النظرة الدونية التي سددتها نحوها كانت كفيلة بتصعيد التوتر فجــأة، عادت "تقى" إلى مقعدها، بالكاد لامست الحلوى الموضوعة قبالتها، ولم تتوقف عن تناول الماء، تطلع إليها "أوس" بغرابةٍ، خاصة مع رجائها المريب:
-ممكن نمشي بعد إذنك؟
ضاقت عيناه بشكٍ، قبل أن يسألها:
-حصل إيه يا "تقى"؟
حركت شفتيها بصعوبة، لتضبط بإحكام نبرة صوتها، وهي ترد:
-مافيش.
سألها بنظرة نافذة:
-في حد ضايقك؟
اختنقت العبرات في عينيها، وبدت عاجزة عن الاحتفاظ بهم وهي تصر عليه بتوسلٍ:
-لأ.. بس أنا عاوزة أمشي، عشان خاطري، خليني أبعد عن هنا
رد بوجهٍ تحول لكتلة من الصخر:
-تمام
ثم أرسل إشارة من عينيه الغائمتين، إلى مدير المطعم، ليأتي الأخير مسرعًا إليه، أطرق رأسه في احترامٍ مبجل وهو يسأله:
-أوامر معاليك يا باشا.
سحبه بعيدًا عن زوجته، ثم تحدث بصوتٍ جعله باعثًا على الرهبة، وهو يخرج أحد بطاقات التعريف الخاصة به، والمدون عليها بريده الإلكتروني الخاص:
-تسجيلات الفيديو في آخر نص ساعة للمكان كله تتبعتلي فورًا.
من المؤكد أن كارثة حدثت، وإلا لما انتهت تلك الأمسية سريعًا، هكذا ردد مدير المطعم لنفسه، متطلعًا بارتعابٍ لصاحب السلطة، لكنه لم يقوَ أبدًا على الاعتراض عليه، وقال صاغرًا له:
-حاضر يا باشا، كل حاجة هتكون عند سيادتك، أي أوامر تاني يا فندم؟
رد عليه "أوس" بلهجة مهددةٍ:
-أحسنلك ملاقيش اللي يضايقني.
أحس المدير بتوقف دقات قلبه عن العمل بعد سماعه لتهديده العلني، رمش بعينيه في رعبٍ أكبر لثانية تجرأ فيها على النظر نحوه، ولم يجرؤ بعدها على رفع عينيه نحوه، ظل محنيًا لرأسه لبعض الوقت بالرغم من انصــرافه، اجتاحته رعشة موترة، تكاد تقضي على حياته، وهو يدمدم مع نفسه:
-استر يا رب، شكل الليلادي مش هتعدي على خير.
يتبع >>>>>>>>>>>
أنت تقرأ
غسق الأوس ©️ - ليلة دافئة - كاملة
Roman d'amourاستكمالاً لباقي أحداث الخماسية الشهيرة لسلسلة الذئاب .. تم طرح القصة القصيرة (غسق الأوس - ليلة دافئة) كعمل منفصل ومكمل في إطار احتفالية إطلاق موقع إبداع الرقمي الجديد تاريخ النشر يوليو 2020 الأحداث منشورة على هيئة مشاهد متتابعة