🦋- دعوا الأطفال يأتون🦋 .....
كانت توني وجوليا مسترخيتين على الشاطئ تحت الشمس . وكان يبدو من بعيد الزورق الأبي الذي يُقلّ مارغريتا وزوجها قادمين من جزيرة كوس الصغيرة . وعندما رأت جوليا الزورق قالت في حدة :
"ألم يكن داروس أنانيا لأنه تعمّد عدم إصطحابنا معه؟"
"ان الرجال اليونانيين لا يصطحبون نساءهم معهم عادة "
"ولكن داروس نصف انكليزي , لقد ترملت والدتي عندما كان داروس يبلغ من العمر عامين فقط وتزوجت مرة اخرى بعد عام"
"اذن فقد تربى داروس كيوناني "
ومضت توني تقول بدون ان تنتظر ردا ..
"ولذلك فإنه يميل أكثر الى اليونانيين عنه الى الأنكليز , وفي الحقيقة لا أنظر اليه كأنكليزي أبدا . وهذا هو ايضا السبب في انه لم يصطحبنا معه "
لكن ذلك لم يكن صحيحا تماما . أن داروس لم يكن ليطلب من توني ان ترافقه الى كوس . ولذلك فإنه لم يستطع ان يطلب من شقيقته ذلك.
وبدت جوليا قلقة وأصبحت توني متوترة كأنها تنتظر شيئا .
كانت جوليا تقيم مع شقيقها منذ أسبوع تقريبا بعدما جاءت من أثينا في عطلتها السنوية التي بدأت في أول شهر يونيو ( حزيران ) , منذ اليوم الثالث لوصولها بدأت ترمق توني بنظرات غريبة بين حين وآخر , وكانت في بعض الأحيان تهمّ بالأفضاء إليها بأسرارها حتى تكتسب ثقتها . لكنها كانت تغير رأيها كل مرة , وأخيرا تمالكت جوليا نفسها وقالت لتوني في كلمات سريعة :
"توني , هل تعتقدين أنه من الخطأ أن يكون لك صديق قبل الزواج؟"
ولمحت توني خاتم الخطوبة في اصبع جوليا . وضعت هذا الخاتم في اصبعها منذ أقل من شهر .
" لا أعرف كيف أجيبك , في بلدي لا يهمّ هذا الأمر أبدا , لكن هنا .. لا يصح للفتاة اليونانية ان تتخذ صديقا لها قبل الزواج . أليس كذلك؟"
واحّمرّ وجه جوليا الجميل خجلا وهي تقول :
"كان لدي صديق في الجامعة , واسمه كوستاس"
والتقطت جوليا حصاة عن الأرض , وقلببتها في يدها , وقد بدا عليها الحرج :
" وهل يعرف خطيبك ستيفانوس شيئا عن هذا الصديق ؟"
" كلا ... انني لا أجرؤ على إبلاغه"
" وماذا عن داروس ووالدتك هل يعرفان ذلك؟"
وأومأت جوليا برأسها وقد زاد خجلها :
"إنهما يعرفان كوستاس , لكنهما لا يعرفان كل شئ !"
وقالت توني في استغراب ودهشة :
" كل شئ ؟ ماذا تعنين بذلك يا جوليا ؟"
وردت وهي تتعثر في كلماتها :
" لم أكن لأفعل ذلك لو عرفت انه لا يعتزم الزواج بي "
وحدّقت فيها توني وهي لا تصدق ما سمعته ثم قالت :
" أنت ! ولكن ... أنت تعرفين ان ذلك غير مسموح به في اليونان يا جوليا , كيف ذلك , انه محظور عليكن حتى الخروج مع شاب "
" الأمر يختلف في الجامعة , الأحوال تتغير , نكون بعيدات عن أسرنا وبيوتنا , وهكذا يكون لنا اصدقاء "
ودمدمت توني :
"لماذا أحس بهذه الرعشة ؟ "
ومع ذلك بدأ جسمها يرتعش فعلا وهي تقول :
"هل سيكتشف داروس ذلك ؟"
" لا أعرف يا توني .." وأستطردت باكية " يجب ان اخبر ستيفانوس قبل ان نتزوج . اليس كذلك ؟"
وفكرت توني مليا , كانت تعرف من خلال اقمتها في اليونان ان جوليا ستواجه متاعب كبيرة عندما يكتشف عريسها امرها .
" أعتقد انك لابد ان تقولي له , نعم هذا واجب "
" وفي هذه الحالة سيعرف داروس , لأن ستيفانوس ربما يرغب في فك الخطبة "
"يا لها من مشكلة "
وظرت الى الفتاة بشئ من اأسى ثم قالت :
" ولماذا ارتبطت بستيفانوس ؟"
" اعتقد داروس ووالدتي انه من الأفضل ان انسى كوستاس ونظرا لأن داروس يعرف ستيفانوس منذ فترة طويلة – أعتقد انه سيكون زوجا مناسبا "
وأصرت توني على أسنانها وقالت :
"فرض شقيقك عليك هذه الخطوبة لمجرد انه يعرف هذا الرجل لأنه اعتقد ان ستيفانوس سيكون زوجا صالحا , انني أكاد أجن عندما أسمع مثل هذه الأشياء , ولكنك الشخص الذي يدرك ما يريد , وليس داروس"
وقالت جوليا في شئ من العتاب المهذب والدهشة :
"ينبغي ألا تتحدثي عن زوجك بغير احترام , لأنه لم يرغمني على الأرتباط بستيفانوس . أشار عليّ فقط بذلك , وكذلك فعلت أمي , وكان يمكن ان ارفض خطبتي لستيفانوس"
" هل تحبينه؟"
"كلا يا توني , اني احب كوستاس "
" اذا لماذا ارتضيت بستيفانوس ؟ هل أدركت الصعوبات التي تواجهك؟"
" لم أكن اعرف ماذا افعل , لم اسمع عن كوستاس شيئا منذ غادر أثينا في شهر حزيران يونيو الماضي . وكان داروس سيشعر بالدهشة لو انني رفضت ستيفانوس"
وانفجرت جوليا باكية مرة أخرى , ثم استطردت قائلة :
"أحسست بالرعب . لأنني كنت اعلم انني لو رفضت , سيسألني داروس عن السبب ..."
كان يمكن ان تقولين انك تحبين كوستاس "
" لم اكن ارغب بالحديث كثيرا عن كوستاس . فلربما يشك داروس في شئ , انت ل تعلمين يا توني كم هو حاد الطباع , كنت اخشى ان يخمّن ذلك , لأن وجهي كان يحمرّ خجلا كلما ذكرت اسم كوستاس"
وتنهدت توني .. كانت جوليا تطلب المساعدة , ولكن توني عجزت حتى عن تقديم النصيحة لها .
"ألم يقل كوستاس لك ابدا إنه يحبك ؟"
" قالها كثيرا , ولم اكن لأتمادى معه في علاقتنا لولا ذلك , كنت اتوقع دائما انه سيتزوجني بمجرد الأنتهاء من الجامعة "
" وأين يقيم هو ؟"
" في جزيرة كوس "
وتطلعت توني الى الزورق المقبل من هناك , وقالت :
" ومن هنا كانت رغبتك في ان يصطحبك داروس معه "
" كلا ... في الواقع ... لأنني عندما أكون مع داروس نقيم دائما في منزل شقيقتي نتناول المرطبات ثم نعود الى هنا ... داوس يحب الرحلات البحرية ولذلك فإنه يحضر مارغريتا وبنايوتيس كلما أرادا زيارته, كلا .... لم أكن قادرة ان ارى كوستاس , كيف اتصل به , وعد بالكتابة لكنه لم يفعل , لم يبعث برسالة واحدة طوال هذه المدة"
" ربما يكون مريضا او مشغولا يشئ اخر"
"ليس مريضا ... لقد قابلته ابنة عمي , وابلغها انه لا يريد ان نظل اصدقاء بعد الآن"
كانت جوليا تلعب بالحصاة وألقت بها في البحر ومسحت دموعها وقالت :
"أفكر في نسيانه والزواج من ستيفانوس "
" لكنك تقولين إن ستيفانوس قد لا يريد الزواج منك ..."
" إن لم أخبره بشئ عن كوستاس سوف يتزوجني ..."
"وماذا يحدث بعد ذلك ؟"
وبدت جوليا شاحبة وقالت بصوت مختلج :
" لا أعرف يا توني , لا أستطيع التفكير ماذا يمكن ان افعل ؟ "
وشعرت توني بعجزها عن مساعدتها .
" ورده قايين "
" واذا كتب لك كوستاس ... واذا اكتشف انه يحبك فعلا .... هل تستطيعين فسخ الخطبة؟"
" أترك ستيفانوس ؟ نعم اعتقد ذلك "
" وهل يسمح لك داروس ؟"
" اذا اعتقد ان كوستاس جاد فإنني متأكدة انه سيسمح لي بفسخ الخطبة "
" إنك تدهشينني .... كنت اعتقد ان داروس سيحملك على احترام الإتفاق فالخطوبة هنا ملزمة تقريبا كالزواج ... هكذا قيل لي "
" انها كذلك , ولكن داروس تهمه سعادتي , انه عطوف جدا ولكنك لست في حاجة لأن اقول لك ذلك ..."
" عظوف ! "
كانت نظراتها متجهة الى القارب , لكنها استرجعت ذكريات لقائها الأول مع داروس . كان فظا غليظ القلب . ومازال كما هو .
عاملها بشئ من الأدب الآلي أمام الخدم وتجاهلها تماما عندما كانا منفردين معا .
وكانت توني تحرص على ألا تنفرد به كثيرا , لكنها لا تعبأ بلا مبالاته . كان ازواج ضرورو ماسة ولم يكن أكثر من وضع مؤقت لا تقوم الصداقة بأي دور فيه .
أما بالنسبة الى المعاشرة فكانت توني ترتعد في المناسبات النادرة التي تخطر فيها الفكرة على بالها . كان داروس قد اعلن بصورة قاطعة انه سيتزوج من فتاة يونانية تعرف مكان المرأة . وأشفقت توني على هذه الفتاة المجهولة التي سيقع نظره عليها ذات يوم فلا تثير فيه الا الرغبة فقط .... شكرا للسماء ان عينيه لا تتطلعان اليها بهذه الرغبة . هكذا فكرت توني عندما نظر اليها داروس مرة بدون اكتراث وهي ترتدي لباس البحر وترقد على العشب تستمتع بالشمس .
لم تكن المناوشات قد بدأت بينهما بعد لأنه بعد الأسبوع الأول أمضى أسبوعين في اثينا . وعند عودته أحضر معه شقيقته التي تزوره ثلاث مرات كل عام . ولذلك فلم تكن هناك فرصة امام توني لتبدأ المعاملة التي تعتزم ممارستها كعقاب على كل هذه الأهانات التي عانت منها .
واتجه الزورق بسرعة الى ن\منطقة الرسو , وفي الحال تم تقديم توني الى مارغريتا وزوجها , ولم يكن أي احد منهما يعرف السبب الحقيقي للزواج .
كانت والدته السيدة بتسوس قد قالت بعد الزفاف :
"ليست هناك حاجة لأن يعرف الآخرون شيئا عن ظروف زواجكما . فسوف يقلق الفتيات ان يعرفن برغبة جدّهن في الأنتقام "
وكان ابنها قد وافق على هذا الرأي . كانت توني تعرف ان الأجداد يحظون باحترام كبير في اليونان . لكنها تساءلت في دهشة , كيف يستطيع أي شخص ان يحب مثل هذا الكهل الشرير ؟
"سعدنا جدا بلقائك "
قالتها مارغريتا وزوجها وهما يصافحانها , كانت الحيرة تبدو على وجه الأثنين , وتجنبت مارغريتا النظر الى شقيقها وقالت :
"دهشنا جدا عندما علمنا ان داروس تزوج فتاة انكليزية "
وردت توني في نبرات رقيقة في ظاهرها فقط :
" ولماذا ؟ ألا يحب شقيقكم الأنكليزيات ؟"
وكانت نظرة واحدة من داروس كفيلة بأن تعيدها الى اتزانها وتجنبها مثل هذا التهور .
وقالت مارغريتا بسرعة :
" بالطبع إنه يحب الأنكليزيا . فهو قبل كل شئ نصف انكليزي "
ولاحظت توني الصلابة التي بدت في عينيه عندما سمع اخته تصفه بأنه نصف انكليزي . كان يونانيا اكثر.... هكذا قررت توني وهي ترى جانب وجهه الجامد الداكن عندما التفت ليقول شيئا لزوج اخته . وبدأت تتساءل ترى هل ضايقه زواج امه الذي فرض عليه هذا الدم الأنكليزي البغيض ؟
وفي تلك الليلة تلقت توني افضل معاملة ممكنة من زوجها أثناء العشاء ومع ذلك لم تبد منه حركات تنم عن عاطفة ولاحظت ان مثل هذه الحركات غير متوقعة . كان اليونانيين يتزوجون زواج مصلحة ولا يعتبرون إظهار العواطف نحو زوجاتهم امرا ضروريا .وبعد بضعة ايام سافرت مارغريتا وزوجها الى اثينا واصطحبا معهما جوليا , تاركين توني وداروس وحدهما . وبعد ان اقاما معا نحو اسبوعين كغرباء , أحست توني بالملل لدرجة انها قررت ان تبدأ رحلاتها الى جزيرة او جزيرتين . لكنها تسلمت رسالة من والديها جعلتها تقرر العودة الى بلدها . وأرجأت بذلك رحلاتها.
وأبلغت زوجها قائلة :
"والدي ييد رؤيتي , ولذلك فقد قررت ان امضي شهرا كعطلة في انكلترا "
ولأول مرة شعرت بالأهتمام في تعبيراته , ولم يكن صعبا عليها ان تستشف الأرتياح الذي بدا عليه للتخلص منها لفترة .
وكان رده السريع تأكيدا لما استنتجته توني إذ قال :
"انها فكرة مناسبة جدا , الحياة تبدو مملة لك"
وردت قائلة :
"ان ما تقوله أقل من الواقع , الحياة هنا لا يمكن ان تكون اكثر مللا مما هي عليه هنا "
ورفع حاجبيه وسألها :
"ولكن ما الذي تتوقعين مني ان افعله ؟ لست هنا لأوفر لك التسلية والترفيه "
وبدا عليها الغضب . معنى هذا ان هذا الشاب المتغطرس لا يعنيه ان حياتها تضيع هباء في انتظار وفاة ذلك القاتل الحقير .
وقالت وهي تكشف عن أفكارها :
"وربما أبقى في الخارج لفترة أطول "
وقال داروس في هدوء :
"إن شهرا واحدا هو أقصى مدة لك "
وردت عليه في لهجة أكيدة محاولة إفهامه أنها ستبقى في الخارج طالما رغبت في ذلك .
ولكنه أستطرد مسرعا , عندما فرغت من كلامها :
"لا أعتقد ذلك .. لأن جدي يعتزم القيام بزيارة لنا في نهاية الشهر المقبل وهو يتوقع ان يجدك هنا "
" وإذا لم يجدني ؟"
"إنها رغبتي ان يجدك هنا . في اليونان لا يسمح للزوجة بأن تغادر بيتها حسب رغبتها . ويمكن ان يثير غيابك بعض الشكوك بأننا تزوجنا فقط لأحباط خططه "
" ما الفرق ؟ إنني ما زلت زوجتك . ولذلك فإنني أرجح ألا يقرر فجأة انني ينبغي ان اقتل "
ورأت شرر التحذير في عينيه .
وقال داروس في حنق :
"لا أريد ان اجازف بشئ . ويتعين عليك ايضا ألا تجازفي بشئ إذا كنت تفكرين بتعقل"
واستطاعت توني ان تكبح جماح غضبها وقالت :
"سوف افكر في ذلك "
" ستفعلين ما اقوله "
واندهشت من هذه العبارة , وحدقت في وجهه قائلة :
" يجب ان احذرك يا داروس , انني افعل ما أشاء , وإذا أردت البقاء في الخارج فسوف ابقى"
وصمتت برهة ضاقت عينا زوجها . وكان منظره يحذرها . واستطردت بسرعة :
"أريد بعض المال لتغطية نفقات السفر "
ورد في دهشة :
"تريدين نقودا مني !"
" بالطبع , وإلا فممن أطلب ؟"
وشعرت توني بالتوتر حتى قبل ان يتكلم وقال :
"انك لن تحصلي على نفقات الرحة الجوية مني . لديك المبلغ الذي تتقاضينه شهريا . وإذا كنت تعتزمين القيام بزيارة لأنكلترا , فالمفروض ان تدخري لهذه الرحلة , لا يا فتاتي , ينبغي ألا تطلبي نقودا مني أبدا "
وأحست توني بإهانة بالغة وحدقت في هاتين العينين القاسيتين وقالت:
"أبدا ... ولكنني أعتزم السفر "
ووضع يده على فمه حتى لا يتثاءب وقال :
" سافري بكل ارتياح إذا استطعت ذلك "
وأثارت الحركة غضيها وصرخت قائلة :
" ولكنني لن استطيع رؤية والديّ إذا لم تعطني المال "
لم تضع توني في اعتبارها ابدا انها ستواجه صعوبة في ذلك . وكانت تعتقد ان الحصول على المال منه جزء رئيسي من خطوتها للأنتقام . واستطردت قائلة :
" أرسلت ردا على رسالتهما مؤكدة اعتزامي زيارتهما "
وأضافت وهي ترتعد غضبا :
" ويتعين عليك ان تعطيني مالا "
وظل داروس ملتزما الصمت في فتور . ومضت توني تقول في نبرة أكثر هدوءا :
" ليس لدي مال على الأقل ليس هناك ما يكفي لتغطية نفقات الرحلة الجوية "
كان داروس قد التقط تمثالا صغيرا قيما . وأخذ قطعة نادرة من التحف التي لديه محاولا الظهور بأنه لا يهتم بشئ , وانه لن يقبل مزيدا من النقاش . وضريت توني الأرض بقدمها , لكن سرعان ما ندمت على هذه الحركة الصبيانية عندما رأت عينيه تنتقلان من التمثال في يده وتتطلعان اليها في احتقار شديد . وشعرت توني بالغضب لأن هذا الرجل القاسي يستطيع ان يحتقرها ويشعرها بالمهانة وقالت في حدة :
" لديك أموال كثير , مأئة جنيه ليست شيئا بالنسبة اليك "
ونظر اليها ودمدم في نبرات متكاسلة ولكن خطيرة :
"كوني عاقلة يا توني , لا تتبعي هذا الأسلوب معي , عندما اقول شيئا أعني ما أقول .. انني ارفض إعطاءك المال..... وهذه هي كلمتي الأخيرة "
واحست توني ان مشاعر الغضب ستخنقها.لكنها تمالكت نفسها وهي تقول في حنق :
"ولكنها ليست كلمتي الأخيرة, وعدت والديّ بأنني سأزورهما . وسوف أفعل ذلك , إنهما يتطلعان إلى رؤيتي , ولن أخيب رجاءهما"
"إذن عليك ان تستخدمي بعضا من مال التسوية الذي صممت ان تحصلي عليه"
"لا أستطيع ! أقصد انني لن ألمس هذا المال"
كانت توني قد أرسلت ذلك المبلغ إلى الخارج وكانت تأمل ان تساعد والديها في التغلب على الإفلاس.
وبدا الغضب على داوس . كانت في نظره طماعة بخيلة وهذا ما يتماشى تماما مع رأيه في النساء الأنكليزيات.
ورد داروس وقد بدا عليه الملل:
"في هذه الحالة ليس هناك خيار لك إلا ان تتنازلي عن عطلتك"
واعترفت توني في نهاية الحوار بعد هذه العبارة القاطعة منه أن خططها للأنتقام منه سوف تواجه بعض المصاعب , نظرة واحدة الى ذلك الفم والفك جعلتها متأكدة ان زوجها لن يلين , ولو كان ذلك حتى من اجل ان تبتعد عن وجهه لفترة ما.
واحّمرّ وجهها بالغضب وخيبة الأمل . كانت النتيجة الوحيدة انها أضافت لمحة من الرضى إلى ذلك الوجه المتغطرس . وغادرت الغرفة بسرعة , وكانت تفكر " اذا كان داروس قد امتنع عن دفع نفقات الرحلة الجوية الى انكلترا , فكيف ستحصل منه على النفقات الباهضة لرحلاتها الأخرى التي كانت تعتزم القيام بها . لابد من إيجاد طريقة لأرغامه على ذلك"
وفي اليوم التالي , حجزت تذكرة لرحلتها الجوية في شركة الطيران في رودوس وبعد ان سلّمها الموظف تذكرتها قالت :
"أرسل فاتورة الحساب الى زوجي"
وابتسمت ثم اخرجت بطاقة داروس وقدمتها للموظف , ونظر الموظف في احترام بالغ , وقال :
"بالتأكيد يا سيدتي "
وبعد يومين كانت توني في برمنغهام مع والديها , ومن هناك اتجهت الى دوريست لتلتقي بشقيقتها وأولادها .
وقالت شقيقتها :
"انه شئ رائع ان اراك , انك تبدين في حالة طيبة , دهشنا جميعا عندما سمعنا بزواجك , لابد انه كان الحب من اول نظرة.حدث ذلك بسرعة , ما رأي والديك في هذا الزواج؟"
كانت توني تستمع الى استفسارات شقيقتها وهي ترى مظاهر الفقر التي تحيط بالمكان الذي تقيم فيه . لاشك انها تواجه متاعب كبيرة في تربية صغارها الثلاثة , فامشكلة انها لا تلقى أي مساعدة حتى من والديها .
وردت توني :
"كانا سعيدين بزواجي"
الواقع ان هذا كان صحيحا , فقد كانت توني تتمتع بالحكمة والأتزان ولم يتصورا لحظة واحدة ان زواجها لن ينجح .
"انني احسدك"
كانت توني تشعر ان كل أفكار بام ما زالت ترتبط الآن بزوجها فرانك الذي توفي وهو في الخامسة والثلاثين ضحية الجلطة الدموية. كان زوجا رائعا . زكان يحبها كثيرا .
وسألتها توني :
"كيف حالك , كيف تتدبرين امورك؟"
كانت توني تتحدث الى شقيقتها وهي تحس بالقلق عندما شاهدت بام تقوم برتق جوارب ابنائها التي بدت في حالة غير قابلة للإصلاح.
اعتادت توني ان تقدم لشقيقتها ولصغارها الملابس والهدايا . لكنها كانت تحرص دائما على ألاّ يفهم انها تقدم هذه الأشياء كمعونة لها , وإلا رفضتها بام .كانت لها كبرياء شديدة . والواقع الهدف من زيارتها لأهلها هو تقديم مزيد من الهدايا لهم . ولم تكن توني تعبأ بكشف الحساب الكبير الذي سيتسلمه داروس قريبا من المتجر بالأضافة الى فاتورة حساب التذكرة الجوية , هذه الأموال كلها سوف تسددها الى داروس . اما الآن فإنها تشعر بالمتعة كلما تخيلت الصدمة التي سيصاب بها داروس وهو يتسلم كشف الحساب . لابد انه سيعترف بهزيمته . حان الوقت لينزل هذا المتغطرس من برجه العاليوقالت بام :
"انها مشكلة صعبة يا توني , خلال أسبوع واحد سيكون كل الصغار في عطلاتهم المدرسية , ومعنى ذلك انني لابد ان اتخلى عن عملي لرعايتهم , وسوف يحصل شخص آخر على هذه الوظيفة وعليّ بعد ذلك ان ابحث عن عمل آخر في سبتمبر ايلول."
" ورده قايين "
وردت توني عابسة الوجه :
"ألا يحتفظ صاحب العمل بوظيفتك!"
"لا يستطيع , اذ كيف يقدر على ذلك لمدة ستة أسابيع"
"أليس من الممكن له الحصول على موظفة مؤقتة حتى عودتك؟"
"ليس من العدل ان أطلب من . وبالأضافة الى ذلك من الذي سيقبل العمل لفترة قصيرة كهذه"
وهزت رأسها في استسلام وهي تقول :
"اعتدت على هذا التغيير, غيرت وظيفتي مرتين في العام الفائت ألا تذكرين؟"
"لقد عرفت انك غيّرت وظيفتك ولكني اعتقدت انك اخترت ذلك . لم تذكري ابدا هذه المصاعب في رسائلك الي !"
"وما الفائدة ؟ لو وجدت شخصا يتولى رعاية الصغار خلال عطلة الصيف ! ولكنهم أطفال جامحون يصعب السيطرة عليهم في كثير من الأحيان ومع عدم وجود رجل في البيت لا يبالي الأولاد بالأم "
وسكتت بام وهزت كتفيها في يأس . لويس لا تقلّ عن أخويها شقاوة وهذا شئ متوقع فهي دائما في صحبة ولدين . وتنهدت بعمق وقالت "لايمكن ان اقنع احدا برعايتهم " ثم مدت يدها لتأخذ فردة الجورب الثانية وطوتها مع الأخرى والتقطت قميصا ... كانت ياقته بالية وكانت تريد ان تقلبها حتى تخفي الجزء البالي تحت .
وتراءت فكرة لتوني :
"لماذا لا ترسلين الصغار الى والدتي لرعايتهم . لو أخذتهم والدتي سيكون من الممكن ان تأخذي انت نفسك عطلة أسبوع حتى ...."
وهزت بام رأسها بالنفي ....
"يتعين على والدتي ان تبقى في المتجر.أنقذتها الأموال التي بعثت بها اليها. ولكنهما لا يقدران على مواجهة نفقات إحضار مساعد معهما , ولو حتى لفترة , كلا , إن والدتي لا تستطيع تحمل رعاية الصغار"
"نعم اعتقد انك على صواب"
وجاءتها فكرة , ولمعت عينا توني , يالها من صدمة ستصيب زوجها المغرور :
"سوف آخذهم معي عند عودتي لمدة ستة اسابيع!"
وحدقت بام في وجه شقيقتها بدون ان تصدق ما تسمع :
"أنت , ولكن زوجك لن يقبل بوجود ثلاثة أطفال بمثل هذه الشقاوة في بيته لمدة ستة أسابيع كاملة"
وردت توني :
"اليونانيون يحبون الأطفال , أنا متأكدة ان داروس سيسعده جدا وجودهم "
أما توني فكانت تتصور الموقف الهزلي الذي سيتعرض له داروس أثناء وجودهم . كانت هذه الفكرة تضيف إلى عينيها بريقا يزيدها جمالا . أما قلبها فكان مشحونا بمشاعر الأنتقام . نعم ان داروس لاتيمر لن يشعر بالضيق كما سيشعر خلال الأسابيع الستة المقبلة !
ووجهت بام حديثها إلى توني :
"لكنني قلت لك إن هؤلاء الأطفال لا يمكن السيطرة عليهم أبدا . في بعض الأوقات أشعر بالخوف إذ أشك حتى في انهم معرضون للإنحراف"
وضحكت توني :
"غير معقول .... صحيح إنهم أطفال أشقياء ... لكنني لم ألحظ أنهم يختلفون أبدا عن غيرهم من الأطفال في مثل أعمارهم"
"أنا قلقة يا توني ... لا شك ان زوجك سيغضب منك . انا متأكدة من هذا . لعلني بالغت في تدليلهم بعدما فقدوا أباهم . فأصبحوا جامحين لا يمكن السيطرة عليهم "
"ليس هناك ما يقلق ... سوف آخذهم معي وأعيدهم إليك مع إفتتاح المدارس في شهر سبتمبر- أيلول . وتستطيعين انت الأحتفاظ بوظيفتك "
"والنفقات يا توني ؟ تصوّري كم ستكلف هذه الزيارة , ومن سيدفع كل هذه الأموال؟"
" داروس يسعده جدا ان يدفع كل شئ , أؤكد لك ذلك "
" لن تستطيعي السيطرة عليهم "
"كلما كانوا أكثر شقاوة كلما أحببتهم أكثر "
" لايمكن ان تفرضي أطفالي على زوجك بدون حتى ان تعلميه"
ولكن ذلك هو بالضبط ما كانت توني تعتزمه . فسحبت كل مدخراتها من مكتب البريد , وحجزت تذاكر ذهاب فقط . وبعد أيام قليلة اصطحبت الأطفال الثلاثة معها الى بيتها في ليندروس .
كان داروس خارج البيت عند وصولهم . ولكنه حضر بعد الغداء . ولم يعرف على الفور بوجود الأطفال الثلاثة لأنهم كانوا على الشاطئ . الا انه عبر الحديقة حيث كانت توني جالسة في مقعدها تقرأ . وكان الغضب يتفجر من عينيه :
"هل يمكن ان اعرف لماذا تكتبين كشف الحساب بأسمي . ماذا تقصدين بذلك ؟"
ورفعت توني نظرها اليه . كان يحاول قمع غضبه لكن توني استعدت لكل ما يمكن ان يحدث . ونظرت اليه في هدوء وقالت :
"تقصد أجرة السفر بالطائرة . أبلغتك أنني مسافرة الى انكلترا . وذهبت بالفعل , تصرفت طبقا للقانون لأنني كنت اريد ان تفهم انني لن اسمح لنفسي بأن اكون خاضعة لسيطرتك بأي شكل . لقد رغبت في رؤية اسرتي . وانت باعتبارك زوجي كان يجب ان تعطيني المال بدون مناقشة . كان يمكن ان تعطيني هذه النقود , فقد أضطررت أخيرا ان تدفعها ...."
"هل فكرت في الحرج الذي سببته لي بتصرفاتك ... أعدت قائمة الحساب في بادئ الأمر إلى المتجر قائلا انها لا تخصني ... وأنّبت المدير لعدم كفاءته"
وكادت توني ان تنفجر ضاحكة عندما ادركت ما حدث له من حرج وقالت :
"لو دفعت نفقات سفري بالطائرة , لما حدث أي شئ من هذا . تصرفك لم يكن حكيما ... وكما قلت لك أضطررت لدفع نفقات سفري في نهاية الأمر"
وسادت فترة من الصمت قطعها داروس بقوله :
" إنك تبدين متأكدة تماما من انه يتعين عليّ ان ادفع في نهاية الأمر "
وقبل ان تفطن توني لنواياه أمسكها وأخذ يهزها بعنف ودفعها بقوة إلى المقعد وشعرت بجسمها كله يرتعد وقال :
" الأموال التي تدينين بها لي الآن سوف تسدد من الحصة المخصصة لك . ولن تحصلي على شئ إلى ان تسددي بالكامل كل دراخما إن حصتك سوف تتوقف"
"توقف حصتي , لا تستطيع "
لماذا لم تفكر في هذا الأحتمال ؟..
ونظر داروس اليها نظرة المنتصر وهو يقول :
"أوقفت مخصصاتك فعلا . وسوف يبلغك البنك عندما أعطيه تصريحا باستئناف دفع حصتك من المال"
"لن أستطيع ان اتدبر الأمر . انا في حاجة إلى بعض المال . كنت اعتزم تسديد فاتورة المتجر بمجرد ان اتسلم مخصصاتي في الشهر المقبل .
وأطلق داروس ضحكة قصيرة وقاال :
" انك متسرعة في التفكير , سوف امنحك هذا المال , تسددين فاتورة الحساب ؟ هل تتوقعين ان اصدق انك كنت تعتزمين إعادة تسديدها إلي . كيف أنفقت هذه الأموال ؟ ام انه ليس من حقي ان اسأل ؟"
" أشتريت هدايا لأولاد شقيقتي وإذا كنت لا تصدقني فلن يهمني ذلك "
"أولاد شقيقتك ؟ لديك شقيقة اذن ؟"
" انها أرملة , ولا تستطيع إعاشتهم , إشتريت بعض الملابس والأحذية لهم "
ولمح الدموع تملأ عينيها فأدارت وجهها بسرعة . كيف تستطيع ان توفر للأطفال عطلة ممتعة بدون نقود . وأحست توني انه يجب عليها ان تتنازل عن عزة نفسها وان تطلب منه ان يقرضها بعض المال ... وعندما همّت بأن تحثه عن ذلك سمعت أصوات الأطفال تقترب ... وفجأة ظهر الصغار الثلاثة في الحديقة يركضون ويصرخون وهم يمارسون لعبة الهنود الحمر !
وصعق داروس انه يواجه عاصفة هوجاء . وسأل روبي الصبي الأول الذي توقف عن الركض .
" ماذا تفعل هنا ؟ أخرج من الحديقة فورا ... أين يقيم هؤلاء الأشرار .
وردت لويس الصغيرة :
"إننا نقيم هنا .... من أنت ؟ هنا بيت خالتي توني"
وكانت لويس لا تقل وقاحة عن أخويها .
"هنا!"
قال داروس هذا والتفت الى زوجته التي تجنبت النظر اليه :
" هل أحضرتهم معك ؟"
ولم تستطع توني الكلام في أول الأمر لكنه أدار وجهها بحركة سريعة وظل ممسكا بذقنها حتى قالت :
"أحضرتهم معي , حتى تستطيع بام ان تستمر في العمل اثناء العطلة المدرسية ... وسوف يبقون معنا ستة أسابيع "
قالت هذا بنبرة تحدي وقد استردت شجاعتها .
بقي داروس صامتا . وكان كل انتباهه منصبا على توني التي وجدت نفسها – رغم تصميمها على مواجهة أي شئ منه – تناضل من أجل الأحتفاظ بقدرتها على التصدي له .
كان الأطفال الثلاثة يغنون في الحديقة وكان ديفيد ينظر الى داروس كأنه هو الذي تعدى على ممتلكاتهم . اما روبي فقد أخرج له لسانه . وأحست توني بالفزع , ونهضت عن كرسيها وطلبت اليهم ان يدخلوا البيت .
ودخل الأطفال الثلاثة الى البيت , وساد الصمت فترة , ثم تحدث داروس في نبرات هادئة خطيرة :
" أريد ايضاحا لذلك من فضلك ؟"
وبللت توني شفتيها وقالت :
" قلت لك إنني احضرتهم معي حتى تستطيع شقيقتي ان تعمل اثناء العطلة المدرسية , ولولا ذلك كان يتعين عليها ان تترك وظيفتها , وهي لا تقدر على ذلك "
وسألها بهدوء :
" هل تحاولين اقناعي بأن بواعثك على هذا التصرف لا تتسم بالأنانية "
" بالتأكيد إنها بواعث غير انانية "
" لا تكذبي ! أحضرت هؤلاء الأطفال لمضايقتي ! إنني لا أفهم لماذا تمارسين هذه المتعة التي تتسم بالسادية ولكنني أحذرك . انك تتعاملين مع الرجل غير المناسب . لست واحدا من الأنكليز التافهين ....."
" وهل تجرؤ على اهانة الأنكليز ؟ إنهم أفضل من أي ناس تعرفهم , وهم أزواج أحسن بكثير منكم ! إنك بالنسبة الي لست سوى أجنبي مغرور , ولن أسمح لك بإهانة الشعب الذي انتمي اليه .... ويجب ان تكون حريصا فيما تقول في المستقبل"
كان وجهها ساخنا ويداها منقبضتين ولم تسترد هدوءها عندما رأت وميض الدعابة في عيني زوجها . وقال لها :
"اسمحي لي يا توني ان اقدم لك نصيحة طيبة . لا تحاولي اختبار قدرتي على الصبر اكثر من ذلك . صدقيني ان صبري لا يمتد إلى الأبعاد التي تتصورينها"
وابتعدت عنه توني وهي تقول إنه ليس زوجها وليس له سلطة عليها. وتهديداته لا تخيفها .ومضت تقول :
"لن أخشاك حتى لو كنت زوجي حقا"
وكانت تعني ما تقوله برغم أنها اعترفت لنفسها بعد لحظات من التفكير ان هذا الأجنبي الأسمر يستطيع إثار المتاعب لها .
حقا انها لا تخشى يئا . انها لم تحس بالخوف عندما واجهت الموت . ولذلك فمن غير المحتمل ان تفقدها تهديدات هذا الرجل ما تتمتع به من ثبات .
وبعد فترة من الصمت قال داروس :
"وهكذا فانا لست زوجا حقيقيا لك ؟ أخبريني ما الذي تقصدينه فعلا بذلك ؟ أذكر ان زواجنا كان قانونيا "
كان داروس يهزأ بها , وظلت صامتة , لم تكن كلماتها كافية للرد عليه , وتصورت ان توجيه صفعة اليه سيجعلها اكثر ارتياحا ... واستطرد داروس قائلا :
"انا زوجك فعلا , من سوء حظي , ولولم يكن شقيقك سائقا فاشلا لما حدث شئ من هذا"
وكاد غضبها يحطم كل الحدود , وقالت :
"كيف تجرؤ على توجيه اللوم لأخي , إنك لو لم تكن تحب جدك بهذا الولع المجنون لما حدث كل ذلك . هذا الرجل يجب ان يحتجز في مستشفى المجانين "
ودهشت توني عندما ضحك داروس قائلا :
"وهكذا وصل بنا الحال الى ان نتبادل الشتائم وانت تقولين إننا لسنا متزوجين"
وتغيرت نبرة صوته وهو يقول :
"لكنك لم توضحي لي ماذا تقصدين عندما تقولين إننا لست زوجا حقيقيا لك؟"
" انت تعرف جيدا ما أعنيه "
"من السهل جدا تصحيح هذا الوضع , وتذكري ما حذرتك منه ... لا تثيريني أكثرمن ذلك"
وجف حلقها وحاولت توني ان تهدئ من نفسها . وتذكرت ان اليونانيين من اكثر الشعوب ميلا الى الغزل والحب , وان زوجها لا يختلف كثيرا عنهم , ولذلك يتعين عليها ألا تجازف بشئ فقد يصبح وجود زوجة معه بمثابة إغراء لا يمكن مقاومته ذات يوم .
وقالت بصوت يشوبه الخضوع :
" أفضل ان اذهب الى الأطفال , انهم ينتظرون الشاي "
ورد داروس في نبرة حاسمة :
"شاي في الثانية بعد الظهر ؟ لن يبقوا هنا ... هل تفهمين ذلك ؟"
وقفز قلبها ولكن ما لبثت ان هدأت وقالت في تحد :
"لكنهم أقربائي وسوف يبقون هنا , آسفة لأحداث تغيير في نمط حياتك الروتيني الهادئ , لكن حاجة شقيقتي أعظم م حاجتك"
ورد في إصرار :
"سوف تبعدين هؤلاء الأشقياء من هنا وبسرعة"
واتجه الى الباب .
" ورده قايين "
قالت :
"هذا مستحيل حتى لو أردت أنا ذلك , فليست هناك أموال لنفقات سفرهم"
واستدار داروس بهدوء ونظر اليها وهو لا يصدق :
" هل حجزت لهم تذاكر ذهاب فقط ؟"
"لم تكن لدي أية اموال لحجز تذاكر العودة , ولم يكن لدى شقيقتي أي مبلغ للمساهمة في ذلك"
وارتسمت ملامح الغيظ على وجهه وهو يقول :
"لديك خمسة آلاف جنيه مدخرة في مكان ما , استخدمي بعضا منها"
وفي هذه اللحظة تركها واتجه الى الحديقة تاركا اياها تفكر فيما دار بينهما , واعترفت توني رغما عنها بأن كلماته أثرت فيها . وأدت الى اشاعة المخاوف في نفسها , والى الأعتقاد بأن جميع خططها للإنتقام منه لا يحتمل ان تنجح .
أنت تقرأ
🦋الثأر 🦋🌿ان هامبسون 🌿روايات عبير القديمه
Romanceالعنوان الأصلي:South of Mandraki الثأر عادة متأصلة في كثير من امكنة العالم, وللثأر تقاليد لا يفهمها سوى الذين ولدوا وعاشوا في المجتمعات المغلقة التي تعطي اهمية كبيرة للتقاليد مهما تنافت مع التطور والمنطق . وتوني التي وجدت نفسها في جزيرة كريت ذات يوم...