033

119 7 6
                                    



للماء ذاكرة من بصمات الغرقى،
يشدون قبضاتهم عليه مرارًا، يفتحونها مرة واحدة أخيرة: وتهرب العصافير.

الوجود كلّه يحدث في حاضرٍ بلا زمان،

وليكتمل وعي اليمّ، بات للرّطوبة آلهة لا تجفّ، أبطال خصوبة،
ولتكتمل فكرة الوقت، بتنا نخاف الظلّ واليباس.

الوجود هو أبدي: الزمان كلّه هو الآن.

لا يُصدّق الأطفال أنّهم كبروا في السنّ، أنّهم صاروا كهولًا.

الماء مزيج الوقت والمرايا السائلة،
ومثل المرايا: للماء ذاكرة من وجوه.

ابتسامات باعة الورود تخدعك،
الشّبع، روائح العطر، فزع الطّيور من الطّيور، الذكريات، حرّاس الحدود، الرّسائل واللغات،
والسّفن العائدة.

‏ثلوجٌ فوق جبالٍ بعيدة،
أنت لا تستطيع رؤيتها،
وحده البرد يأكل قلبك.

هم كلّهم يبكون من الداخل، أنت لن تستطيع رؤيتهم.

الماء فيك الذي فيك، يخدعك،
الماء الذي فيك، لا يسمعك.

الشقوق حولك، تحاول ابتلاعك، أنت لا تستطيع رؤيتها.

الشوارع الصّغيرة، ذاتها، صارت صحارى،
والمدن القديمة، التي لفظتك، أنت الغريب، من كنت غرييًا، من أصبحتَ غريبًا،
صارت مدن غرباء جدد.

عباد النور، عباد الشّموس والوجوه، الصوت، الضوضاء والتشويش،
عباد الريح والخوف من الآخرين،
عباد الآخرين.

هي الثّانية ذاتها، تتكرّر منذ الأبد،

أبدٌ أبد،
حددٌ حدد،
مددٌ مدد،

آلهةُ قدامى، وآلهةٌ جدد،
والزّهرة، ما زالت، تعبد الشّمس، وتعشق الرّيح.
شجرٌ يعبر الرّيح،
والرّيحُ، أمنية هروب؛ ما للريح من جسد.
يرحلُ الغريبُ، وبين يديه ابتسامة،
يصرخ الغريبُ: يا حبّ خذنا،
خذنا إليك يا جسد الرّيح،
لولاك يا حب، لولاك،
ما لنا من مركبٍ،
لولاك يا حب،
لولاك،
ما لأشرعتنا من وتد.

—طلال بو خضر

أَجّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن