14، اكتوبر، 1964، الساعة الخامسة عصرًا
بريطانيا، مدينه (ويلنجتون ويلز)، جزيره (إيل هولم)، معسكر (النصر) العسكريكانت تحب هذا المخبأ دونًا عن غيره، صحيح أنها كانت تسعلُ بين الفترة والاخرى بسبب تلوث الهواء، وأن ألم عينها التي تنظر من فتحه الباب منتظرةً فريستها بدأ يزيد، وأن مظلتها تبدو أثقل مع كل ثانيه تمر عليها، إلا أن هذا المخبأ بالذات هو المفضل لديها.
ولو سألتها عن سبب ذلك لأخرتك لأنه أوسع مخبأٍ رأته منذ أُسبوع، او أن جزئًا كبيرًا منه تحت الأرض مِمَّا يجعل الإختباء به سهل، ربما تقول لك به طعامٌ صالحٌ للأكل يكفيها لشهرين على الأقل، قد تقول أن تلك الخزانه الكبيرة والسرير ذا المرتبة المتسخه يجعلانها مرتاحة أكثر من غيرها بهذا المكان. ورغم ان كل هذه أسبابٌ منطقية، إلا أن السبب الرئيسي في كونه مميزًا عن غيرة بالنسبة لها هو أنه ٱخرُ محطةٍ قبل خروجها من هذه البلدة، آخرُ محطةٍ قبل الحرية..
كان هناك صوت خطوات أقدام تبعها ظهور فريستها أمامها، رجل في العقد الخامس من العمر كما هو حال معظم الرجال هنا، يحمل بندقيه قديمة على كتفهِ كما هو حال كل الجنود هنا. قامت بركل بعض الحجارة لينجذب الجندي إلى الصوت. وما أن ابتلع الطعم ودخل الى المخبأ حتى انهالت عليه تضربه بمظلتها على رأسه حتى أُغشيَّ عليه.
بدأت بتنفيذ الجزء الثاني من خُطتها، فإستبدلت فستناها الأسود بملابسهِ العسكرية، و عقدت شعرها الطويل تحت قبعتة في محاولة منها ان تبدو مثله، تحول سلاحها من مظلتها الثقيلة الى بندقيته المهترئة، اخرجت علبه مليئة بوقود مخصص لغرض معين من حقيبتها، قيدت جسدهُ ببعض الحبالِ الموجودة في المخبأ وتوجهت نحو الباب.
كادت أن تخرج من المخبأ لولا أنها تذكرت وجهها، قناعها، انه خاص بالسيدات. أزاحت قناعها عن وجهها وفعلت المثل لضحيتها
"نحن حقًا لا نشبه بعضنا البعض" قالتها وهي تضع قناعهُ على وجههِا. "فأنا لن أخسر هذه الحرب"
إعتصرت قناعها الخاص بيدها، كان يشبه قناعهُ الى حد كبير، قناعان مصنوعان من السيلكون الرقيق ، يمتلكان نفس اللون الأبيض، نفس فتحات العين والأنف والفم، نفس الخطوط المرسومة على الخدين، تلك الخطوط التي تجعلك تبدو كأنك تبتسم اكبر ابتسامةٍ في حياتك لو أغلقتَ فمك وكأنك احد الشخصيات الكرتونية. ما الإختلاف اذًا؟ الإختلاف هو ان قناعها يمتاز بحمرةِ خدود خفيفه و وجهِ أنحف.
لمَّا؟ ربما لأن الإناث يُحببن التزين. أو ربما هذا هو مفهوم ذلك اللعين الذي صنع تلك الأقنعة، فَهُن رقيقات، نحيفات الوجه، يُهمهن فقط التسوق والنميمة . و لَكم ضحكت على وجهة نظرهِ الغبية خلال الإسبوع الفائت، ثم تضحك على غبائها، فهي قبل هذين الإسبوع لم تكن سوى مرآه لوجةِ نظره كحال كل نساء و رجال هذه المدينة.
أنت تقرأ
السُعداء
Historical Fictionمرحبًا بِك يا عزيزي في (ويلنجتون ويلز) أجمل مدينة في العالم. حيث لا يُمكن أن تشعر بالحزن أبدًا، حيث السماء تُنبت وردًا! ماذا؟ سمعت أننا خسرنا الحرب؟ لا يجب أن تستمع لهذه الإشاعات، لقد فزنا بالحرب! أجل! والآن دعني أُعرفك على بقية هذه المدينة. لدينا...