والروح تأنس من يلاطفها..❤

105 11 3
                                    

رويدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
صرخت أمي وهي قادمة نحوي كأنها قطار بخاري....
يا ويييلي....ركضت متجهة نحو السطح والأحذية تُقذف خلفي تارةً تصيب كتفي و ظهري وتارة تخطئني وأراها ترتطم بالجدار...لكني لم أتوقف لأنني أعلم بأنها لن تتوانى عن ذبحي بعد الذي فعلته...
رجلاي ترتعد لشدة الخوف من أمي الهائجة ...ولكنني أكملت الجري محاولةً الحفاظ على روحي التي تريد أمي إزهاقها...وصلت للسطح وقفلت الباب خلفي....أمي تدفعه من جهة وأنا أدفعه من الجهة الأخرى...افتحي يابنت..
_سأقتل نفسي...سأرمي نفسي من فوق السطح إن لم تتوقفي
_افتحي الباب وأنا من سيفعل بكِ هذا
(تباً هذا لم ينفع).....يا أمي هداكِ الله كنت أمزح فقط لكنهم لا يفهمون المزاح
_ستقتلين الولد وتقولين مزاح
_البطريق لا يفهم
_ومن أنتِ يا خيزرانة لتستهزئي بالناس....افتحي الباب أريد أن أشرب من دمك
_(دراكولا) اهدئي يا أمي...حنان...أبي
كانت حنان فالجهة الأخرى من الباب هي وأبي يحاولان تهدئة أمي...ولكن عبثاً...كانت تصيح سأقتلها...ثبتُ مقبض الباب بقطعة خشب كي لا تستطيع دفعه للخارج...حينها جلست وحاولت التقاط أنفاسي...في حين أن أمي كانت تشتعل ذاتياً في الجهة الأخرى...من مسافة بعيدة قليلاً...ناداني صوت حنون...رويدا..التفتُ خلفي فإذا بها حور..
_ماذا هناك...خير إن شاء الله...ولماذا تجلسين فوق السطح في هذا الجو البارد؟...
_لا شيء مهم..لا تشغلي بالك
_رويدا
_عيووون رويدا...مقلب صغير ولكن أمي لا تحتمل المزاح

الجو سكن بالناحية الأخرى...ثم بدأ الصراخ...ولكن بإسم آخر..
اقتربت من الباب..عمر..كانت أمي تصيح عمر...فتحت الباب مسرعة...نزلت للدرج فإذا به مُلقى أمامهم...أبي
إتصلي بالإسعاف سريعاً..صاحت خالتي...ركضت للغرفة وأخذت هاتفي وطلبت رقم الإسعاف..أبي ليس بخير
جاءت سيارة الإسعاف بعد نصف ساعة من الإتصال...حاولت فيها خالتي أن تحافظ على أن تبقي وضع أبي مستقر..جلست بجانبه أبكي...لا أعرف كيف سقط والدي هكذا...كانت أمي منشغلة ب أبي...وكأنها لم تكن ذاك الثور الهائج الذي كان منذ قليل...
...........................
جلست رويدا بجانب والدها...وكانت عبلة تحاول أن تساعدني في العناية بعمر..وصل الإسعاف وصعدت معه عبلة...تاركة رويدا بأمانتي....وقالت بأنها ستتصل بي من حين لآخر لتطمئن على حال عمر...وتطمئن على حالنا...وذهبت
عدت للبيت وقفلت بابه خلفي...وجدت رويدا جالسة في مكانها لم تتحرك منه...تضم رجليها لصدرها....وتبكي بحرقة...اقتربت منها وقبلت رأسها...كفى عن البكاء يا بنيتي...سيكون بخير
_أمي قالت بأنه بسببي....هل حقاً كان بسببي
_لا لم يكن..قد تعثر من الدرج وهو نازل....قد يكون هبوط مفاجئ...لا أعلم...ولكن سيكون بخير
_قلبه لم يعد يحتمل..ولكني لم أكن أقصد فعل شيء أنا لا أريد الزواج من ذلك الأبله
_رويدتي...اهدئي ...سيكون كل شيء على ما يرام...حينها طُرق الباب..قلت لرويدا أن تذهب لغرفتها...وأنا سأفتح الباب...
كانت حور...مرحباً...خير إن شاء الله
شرعت الباب ..كإشارة لها بأن تدخل....
_أخبريني أهناك مكروه ؟
_والد رويدا ليس على ما يرام
_أين هي
_فالداخل..
_كيف حاله الآن
_لا أعلم....سيكون بخير إن شاء الله
_سأذهب لأطمئن على حالها..
_إنها هناك ...بتلك الغرفة
ذهبت حور لرويدا وأنا توجهت للمطبخ...لأعد شيء أقدمه لحور...وشيء يهدئ أعصاب رويدا قليلاً...
_______________________
بعد عشر دقائق لا أكثر...خرج الدكتور الذي كان متواجد بجهة الإسعاف، دكتور الجراحة...وأخبرني بأن زوجي يعاني أعراض جلطة قلبية...وأنه حتى نتأكد لابد من بعض الفحوصات....والكشوفات الإضافية.... وهذه الأشياء أغلبها لا تتوفر بالمشفى العام...لابد من الذهاب للعيادات الخاصة..
ولكننا لا نملك النقود يا حضرة الدكتور...لا أعلم ما أقول غير أنه يجب أن نقوم بذلك بسرعة حتى نساعد المريض في تخطي هذا الأمر على خير وبسلام....ذهب الدكتور...وتركني حائرة في أمري..ليس لدي سوى أختي حنان...سأعود للبيت بالتاكسي..لأجلب النقود ونتحرك..
_____________
_نامت؟
_نعم...نامت
_تفضلي...فنجان قهوة..
_شكراً

أخذت الفنجان بيد واحدة ووضعته جانباً...كانت رويدا تنام واضعة رأسها في حجر حور والأخرى تمسح بيدها على شعر رويدا...وكأنها طفلة صغيرة....ألهذا رفضت رويدا العريس؟....ولكن لم يعرفن بعضهن إلا من فترة قصيرة جداً...هذا مستحيل...ولكن كم الطمأنينة الذي يبدوا على رويدا وهي نائمة على حجر حور يوحي بإحساس عميق يتخطى عدد المرات التي التقيا بها.....كانت حور منشغلة برويدا حينها خطر ببالي سؤال...حور..
_نعم
_ماذا بشأن جدتك
_ماذا
_إنها بمفردها الآن...؟
_أووووه تباً...سأذهب لأراها وأتصل بأهلي لتأتي إحدى أخواتي وتعتني بها وأنا هنا معكم..لحين أن يأتي والد رويدا بخير إن شاء الله
_بارك الله فيك....ولكننا لا نريد أن نتعبك
_لا عليكِ...أنا من يسعده فعل ذلك
وضعت حور رأس رويدا على المخدة وانسحبت بهدوء لتخرج خارج الغرفة...ولكن رويدا استيقضت وسألتها...إلى أين؟
_القليل من الوقت وسأعود...لا تقلقي...
ابتسمت وعادت بالقرب من رويدا...وقبلت جبينها وتوجهت للخارج...أوصلتها أنا للباب
__________________
لم يقبل أحد جبيني من قبل...لا أتذكر هذا..كم هو إحساس غريب..
كم هو جميل عندما يعتني بك شخص ما..بدون مقابل..أن يعتني بك من باب الحب لا الواجب...كنت أبكي بحرقة حينها دخلت الغرفة..حضنتني بدون أن تسأل...كأنها تعلم أنه لا كلام يعبر عن ما في جوفي...غريب أمر اللغة هذا...كل مافيها يعجز عن وصف إحساسك.. كلما كان الإحساس أعمق كلما كان الكلام الذي يعبر عنه أقل....عندما نظرت أمي لي وقالت هل ارتحتي...كل هذا بسببك...إن مات والدك ..وإن مُت أنا كل هذا بسببك أنتِ يا رأس المصائب...إنسانة غير مسؤولة..لكنك شئتي أم أبيتي..أنت المسؤولة عن ما حدث لوالدك....كنت أريد أن أقول لها لا يا أمي بل هو عنادك...أنا لا أريد الزواج من هذا أو ذاك...لن أتزوج كيفما تشائين لأنها حياتي...أبي حبيبي لم أقصد أن أضايقك..أنت أعز خلق الله لدي، بروحي أفديك...لم أكن أقصد...كل هذا بسبب عبلة..لم أكن أنا...أنا حتى لم أقوى على نطق حرف واحد أما نظرات
أمي المليئة بالشرار...أيعقل أنها تكرهني؟؟ كيف تكره الأم ابنتها..لا يعقل..أكان كبير عليها أن تحتضنني وتقول لي بأن الأمر سيكون على ما يرام، وأن أبي سيكون بخير..أن توصيني على نفسي وتقول لي بأنه سيعود سالماً كما كان وأحسن، أكان كبيراً عليها؟

عندما حضنتني حور وبدأت تحاول تهدئتي، بكيت أكثر..كان يفترض بأمي أن تقوم بهذا لا هي..أو يفترض بها أن تكون هي أمي لا عبلة.
___________________
عندما وصلت للمنزل وجدت حنان عند الباب تودع حور...دخلت وبدأت تسألني عن حال عمر الذي كان لا يسر
للأسف يجب أن نقوم بالتحاليل والصور وربما يحتاج نقل لمدينة أخرى تكون فيها المستشفيات أفضل حالاً..لا أعلم ولكن كل ما أعلمه بأننا بحاجة للنقود ولا أعلم من أين آتي بها...
فقالت حنان ...لا أعلم إن كان مافي حسابي يُغطي المصاريف لكن سأوقع لك شيك على بياض..اسحبي كل مافيه...أسأل الله أن يكون كافيا.
دخلت حنان تركض للغرفة تبحث عن دفتر حسابها..فسألتها رويدا عن ماذا تبحثين بهذه الطريقة
_دفتر الحساب.
_لماذا
_بعض الفحوصات والأشياء التي يجب أن نقوم بها لنطمئن على صحة والدك..
_كم يحتاجون..
_لا أعلم
أين أمي؟
إنها في غرفتهم..تأخذ بعض الثياب..لوالدك
سأذهب لها...
نهضت رويدا وتوجهت لأمها التي لازالت مشتعلة للآن...ولكن لأسباب أخرى..ناديتها أمي
_نعم
_كم نحتاج من النقود من أجل علاج والدي
_لماذا أستدفعين؟
_ لدينا النقود يا أمي...لا نحتاج لنقود خالتي
_عن أي نقود تتحدثين؟

خير من ألف ميعادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن