‏وأصبحتُ أحمل قلباً عجوزاً : قليل الأماني. كثيرُ العتاب !

161 14 7
                                    

في الصباح الباكر استيقضت باكراً على صوت خلاف دائر بين أمي وأبي....هو مريض ويصر على الخروج من أجل تلك الأوراق...أما أمي فخائفة عليه وتحاول أن تثنيه عن قراره بالخروج مخافة أن يتزايد به المرض ويحصل له مكروه لا سامح الله.... وبين عناد كل منهما وتعصبه لرأيه.. ارتفع صوتهم بشكل
غطى على المنبه... فاستيقضت مستسلمة وبدأت يومي...
_أبي متى تنهي جولة أوراقك ...
_الثانية مساءً بإذن الله
_سنمر على العيادة
_لا نملك نقودً للعيادات الخاصة ..
_والعامة؟
_يتعارض وقت دوامها مع وقت ذهابي لأولائك الأوغاد
_حقاً إنهم أوغاد...ولكن هذه صحتك يا حبيبي
_ هه.. صرتي حنونة يابنت
_أنت تعلم بأنك المفضل لدي..وأنك أنت أمي وأبي..وأنك العالم أجمع...أنت سندي الذي أدعو الله أن لا يغيب عني يوماً..
_ قلبي يؤلمني من الهم يا (رويدي) والأمر مؤقت ومرهون بإنفراج الأمور.. عندما يفرجون لي عن النقود ونستقر بمنزلنا الخاص كما كنا.. وافتتح ورشة نجارة بجانب المنزل بدلاً عن الورشة القديمة التي أقفلت مع المنزل القديم..
_ حبيبي يا عمررررر
_ يا ربي
_حسناً سأكون جدية قليلاً.. ما رأيك أن تترك الأمر لله وهو سيسهلها..
وبالنسبة للسكن خالتي لا تمانع نحن نؤنس وحدتها..بعد موت جدي الأعظم
_ جدك متوفى منذ عشرة أعوام..وخالتك تعودت على الوحدة والسكون والهدوء الذي تفتقده الآن..
_بالتأكيد في وجود عبلة الكل يفتقده..
_أمك يا بنت
_ وأجمل الناس..ولكن عندما تهدأ
ستهدأ حيثما تفرج الأمور
_الأمر بيد الله يا أبي ...
_ونعم بالله..أنه قادر على كل شي...لقد كبرتي يابنتي وأصبحتِ تُعطين المواعض والحكم
_أنتظر فقط...سأبهرك بإنجازاتي.
_هيا قد وصلنا..
وصلي سلامي لعمك يونس
_إذا تذكرني...
_بنت
_سأحترم _سأحترم
ودعت أبي عند باب المكتب ودخلت...كان العم يونس يتأمل حيطان المكتب التي كانت على شكل رفوف قد استغلها جميعها في وضع الملفات والكتب...أنا لا أعلم مافيهن ولكن المكان يلزمه ترتيب بشكل سريع فالمكتب ضيق لا يحتوي على أكثر من أربعة جدارن مملوءة بالملفات والكتب..وحمام صغير على طرفه..باب زجاج قديم مليء بغبار السنين... يصلح لكتابة الذكريات والخواطر..
ياااااااعمممم يووووونس
صباااااااااح الخيييييير
_أهلاً
_كييييف حااااالك الييييييوم
_بخير
_هللللل تذكررررتنييييي
_ أجل...(رويد)
_داااااااااا

_رووووويييييييدااااااا
_يروق لي رويد أكثر
_يا له من خرف
_قد سمعت ذلك
_🙂
رمقني بنظرة غير المبالي بي وتوجه للكرسي وأنا أحاول استيعاب أن السمع لديه يعمل.. ولم يتركني لوقت طويل فسرعان ما سألني...كم إتصالً ..قد استقبلتي بالأمس....
أكثر من إتصال ياعم
_وماذا كانوا يريدون...طلبات أسماء ..هيا اخبريني
أحدهم كان يريد عدد من النسخ للإستبيان الذي قدمه لك منذ فترة...وآخر يسأل عن ماذا بشأن طباعة بحثه وسحبه بنسخة ورقية...
آها...وماذا أيضاً..
لم أستطع إخباره بشأن ما حدث ليلاً، كيف أخبره عن الفتاة وإتصالها كان بمحض الصدفة... ولم تطلب شيئا من المكتب..إذاً المكالمة لا تخصه وليس من الضروري إخباره عنها.....قاطع تفكيري العم بسؤاله...ومن أيضاً.. ها أنا سجلت الأرقام والأسماء والطلبات في جدول وها هو معي..
_جيد جداً ...بل ممتاز يبدو بأنك ستكونين شخصاً جيداً...
عليَّ ان أحضر عبلة لتشاهد هذا الكلام من عجوز العصور الوسطى..بالتأكيد ستقتنع بحديث الزمن هذا..
_سأذهب لأحضر شاي من القهوة المجاورة...أتريدين شيء من هناك..
_لن يصل على كل حال..
_ماذا؟
شكراً ياعم ... قد شربت قهوتي بالمنزل..صحة
_العفو ...سأعود بعد قليل..وخرج
*القليل بقياس السرعة مع الزمن ضرب الكتلة ....
ساعة بشكل تقريبي ..
رن الهاتف...
أجبت..مرحبا مكتب الحاج يونس في خدمتك..
_اتصلت بالأمس يا استاذه بخصوص الأوراق..
_الأسم إذا سمحت
_خالد إبراهيم
_أها ...لقد أخبرته عنها وهز رأسه لكن لم يقل ماذا بشأن الأوراق أجهزت؟ أم لم تجهز..تباااا تباااا
_يا آنسه هل تسمعينني
_بالتأكيد يا سيد خالد...عند قدوم ال(ماذا أستاذ؟أم حاج؟أم من ما هو لقبه...لن أقول العم بالتأكيد لست في بقاله...ماذا سأقول...تبًا مرة أخرى)
_يااا آنسه
_عند قدوم البللم يونس سأخبره بأنك قد سألت عن أوراقك..قد سجلت الطلب منذ البارحة وأنا أنتظر قدومه..
_شكرا أنستي
_سأتصل بك. إلى اللقاء..
حينها وصلتني رسالة من رقم البنت التي حدثتني البارحة...كل ما تحتويه كان (صباح الخير.. يوم جميل كجمال صوتك)
تباً...صوتي جميل... لم يخبرني أحد بأن صوتي جميل من قبل... بالتأكيد هو جميل ولكن لم يكتشفه أحد قبلها لأنهم لم يتحدثوا معي عن طريق الهاتف من قبل...لقد فاتهم نصف عمرهم..سأرد عليها.. لكن ما الذي كان جميلً في مكالمة البارحة..
بدأت أحاول تذكر ماكان في تلك المكالمة(قالت بأنها تشعر بضيق...
_ ماهو أسمك
_ رويدا
_أصله من الرويد.. أي التمهل
_أظن ذلك
_ أسمك جميل
_وأنتِ؟ ما هو أسمك
_ ردينه
_حسناً اخبريني يا ردينه ما الأمر..
_فتاة تبلغ 18 من العمر..لدي أخ أصغر مني عمراً وأمي تكبرني ب16 عشراً عاما..
_ماذا
_أجل تخيلي...
_ وهل هذا سيء أم جيد
_ لا أعلم هي دائماً تضربني ...هي دائما تراقبني كأني خطيئة طفولتها... تمنعني من الخروج وتحجرني عن الذهاب لصديقاتي....حتى الهاتف أقتنيته خفيةً عنها..يا رويدتي.. أشعر بالوحدة وأريد أن نكون أصدقاء...
_ ............ بالتأكيد..نحن أصدقاء
_ حسنا
_ بأي سنه أنتِ
_أنا بالسنة الثالثة من التعليم المتوسط
_هذا جميل...أي تخصص
_ أدبي
_أنتِ....
_خريجة جامعية
_بأي تخصص كنتِ
_الحاسوب
_وهذا علمي أم أدبي
_علمي ...أنا لست مثلك من هواة الشعر
_حقاً...هذا شيء مؤسف ...لن استطيع أن أقرأ لك شعري أو ما يجذبني من كتابات
_ سأكون بالإستماع
الهاتف يرن
هاه
الهاتف....قالها العم يونس وهو يقف بباب المكتب
لم أنتبه...متى عدت...منذ الأمس.. أين كان عقلك
تبا...لقد شتمني أبو الهول الآن.....

..........................
استيقضت صباحاً
كانت رويدا قد توجهت إلى عملها ووالدها ذهب لبحثه اليومي ....أما عبلة فتقوم بترتيب المنزل على أنغام الإذاعة... الأغنية جميلة والهدوء جميل...ورائحة المنزل جميلة أيضاً... لا أملك الرغبة بالخروج من فراشي..

.من تحت بطانيتي...الجو جميل بالخارج....لكن البقاء هنا أجمل... بدأت ألعب بخصلات شعري...قد أخذتني هذه الأغنية إلى زمن بعيد...إلى أيام الثانوية الجميلة...حيث كنت أنا وحواء.... وأبي...أبي كم كنت قاسٍ يا محمد... ياليتك لم تكن يا ليتك لم تفعل ما فعلت...تُرى من كان منا المخطئ أنا أم أنت......
_________________

"الحب أن نجد الأمان، ألا يضيع العمر في القضبان، ألا تمزقنا الحياة بخوفها، أن يشعر الإنسان بالإنسان"

خير من ألف ميعادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن