92 0 0
                                    

مستحيل، هكذا فكرت أليكس فستعجز عن وصف مشاعرها في تلك اللحظه، فلماذا يجىء حظها معا جريج وايلد دوناً عن رجال العالم، أكان لابد من هذا الحظ! لقد انقضى عامان منذ رأته اخر مره. ولا تكفي هذه المدة لنسيان ما سببه لها من الآلام _ أو لتتسامح وليندمل جرحها، ومصاحبته لها في رحلتها لن تستسغيه على الأقل،  ولكن لو تراجعت الآن ربما لن تواتيها مثل هذه الفرصه إلا بعد وقت طويل، وربما للأبد. لقد غمرها رئيس التحرير بتقدير كبير بأختيارها وتفضيلها على توني جاكمان، وهو الكاتب اللامع، والتخلي عن الفرصة سيكون بمثابة لطمه على وجه رئيس التحرير، ولن يتقبلها بسهوله.
في النهاية قالت له: "لا، طبعا لا؛ فقط احاول التعاطف مع المهزوم، هذا كل ما في الأمر".
" شعور عظيم منك،  واثق انه يبادلك نفس الشعور "واعتدل في مقعده عندما سمع طرقات على الباب" مؤكد انه وايلد "
لم تتحرك اليكس بينما فتح الباب إثر ترحيب رئيس التحرير بالطارق، أعلنت السكرتيرة إسم الزائر، وأغلقت الباب بعد دخوله، ودار بن رينولدز حول مكتبه ليرحب به ماداً ذراعيْه
"سعيد بمجيئك، أظن ستكون فكره طيبة لو ناقشنا مزيد من التفاصيل"
"حسناً" وتوقف بن رينولدز، شعرت بنظراته تخترق ظهرها، وأجبرت نفسها على الإلتفات برأسها وهو يضيف "ستلتقي برفيقه سفرك" وشعرت وكأن نظراته تخترق ستائر الماضي.
أومات "السيد وايلد، سعيده بلقائك " لكنه لم يكشف عن دهشته وأجابها "ستكون رحلة ممتعه هادئه"
تدخل رئيس التحرير "يكفي اسبوعان لإنجاز المهمة، لقد حجزنا لكم تذاكر السفر، وعندما تصلان اليابان بأمكانكما التجول حسب ظروفكما،  وستجدان حساباً لنفقاتكم به مبالغ ضخمه، وسأكون شاكراً لو اقتصدتم في الإنفاق في إطار معقول".
اجاب وايلد" طبعا سنفعل، وأنت تدرك أننا سنمسح كل اسطح اليابان في اسبوعين فقط ".
حول رئيس التحرير دفة الحديث" اليكس هي التي ستعطي الموضوع عمقه وتغوص في عمق اليابان "
التفت وايلد "ستفعلين؟"
وقاطعه بن رينولدز "لن ننشر القصة الصحفية ان لم تفعل ذلك، هل إلتقيتما من قبل؟"
أجابت أليكس "نعم ولا سأفعلها بجديه يا سيد وايلد، بنفس الطريقة الجيدة التي ستفعلها بها لكنني مندهشة قليلا لأن تسمح لك ألتزاماتك بقضاء اسبوعين لمجرد المشاهدة السطحيه، هذا كل ما في الأمر".
" ربما أقول انها فرصة طيبه للعودة إلى اليابان فلقد انقضى عام اخر على اخر زيارة لي، لكن هذه المرة سأضرب عصفورين بحجر واحد".
لمعت عيناه الزرقاوين فجأة وكأنه يهدد، وتراجعت أليكس، وخفضت عينيها لتحملق في يديها وتتذكر وسألته "ماهي خطتك للرحلة؟"
"يومين في طوكيو كبدايه؛ هناك الكثير مما لا يعرفه السياح ولي اصدقاء في كيوتو سيقدمون لك تفاصيل الحياة الداخليه للمنزل الياباني، بعد ذلك شيكوكو تلك الجزيرة لتشاهد اليابان القديمه قبل أن تجتاحها الصناعه".
نظرت إليه مباشرة" هذا لا يكفي مدة الإسبوعين"
"صدقيني، ستجدين الكثير لتكتبي عنه انا واثق من هذا"
وهي تحدق فيه مرة ثانيه تذكرت انه الرجل الذي انهى علاقته بها منذ عامين وهو الذي تسبب في قطعها بلا مبرر وقتها مهما قال لها يجب ان تترك له فرصة مواصلة إعتقاده بأنها نسيته وتخلصت منه! على الاقل لتشعر بكرامتها.
سأله بن رينولدز "ماذا عن السكن في طوكيو؟ هل يجب أن نحجز لكما في فندق؟!".
" محتمل أن نواجه صعوبة في هذا الوقت من العام، بصرف النظر عن السياح، فاليابانيون أجازاتهم في اغسطس دع الأمر لي، لدي اصدقاء يمكنهم الحجز لنا في ريوكين وهو فندق ياباني الطراز كما يقال للسياح الأوروبيين وطالما سنحاول معرفة اليابان على حقيقتها فسيكون الفندق تجميعاً لها".
قالت اليكس ببرود "سأتأكد من ارتداء *الكيمونو*"
"لتصبحي يابانيه المسأله اكبر بكثير من إرتداء الكيمونو كما ستكتشفين فبعد السماح بالتأثير الفربي أصبح بلداً آخراً".
أجابته:  " حيث ما زالت المرأه مواطنه من الدرجه الثانيه كما نسمع! ".
" يجب ألا اظن أنك تستبقين الحكم ولديك افكار مسبقة في عملك ".
عضت أليكس شفتيها مهمومه بتضايق رئيس التحرير وعدم فهمه لهذا الموقف طبعا. حتى لو كان يعرف بعلاقتهم السابقة، فلن يقدر على إدراك طبيعه رد فعلها. فبالنسبه لرجل من نوعيه بن رينولدز العمل اهم من أي اعتبار آخر، لذا قالت
" سأبذل قصارى جهدي لأظل واسعة الأفق.. ما موعد أقلاع الطائرة يوم الإثنين؟ ".
أجابها رئيس التحرير." الحاديه عشر والنصف وتستغرق الرحلة تسع ساعات، عندما تهبط الطائرة سيكون يوم الثلاثاء ".
صحح له جريج وايلد" ثماني ساعات بالتوقيت الصيفي البريطاني ".
اعتربته أليكس متحذلقاً وتمنت لو كانت مصورة محترفة كما هي صحفية وكاتبه فما كان ممكناً أن تتعرض لهذا الموقف وأنهى رئيس التحرير المكالمه التي قطعت أسترساله في إعطاء ملاحظاته، وواصلت هي خواطرها ولكنها أستسلمت لشبح الذكرى وقصه أول لقاء لها به.....
كانت مهمته بالمصور الصحفي الواقف في الجانب آلاخر خصوصا عندما حدق بها هو آلاخر بين لقطاته، كانت تعرفه طبعا.. جريج وايلد إسم ذائع الشهرة في عالم التصوير، ليس صور الموضة فقط بل كل شيء ومنذ عدة شهور فقط حقق كتابه عن التصوير الصحفي أرقاما مذهلة في قوائم الكتب غير الروائية.
هو نفسه شخصيه مذهلة، بشعره الاسود الفاحم وحيويته الباديه للعيان ورجولته التي توضح أنه في بدايات الثلاثينات مما يجعل لنجاحه مذاقاً خاصاً جديراً بلاعجاب.

يتبع..... 

لن اخون حبــي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن