لم تستوعب زينب كلام السيدة المرعوبة همست لها
(يفجر نفسه؟؟) ، همست السيدة برعب (انه يرتدي الحزام الناسف طيلة الوقت .. فقط ينتظر الوقت المناسب .. عدد اكبر من الزوار .. انظري .. الليلة ما اكثر الزوار ..اكثر من موكب .. لن يفوت هذه الليلة) ، تذكرت زينب كلام ام احمد (اعوذ بالله .. اهذه اخلاق زوار؟!) استرسلت الزوجة وهي تبكي( رجوته ان لا يفعلها .. يقول انه اخطأ حين اخبرني ..
رجوته .. يقول ان المال الذي سيعطونه لأولادنا يعيشهم ملوكا .. ما نفع المال ونحن نحترق بجهنم..) هبت زينب واقفه كالمجنونة تتلفت حولها (اعوذ بالله!) .. النساء الغارقات بالنوم يحتضن اطفالهن .. اولاد وبنات ليس لهم ذنب .. تعوي السيدة(جهنـــم) ..زينب تفكر بالشباب الذين يرقدون بأمان لا يعلمون ما يدبر لهم.. (جهنــــم) .. ام احمد .. مقداد ..الكل سيموت هذه الليلة لو قرر الملعون ان يفعلها
..( اعوذ بالله !) . دارت الدنيا بزينب ، لا تدري اين تذهب
.. ركضت لغرفة الرجال .. طرقت الباب بعنف .. لا احد يفتحه .. بدأت تصرخ(مقداد.. مقداد) ..واخيرا انفتح الباب ليطل عليها زوج المرأة الملعون .. نظر اليها بعينيه الحمراوين .. ارتجفت .. هناك احتمال ان تكون زوجته كاذبه .. ولكنها لن تجازف بأرواح الجميع مقابل احتمال واحد .. بارتباك هتفت (اريد زوجي ..) رفعت صوتها وعينها معلقه بالراقدين بالداخل(مقداد.. مقداد) ، بدأ الرجال يستيقظون بانزعاج ، من بعيد لاح شبح اسود يتقدم اليها بالظلام .. نظرت اليه كان مقداد .. هرول اليها بعينين ناعستين وهتف (ماذا هناك .. ما بك يا زينب) ، عند العتبة يقفان .. وزوج المرأة لا يزال بقربهما يمسك الباب .. ترددت زينب .. ماذا تقول .. مقداد ينظر لها باستغراب ..الرجال بالغرفة من استيقظ جلس متململا يريد ان يعرف لماذا تطرق امرأه باب استراحة الرجال في هذا الوقت.. والملعون لا يبتعد .. برعب شاهدته زينب يمد يده تحت معطفه الاسود السميك.. لا مجال للانتظار اكثر ..صرخت زينب كالملسوعة وهي تشير الى زوج المرأة(يرتدي حزاما ناسفا .. سيفجر نفســـــه) .. رفع الرجل عينيه لها بغضب ..دون تردد رمى مقداد نفسه عليه.. قبض مقداد على يدي الرجل ورفعهما عن ثيابه .. قاوم الرجل كالمجنون وهو يسب ويلعن .. زينب تصرخ(سيفجررر نفســــه) .. الرجال يركضون يساعدون مقداد.. تحولت الغرفة الصغيرة لساحة معركه ، زينب تصرخ بجنون .. مقداد متشبث بيدي الرجل .. الرجال متمسكون بالرجل يساعدون مقداد .. والرجل يحاول ان يفلت نفسه.. (سيفجرررر .. نفســــه)
كيف تملك الجرأة لتزهق آلاف الارواح البريئة ؟؟كيف تطيعك اصابعك لتفجر اجسادا طريه لأطفال صغار ؟؟كيف تستطيع ان تغمض عينيك عن العقاب الالهي الذي ينتظرك ؟؟كيف تستطيع ان تنام ويداك ملطختان بدماء من يشهدون الشهادتين؟؟ أسئلة كثيرة دارت بذهن زينب وهي ترى الرجال يسحبون الحزام الناسف من حول خصر الملعون ، بدا الحزام ثقيلا ، همس احد الرجال(كان سيقتلنا جميعا) ، الملعون شده لبطنه بعنايه واسدل عليه ثيابه ومعطفه ، الكل كان ينظر للحزام الثقيل ، هي فقط عناية الله ولطفه التي انقذتهم ، لو لم يخبر زوجته ، لو لم يحضر زوجته معه، لو لم تتكلم زوجته ، لو لم تخرج زينب في تلك الليلة ، ،كلها ألطاف إلهيه يسرها الله تعالى لأناس أبرياء لا ذنب لهم الا حب ريحانة رسول الله ، ارتخت الايدي عن الرجل الملعون وهم يتبادلون الافكار في كيفية تسليمه للجهات العسكرية..
كان قلب الارهابي يغلي غضبا من فشل خطته والسبب هذه الفتاة .. لن يتركها دون ان يحرق قلبها .. لقد جعلته يخسر صفقة العمر .. تأمل وضعه البائس .. الاعدام ينتظره لا محاله .. لا مال ولا حياة .. لقد خسر كل شيء.. يجب ان تندم هذه الفتاة .. إن أخذوا منه الحزام فلا يزال الخنجر بجيبه .. التفت لمن قالت انه زوجها .. وقرر ان ينتقم من زينب..
سيحرق قلبها ألف مرة .. هذه المرة سيفعلها بنجاح .. انتظر لحظات .. حتى تأكد من انشغال الجميع .. بسرعة اخرج خنجره ورفعه بكل قوة .. صرخت زينب .. ولكن من قال ان الصوت اسرع من يد ارهابي ملعون؟؟ لم تستطع صرخة زينب ان تسبق يد الملعون ..في لحظة اندفعت يد الملعون بخنجره لتستقر بخاصرة مقداد ، انغرس الخنجر حتى مقبضه في الخاصرة ، لم يصرخ مقداد من هول المفاجأة ، فقط اتسعت عيناه دهشة وهو ينظر لزينب ، انفلت الملعون من بين الايدي ، ركض خلفه من ركض ، وتلقفت مقداد أيد الرجال المرتعبين من هول المفاجأة.. وزينب تصرخ مرعوبة (مقدااااااااااد)
؟؟ لا نعرف قيمة النور الا اذا عم الظلام .. لا نعرف قيمة الماء الا اذا عطشنا .. بالشكر تدوم النعم.. وبنكرانها وتجاهلها نفقدها .. حقيقة أزليه ولكنها كباقي دروس الحياة لا نتعلمها الا بصفعه توقظنا من سبات غرورنا .. لم يغمض مقداد عينيه بعد الطعنه .. كانت عيناه معلقتان بزينب ..
وكأنه لا يريد ان تغيب عن ناظريه .. لم يتألم مقداد من الطعنه التي مزقت خاصرته .. ولكن دموع زينب كانت تؤلمه .. زينب المسكينة .. ذرفت دموعها سخية وهي تبكي مقداد ..مد احد الشباب يده لينزع الخنجر الملعون فهتف شيخ كبير به(اياك .. سينزف حتى الموت لو فعلتها .. اترك مهمة نزعه للطبيب) ..ارتعبت زينب .. الموت .. من قال ان مقداد سيموت .. كلا .. سينجو مقداد .. سينجو .. هرولت زينب ودموعها تسبق خطواتها خلف الرجال الذين يحملون مقداد للمركز الصحي القريب من الاستراحة .. الجو بارد .. الفجر على الابواب .. هل المركز مستعد ليتعامل مع حالات كحالة مقداد .. ارتجفت زينب من الفكرة .. حالة من الفوضى عمت المركز الصحي .. تراكض الاطباء وهم يحاولون تجهيز المكان لمقداد .. ادخلوه غرفة صغيره وطلبوا من الجميع الانتظار في الخارج .. دخل مقداد وعيناه معلقتان بزينب ..
انهارت زينب قرب الباب كانت تهتف بألم (يا رب نجه .. نجه يا رب ..)
.. من حولها وقف الرجال ، متعاطفين معها ، يدعون لمقداد بالسلامة ، من بعيد ارتفع صوت اذان الفجر
، الله اكبر الله اكبر .. رفعت زينب عينيها الغارقتين بدموع الخوف .. الله اكبر الله اكبر .. هدأت وهي تستشعر رحمة الله
..اشهد ان لا اله الا الله .. ومن سواك يا ربي يعينني في مصيبتي .. فوضت زينب امرها لله تعالى .. اتجهت للوضوء والصلاة .. ان الله اعلم بضعفها وقلة حيلتها .. ان الله وحده يعلم كم تريد زينب ان تبدأ صفحة جديده مع مقداد .. فقط لينجو مقداد ..استيقظت المواكب وانتشر خبر القبض على ارهابي ملعون بينها .. لم يستطع الفرار .. استطاع الرجال القبض عليه وتسليمه للشرطة بعد ان نال علقة لن ينساها ..
اتجهت الحشود للمركز الصحي لتواسي بطلة الليلة الماضية .. والتي بفضلها بعد رحمة الله تعالى لم ينفذ الملعون مخططه .. رجال ونساء واطفال ، احاطوا زينب .. يواسونها ويشكرونها .. تأخر خروج المواكب .. الكل ينتظر خروج الاطباء الذين طال غيابهم بالداخل .. واخيرا خرج الطبيبيتبع..
أنت تقرأ
خطوات الأجنحة
Romanceلماذا أصر الحاج ابراهيم على تزويج وحيدته(زينب) من (مقداد) الشاب المكافح البسيط؟؟ ما السر وراء صمت مقداد وقبوله لجفاء زينب معه؟؟ هل سيستمر عناد زينب وغضبها ام ان هدية والدها ستغيرها ؟؟ من وحي الأربعين . من وحي اسرار الزيارة الحسينية المليونية .. اقدم...