-------------------------
-15-
" سأرسُمُ خطّ بدايتي بنفسي. "
-------------------------
.
.
-----------------------
صوتُ المياه المُتدفقة من الصنبور ملأ الغرفة الهادئة، وكان هو الصوت الوحيد الذي يتردّدُ في أرجاءِ ذلك المنزل الكبير والكئيب. غُرفة إيميليا في الطابق الثاني لا تزال تحتضنها لتُفرِّغ فيها مشاعرها السلبية، وكانت الستارة القاتمة قد غطّت النوافذ لتترك الغرفة مُظلمة، وحيدة وذابلة، تمامًا كمالكتها.
تشعُر إيميليا وكأنها أبكت قلبها، فبدأ صدرها يُثقِلُها ورأسها يؤلمها. حاولت وقتها أن تتوقف عن البكاء، ولهذا تركت رواية أليس ذات الغلاف الباهت على إحدى المنضدات وتوجّهت إلى دورة المياه الخاصة بغرفتها، علّ بعضًا من المياه الباردة ستُعيد إليها هدوءها.
بللت وجهها مرارًا، وحاولت أن تجعل دموعها تضيع بين قطرات المياه لأنها لم تتوقف بسهولة. تجنّبت إيميليا وقتها النظر في المرآة، فهي علِمت أن أنفها وعينيها مُحمرّين. كانت مشاعرها ثقيلة جدًا وكادت تخنقها، حتى أن أنفاسها كانت مُرتفعة وسريعة بعض الشيء، ولكنها وقفت هناك، رِفقة صوت وملمس المياه الباردة، وأخبرت نفسها أن تهدأ.
(اثبتي، اثبتي، اثبتي..)
هي أغمضت عينيها الّتين اختفتا خلف كفّيها المُبللين، وراحت تُكرر تلك الكلمة علّها تُقنع قلبها أن يُغلق أبوابه من جديد. لم تواجه إيميليا صعوبة في السيطرة على نفسها كمثلِ تلك المرة، فهي شعرت بشيءٍ داخلها يبهُت، ثم يختفي. كانت قلقة من أن هذه اللحظات ستؤثر عليها بشكلٍ عميق، ولهذا أصبحت تُكرر أن كل شيءٍ بخير لتطمئن.
صدى صوتُ باب دورة المياه خلفها حين أغلقته، وعينيها الغائرتين مُركزتين في الفراغ. في ذلك الوقت كان وجه إيميليا قد فقدَ تعابيره، ولم يكُن هناك سوى القنوط في عينيها. كانت تستطيع الشعور بقلبها الذي لم يهدأ بعد وهو ينبض ببُطء حتى ظنت أنه توقف في لحظةٍ ما، أو أنها ببساطة لم تعُد تستمتع له.
وقفت هناك لدقيقة، وهي تستمرُّ بأخذِ أنفاسٍ عميقة بانتظام. كانت تحاول ضبطَ نفسها بأقصى طاقة تبقّت لديها، لأنها تعلم أنها ستواجه غيرها حتى تصِل إلى القصر، وكان عليها في هذه الحالة أن تمحي أي أثر لضعفها، وألا تسمح لأحد برؤية انكسارها في ذلك اليوم. مرارًا وتكرارًا أخبرت نفسها أنها بخير، ثم تأخذ أنفاسًا عميقة، واستمرّت بهذا حتى استطاعت بصعوبةٍ أن تُسيطر على مشاعرها.

أنت تقرأ
صـــه || HUSH
Фанфик{K.TH&J.JK} -حيثُ تحتضِنُ العاصمة لندن القصر الشامِخ لأعظم عائلة سحرة في التاريخ، عائلةُ السيد كيم، دافنةً سِرهم بصمتٍ داخِل جُدرانِها. [ تدور الأحداث في عام 1961م. ] [ملاحظة: الرواية لا تدعم الشذوذ بتاتًا، ولُطفًا، إن لم تكُن من القُرّاء الّذين...