🌲11-تصبح علي خير يا كورد🌲
كانت ستاسي ترقب كورد من طرف خفي . وهي تشعر أنها في حماية الشاب الواقف بجانبها , ولكن عيني كورد ألهبتاها بنيراتها عندما سمع ما قاله كارتر .
واندفعت ليديا قائلة :
" أليس هذا رائعا يا كورد ؟"
ورمقت ستاسي بنظرة خبيثة خاطفة , ثم ابتسمت لكورد وأخذت ذراعه وهي تضيف :
" يا لها من نهاية رومانسية ".
وافقها كورد قائلا :
" نعم إنها كذلك!"
ولكن صوته كان أجش كما لو كان يسعي للسيطرة علي أعصابه .
ولم يهتم أحد بسماع رد ستاسي علي هذا العرض العلني , غير أنها ما كانت لترد في تلك الظروف , ولكنها اغتاظت لأن الجميع كان يسلم بأن ردها هو الإيجاب .
وأرادت ستاسي أن تغير الموضوع فسألت :
"كارتر . إنني مسؤولة عن تنظيم المزاد السنوي لبيع الجياد الذي يعقده سيد هاريس . وسيكون يوم السبت القادم . هل تستطيع البقاء حتى ذلك الحين ؟"
فأسرعت ليديا بالرد قبل أن يستطيع كارتر الكلام :
" أوه . ستاسي يجب ألا تدعي شيئا بسيطا كهذا يعطلك . أنا واثقة أن كل شيء سيكون علي ما يرام إذا حللت أنا محلك . إذ أننا أمام أمر طارئ"
كانت الجملة الأخيرة موجهة لكورد . وشعرت ستاسي بأن ليديا حريصة علي التخلص منها وبأسرع وقت . وتنفست ستاسي الصعداء عندما سمعت رد كورد الذي أجاب وعيناه الباردتان تتجهان لكارتر كما لو كان يتحداه أن يخالفه:
"لقد فات أوان التغير إن موعد المزاد اقترب جدا و وهذا يعني ارتباكا لا داعي له . كما أنني لا أعتقد أن عودة آنسة آدامز الفورية أمر حيوي لهذه الدرجة ".
قال كارتر بسرعة :
"لا . بالطبع لا . إن أبي أعطاني مهلة أسبوع لأقنع ستاسي بالعودة معي وسنعتبرها فترة استجمام قصيرة ".
وتبادل المحامي الشاب ابتسامة من يتآمر مع ستاسي , ثم عاد لكورد قائلا :
" هل يوجد فندق بالمدينة أستطيع الإقامة فيه ؟ إنني أريد أن أجد مكانا أستقر فيه ".
وبدأت ليديا كلامها قائلة :
" لا داعي للبقاء في المدينة ".
وقاطعها كورد قائلا :
"تستطيع الإقامة هنا ".
ولم يعط كارتر فرصة لاعتراضه المهذب بأن لوح بيده قائلا:
" إن المنزل واسع . واسمح لي بالانصراف فلدي عمل أقوم به , وأعتقد يا ليديا أنك علي موعد للغداء . أليس كذلك؟"
أمسك كورد بذراع ليديا وأبعدها بشدة عن كارتر وستاسي اللذاين صمتا . بينما أخذ كارتر ينظر لستاسي . سألها بصوته الرقيق:
"لم تجيبي علي سؤالي ولو أنه لم يكن سؤالا بالضبط أليس كذلك ؟ لا تجيبي الآن فإنني سوف أسأله مرة أخري في ظروف أكثر رومانسية .أما الآن فيمكنك أن تدليني علي غرفتي وتقصي علي حكايات تكساس التي تعلمتها".
وضحكت ستاسي بعصبية . وأخذت بيد كارتر واتجها نحو البيت . وقصت عليه ما مر بها من أحداث منذ وصولها , وهي تصبغ الأحداث بصبغة ضاحكة , ودخلا المبني الحجري حيث أرشدته إلي غرفة من غرف الضيوف في الناحية المقابلة لغرفتها . واقترحت عليه أن يلقاها بعد نصف ساعة عند مستنقع الاستحمام.
كانت ستاسي تعوم بكسل علي ظهرها عندما صعد كارتر لسطح الماء بعد أن غطس . وأخذ الاثنان يسبحان لمدة ساعة ثم صعدا إلي جانب المستنقع سعيدين ومرهقين .
قارنت ستاسي بين قسمات وجه كارتر الناعمة . وبين ملامح كورد الخشنة . وأدركت ستاسي أن كارتر ليس بالشخص الذي لا يقهر كما ظننته من قبل . ولكنهما عادا إلي صداقتهما القديمة بدون أن تستطيع التصريح له بالتغير الذي طرأ عليها .
قالت بهدوء :
" أعلم بأمر الرسالة التي أرسلها والدك للسيد هاريس قبل أن أتي إلي هنا"
ولحظت أن وجه كارتر احمر خجلا , وقال:
" تفهمين أن أبي كان قلقا بشأنك . وقد بينت الأحداث أنه كان علي حق , ولم أكن أعلم شيئا عن هذا الموضوع إلا بعد الحادث الذي وقع لك".
ثم استدار ليرقب ستاسي وهو يسأل :
"ما الذي جعلك تبقين هنا , المزاد ؟"
شرحت له ستاسي حادثة ديابلو مع العامل بأقل قدر من التفاصيل , مبينة موقف كورد العدائي منها باختصار . وظهر علي وجه كارتر تعبير السرور بخبث عندما فرغت من كلامها كأنه يشمت لما لحق بها من إهانة .
وضحك قائلا :
" تصوري أن تخرجي لمطاردة الأبقار ! هذا كثير جدا !"
اغتاظت ستاسي لدعابته وأجابت بسرعة :
"حسنا لم يكن الأمر مضحكا عندما حدث. ليس لأحد أي خيار عندما يصدر سيد هاريس إنذاره النهائي"
قال كارتر في لهجة أكثر جدية ولو أن عينيه ظلتا تلمعان بخبث:
"أخذت عنه هذا الانطباع بعد ظهر اليوم, ولا أظن أن الصبر احد خصاله"
أجابت ستاسي بجدية:
"نادرا , وليس لديه صبر على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بي. ومازلت اعتقد انه كان سخفا من والدك أن يكتب هذه الرسالة, خاصة انه لم يخبرني بها. وكلما تذكرت الأشياء البشعة التي تفوهت بها وفعلتها لظني بأن كورد ليس إلا طاغية متعجرف يستمتع بإصدار الأومر للناس"
" اتعنين انه ليس كذلك؟"
"لا.اعني"
تلعثمت وهي تبحث عن الكلمة المناسبة لتفسر بها تغير موقفها بدون أن تبوح بإحساسها الحقيقي
ضحك كارتر ووقف قائلا:
"لا يهم. لا يهمني من هو وماذا يفعل . لقد استطاع أن يمنعك من ركوب هذا الحصان وحافظ عليك حتى استطيع أن أخذك معي . لا يهمني حتى من يكون من أشقياء تكساس. وألان سأبدل ثيابي قبل أن تحولني شمس تكساس إلى سمكة مشوية!"
وفي الليلة التالية , بينما كانت ستاسي تبدل ثيابه للعشاء كانت تخاف مما سيأتي . فقد كانت تأمل أن تبعد كورد عن تفكيرها في وجود كارتر , غير أن كورد بدل هذا الأمل بنجاح.فمنذ حديثها القصير مع كارتر كان كورد دائما معها . فأن لم يشترك في الحديث فهو موجود في الغرفة المجاورة.
سر كارتر لدعوة العشاء عندما أبلغته بها ستاسي , ولم تترك لها حماسته فرصة للتراجع . تعجبت لنفسها فهي تعلم أن قرب كورد منها يسبب ألما شديدا . فهل تستمر في عذابها؟ كل يوم يمر كان يقربها من موعد رحيلها . وهكذا تتحول كل لمحة من الرجل الممتلي رجولة إلي ذكري تعتز بها إلي الأبد وهي تحيا وحيدة .
وهبطت ستاسي الدرج رقيقة ورشيقة كالحلم إلي حيث انتظر كارتر وكورد في ثياب السهرة . لم ينطق كارتر ولكن عينيه الزرقاوين لمعتا بإعجاب أقوي من الكلمات . ونظرت بتردد لوجه كورد علها تجد فيه ما يؤيد إعجاب كارتر , ولكن لم يبد أي إعجاب بينما رأت اهتزاز عضلة فكه الذي أفسد هدوء وجهه . وندمت ستاسي لبحثها عن إعجابه واتجهت لكارتر متسائلة :
" هل نحن مستعدون ؟"
ابتسم كارتر ممسكا بيدها وقال:
" وراغبون ".
كانت السيارة البنية الفاخرة في انتظارهم . جلست ستاسي في المقعد الخلفي وراء السائق , وانتظرت في عصبية أن ينضم كارتر . نظرت في قلق إلي المرآة فالتقت بعيني كورد المحيرتين , وسرعان ما نظرتا بعيدا . ثم صعد المحامي الشاب بجوار ستاسي وانطلق كورد بالسيارة بمهارة . كان الحديث سطحيا في الطريق إلي منزل ليديا وكانت ستاسي لا تغض الطرف عن رأس كورد الجالس أمامها , فلم يكن في استطاعتها إلا أن تتظاهر بالاهتمام بالمناظر الطبيعية .
عندما أوقف كورد السيارة ودخل إلي منزل ليديا قال كارتر :
" أنك هادئة جدا الليلة . هل هناك ما يضايقك؟"
أجابت ستاسي وهي تبتسم امتنانا لاهتمام كارتر بها:
" لا . بالطبع لا . كنت أستمتع بالمناظر الطبيعية , خاصة والشمس علي وشك المغيب . إنها تضفي علي كل شيء هدوءا غامضا".
تمتم كارتر بهزة ساخرة من رأسه :
" يا لها من فتاة ! إنها تجلس بجانب رجل سافر, عبر نصف البلاد ليراها , فإذا بها تعجب بالمناظر الطبيعية"
ضحكت ستاسي إذ كانت تشعر بالارتياح لوجوده وقالت :
" أوه ... كارتر ! إنك تعلم أنني مسرورة لوجودك هنا ".
أنت تقرأ
🌲مزرعة الدموع 🌲جنيت ديلي
Romanceالعنوان الأصلي:No Quarter Asked " تجري الرياح بما لا تشتهي السفن " هذه الحكمة البليغة , كثيرا ما توقع الإنسان في لعبة التحدي , فيقطف نتائج لم يكن يتوقعها .لم تجري الرياح في تكساس كما اشتهت ستاسي الجميلة التي هجرت حياة المدينة بحثا عن الوحدة في أقاصي...