البارت ٥

98 12 0
                                    

✿ قصة من عالم البرزخ ✿
♡ رحلة البقاء 2 ♡
🔻 الجزء الخامس 🔻

سألته مستغربا من كلامه:
ــ حتى أنبياء أولي العزم؟
ــ نعم حتى هؤلاء، فهم بحاجة إلى شفاعة الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأظن أن مشكلة أهل المحشر ليس لها إلا الرسول الأعظم الذي ختم مقامات القرب إلى الله بمقامه، وبلغ موقعا لم يبلغه أحد قبله ولا بعده، فهو الذي قال القرآن بشأنه: ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ).
طلبت منه مرافقته في رحلته، فتبسم وقال:
ــ عزيزي سعيد، إن أثر وتبعات كل شيء في عالم القيامة تكويني لا اعتباري، فلا يمكن السماح لك بمرافقتي، فضلا عن غيرك من أصحاب الدرجات الدنيا، إذ إن درجتك التي اكتسبتها في عالم الدنيا والبرزخ لا تمكنك من ذلك.
عدنا إلى مواضعنا على أمل أن تصلنا أخبار مسيرة مؤمن وأمثاله من المخلصين، وفعلا علمنا بعدها أن الأمر قد وصل إلى نبي الله آدم، ثم قطع مراحل أخرى، ومراتب عدة حتى صار لأن ينطلق الأنبياء من غير أولي العزم إلى نبي الله نوح الذي قال لهم:
ــ أن هذا الأمر عظيم وأنا لست له، اذهبوا إلى نبي الله ابراهيم.
ذهبوا إلى نبي الله إبراهيم، فدلهم على نبي الله موسی الذي دلهم على نبي الله عیسی، وعندما وصلوا إليه قال لهم:
ــ أن الله تعالى خص مقام المحمودية للرسول الخاتم محمد، وهو أهل لهذا الأمر.
جمعوا أمرهم، وانطلقوا إلى الخاتم(صلی الله عليه وآله وسلم)، وقالوا له:
ــ يامن ختم الرسالات برسالته، والمقامات بمقامه، يا من هو أولنا إسلاما، وأرفعنا درجة، وأوجهنا عند الله، يامن أقر بالعبودية لله وآدم بين الروح والجسد(1)، يامن يشهد على الشهداء ونحن الشهداء(2)، إشفع لنا ولأهل المحشر عند الله، فإن الحرارة كادت تذيب أبدانهم، والعرق يصل إلى أعناقهم، بل إلى أفواه البعض منهم.
أجابهم الرسول الخاتم، وهو أول من يجيب بالإيجاب، إذ قال: أنا لها ياأنبياء الله وأولياءه .
وانطلق الخاتم(ص)، وسجد لله سجدة أطال فيها، وما رفع رأسه الشريف منها حتى قيل له: يا محمد أسال تعطى واشفع تشفع، فقال: يارب أمتي أمتي(3).
هنالك ارتفعت الشمس من على رؤوس العباد، ونفذ العرق في الأرض، وتوغل فيها بعد أن أذن لها بذلك، وعاد الرسول الخاتم، وكل من في المحشر ينطق باسمه، ويحمده على شفاعته، ويغبطه على مقامه ومنزلته، وذلك قول الله تعالى: (عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)(4).
بعد أن رفع البلاء العام الذي كان قد شمل عموم أهل المحشر بشفاعة خاتم الأنبياء محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، بقي كل شخص منا يعيش عذاب نفسه، وحسرة أعماله. والذي يزيد من العذاب عذابا، أن كل شخص منا كان معروفا بين أهل المحشر بملامحه أنه فلان الذي كان في الدنيا، رغم تغير صور وأبدان البعض منهم إلى صور قبيحة منبوذة، كهيئة. الخنازير والقردة وأمثالها(5)، والبعض تفوح منهم رائحة كريهة نتنة تجعل أهل المحشر يفرون منهم، وذلك يجعلهم في عزلة وذلة، منبوذين لدى الخلائق أجمعين.
كنت أجول في عرصة المحشر عسى أن أجد ما ينفس کربتي في أول موقف من مواقف القيامة، فأرى بعض أصحاب الدرجات السفلى يتمسكون بأطرافي، ويتوسلون بي لنجاتهم، أو على الأقل لتأمين لباس لهم يسترون به أبدانهم، وذات مرة سألني أحدهم أن أهب له شيئا من نوري رغم ضعفه، إذ قال:
ــ أعطني من نورك، أو دلني من أين أتيت به؟
تذكرت آية القرآن التي تشير إلى هذا الطلب من المنافقين يوم القيامة، والتي تقول: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا..)، حينها أجبته بما أجابهم القرآن، إذ قلت له:
ــ ارجع ورائك فالتمس نورا.
قال:
ــ أتسخر مني، أين النور الذي تقول عنه ورائي؟
ــ أنا أقول ارجع إلى الدنيا والتمس النور من هناك، وهيهات لك ذلك. لقد تركتم نور الله ورائكم، فلماذا لم تستضيئوا به، ولم تلتمسوا منه وقد قضيتم عمرا فيها؟
أما المخاصمات بین أهل المحشر فحدث ولا حرج، وكثيرا ما كنت أشاهد مخاصمات بين أفراد يبدو من كلامهم أنهم كانوا في الدنيا أصدقاء على السوء، أو شركاء على الباطل، أما الآن فقد أصبح الواحد منهم أشد الأعداء للآخر، ويود لو يقطعه قطعا قطعا..
ذات مرة رأيت مشاجرة تبدو شديدة لكثرة اجتماع أهل المحشر حولها. اقتربت منها، ودهشت كثيرا عندما رأيت أن أفرادها ليسوا بغرباء عني، ويبدو أني أعرفهم! دنوت منهم أكثر، وتمعنت في صورهم ... يا إلهي ماذا آری!

ما هذه المشاجرة وماذا راى سعيد.. هذا ما سنرويه لكم غدا..؟
فانتظرونا غدا مع الجزء السادس ان شاءالله تعالى من على #صفحة_منازل_الاخرة

#تنبيه الى متابعينا الكرام اذا استمر قلت التفاعل #للقصة سنضطر لعدم نشرها فالمنشور قليل التفاعل يؤثر على #الصفحة فاذا كنتم ترغبون في الاستمرار بنشرها فنرجو منكم التفاعل #بلايك #والتعليق بـ #تم
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) کنز العمال/ج11: (عن رسول الله(ص) قال: كنت نبيا وآدم ابن الروح والجسد).
(2) ان كل نبي يشهد على أمته يوم القيامة، وخاتم الانبیاء(ص) يشهد على الأنبياء الأولين والآخرين، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله في سورة النساء آية41: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا).
(3) المضمون العام لهذه الحادثة مستوحاة من الرواية الواردة في بحار الأنوار العلامة المجلسي/ج8 ص 48 - 49: (عن ابي ابراهيم(عليه السلام) في قول الله:(عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) قال: يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين عاما، ويؤمر الشمس فيركب على رؤوس العباد ويلجمهم العرق، ويؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم فيشفعون منه فيدلهم على نوح، ويدلهم نوح على إبراهيم، ويدلهم ابراهيم على موسى، ويدلهم موسی علی عيسى، ويدلهم عيسى فيقول: عليكم بمحمد خاتم البشر، فيقول محمد: أنا لها، فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق، فيقال له: من هذا ؟ - والله أعلم - فيقول: محمد، فيقال: افتحوا له، فإذا فتح الباب استقبل ربه فيخر ساجدا فلا يرفع راسه حتى يقال له: تكلم وسل تعط واشفع تشفع، فيرفع راسه فيستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها، فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع من قد احرق بالنار، فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد(صلى الله عليه واله)، وهو قول الله تعالى:(عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا).
(4) الإسراء/79: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)
(5) [عالم ما بعد الموت] للفيض الكاشاني/ص100: (إن المُعاد في المعاد والمحشور في الآخرة، هو بعينه هذا الشخص الإنساني الذي في الدنيا والبرزخ - روحا وبدنا - بحيث لو يراه أحد عند المحشر يقول: هذا فلان الذي كان في الدنيا).
.
🌹 يحق اخذها لكل من يرغب باعادة نسخ ونشر القصة ولكن لا نجيز حذف اسم #صفحة_منازل_الاخرة من القصة او الصورة 🌹

رحلة البقاء ٢حيث تعيش القصص. اكتشف الآن