن ليديا تعلم ذلك .
تطلعت بكآبة في بروفة الكاتلوغ , وأخذت تقلب صفحاته آليا متذكرة كلمات ليديا كورد يشعر نحوك بالمسؤولية ولا أريدك أن تخطئي تفسير هذا الشعور . ليتها تستطيع ! مسؤولية؟ لقد كان يتصرف دائما كما لو كانت عبئا ثقيلا . . إنها لمعجزة أن يفكر فيها علي الإطلاق.
أفاقت من أفكارها وبدأت تقلب أدراج المكتب بحثا عن أصل البروفة. وحيث وجدتها ظلت تراجع قائمة الجياد كل بشجرة عائلته . كان العمل مملا ولكنه يتطلب كل تركيزها . وانتفضت ستاسي إذ وجدت وسط الأوراق رسالة كتب أعلاها : ليندس, بييرس وميلز _ محامون قانونيون . كادت الكلمات أن تقفز من الصفحة . وصدمت فنظرت إلي الإمضاء أسفل الرسالة كارتر ميلز الأب . ما الذي تفعله رسالة من سيد ميلز في مكتب كورد ؟ تعجبت ستاسي لهذا فقرأت .
كانت الرسالة موجهة للسيد كورد هاريس مزرعة الدائرة هـ . ماكلاود تكساس وبدأت : عزيزي سيد هاريس .
لقد استأجرت الآنسة ستاسي آدامز ابنة أحد عملائنا كوخا علي أرضك. إني أخرج عن نطاق سلطتي عندما أكتب لك لأرجو منك أن تهتم بها بدقة .
لقد توفي والدها . وهو صديق حميم , حديثا تاركا آنسة آدامز بلا أقارب أحياء , وقد ترك لها والدها دخلا ضخما يؤمنها ماديا طوال عمرها , ولقد دللت كثيرا للأسف , وعلي الرغم من اعتراضاتي أصرت علي أن تنفي نفسها حتى تتغلب علي حزنها . إنها عنيدة وقوية الإرادة . لقد نشأت متنقلة في بلدان العالم ولم تتعود الحياة القاسية في تكساس وهي مستعدة لمواجهة أخطار حياة الوحدة .
" لقد رفضت أن تحدد مدة إقامتها , وسأقدر لك معاونتك إذا تمكنت من إقناعها بالعودة . وإذا لم تستطع أرجو أن تقبل أن تكون مسؤولا عنها , وقد أرفقت برسالتي شيكا ليغطي أي نفقات قد تتكلفها ...
المخلص

🌲مزرعة الدموع 🌲جنيت ديلي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن