ولكن كما أن علاقتها بدأت تنصلح مع نور، بدأت تخرب من ناحية أخرى مع وردة، وأي خراب، لقد خرُبت بشكلٍ لا راجع له.
فـ وردة فقدت ثقتها في نفسها، أصبحت تشعر أن الجميع يحاول أن يأخذ مكانتها عند أي مخلوقٍ تعرفه، ومن ثمَّ تكاثرت المشاكل، وبدأت تفقد أصدقائها دون أن تنتبه، وعندما انتبهت حاولت أن تستعيدهم، فشلت مع البعض؛ ولكنها لم تنجح مع البعض الآخر كذلك، ومنهم بالطبع آن.
آن قررت أن تعطي لها فرصة آخرى بعدما قامت بجرحها بعدة طرق مختلفة، قررت أن تتناسى كل الجروح التي بها، والظاهرة للعين، ونسبتها إلى الشوك لا الوردة.
ظنت آن أن كل شيء سيكون على ما يرام؛ ولكنها كانت مخطئة؛ فـ الوردة ضمنت وجود آن للحد الذي يسمح بإيذائها دون أن تستطيع الرحيل، هذا ما اعتقدته وردة، اعتقدت أن آن ستظل تحتمل، ولن تفكر في الرحيل مهما حدث؛ ولكن آن علمت بتفكيرها وقررت الرحيل؛ فـ هي لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الآلام من قبل الوردة، لم تعد قادرة على تحمل شوكها، فضلت الرحيل لفترة حتى تستريح، هي أبدًا لم تُرِد إنها العلاقة بينهما؛ ولكنها أرادت فترة راحة لتُشفى.
وعندما ظنت أنها قد تعافت؛ عادت ولكن....، كان قد فات الأوان، الوردة تغيرت بالكامل، وردة آن ماتت، أو ربما.. قتلت....
لكن الوردة كانت تحاول أن تحيا من جديد؛ لذا بحثت عن آن، وحاولت أن تعيدها، وعادت؛ ولكن....
من جديد الوردة كانت تحاول ضمان أمانها فقط؛ فالطفل لا يشعر بالأمان إلا في حضن أمه، ومن جديد بدأت عملية التجاهل، أما آن فـ كانت قد كذبت على نفسها، هي لم تكن شُفيت بعد عندما عادت لـ الوردة؛ ولكنها كانت اشتاقت لها كثيرًا لذا قررت العودة قبل أن تُشفى بالكامل.
وهذا ما جعل علاقة آن ووردة تهرب بشكلٍ أسرع، وربما للأبد، ولم يعد هناك حل أو معنى لبقاء آن في حياة وردة بعد الآن؛ لذا قررت آن أن ترحل بشكلٍ نهائي، رحيل بلا رجوع، وهنا حاول نور كثيرًا أن يُصلح ما خُرِّبَ؛ ولكنه فشل؛ فـ آن كانت قد انتهت طاقتها، ولن تقوم بتجديدها لتُفرغها على الوردة من جديدة، وهي في حاجتها كذلك....
وفي نفس الوقت دخل حياة آن ونور فأر صغير، الفأر كان صديق لـ الوردة قبلهما، لقد تعرف عليهما من خلال الوردة؛ حيث وجدها أثناء عبوره حديقة القصر، وصادقها، وبسرعة فائقة أصبح الفأر وآن مقربان، سرعة أكبر من سرعة ضي ونور، سرعة لم يصدقها كلاهما، سرعة فاقت الحدود، في وقت قياسي أصبح مقرب من آن، وليس فقط هكذا؛ بل وصل إلى مكانة نور كذلك.
وأثناء ذهاب وردة، كان الفأر بديل لها في حياة آن، وبديل لـ آن في حياة وردة؛ فـ آن والفأر كانا متشابهين بدرجة كبيرة، فتاة تقف أمام مرآة، شخص ونفسه الأخرى، أو بالمعنى الصحيح لما حدث وسيحدث، هذا كان خطأ من آن، آن ظنت أنهما متشابهان بهذا الشكل حقًا، وأنهما بهذا القرب من بعضهما.
وعندما علمت وردة بتقارب الفأر وآن قررت أن تبعدهما عن بعضهما البعض، كما أن نور غار على الفأر وآن من بعضهما البعض؛ فـ كلاهما أصدقائه؛ ولكنه شعر بأنه تهمش لبعض الوقت، وكان هذا سبب إضافي لما حدث لاحقًا.
فوجئت آن باختفاء الفأر من حياتها، دون سابق إنذار وبلا أدنى سبب، وهذا سْبب لها الكثير من الآلام؛ ولكن في نفس الوقت كانت الوردة تحاول بأقصى ما لديها لبناء الجسر من جديد بينها وبين آن، وكانت آن سعيدة؛ ولكنها كانت تشعر بالغرابة كذلك.
وفي يومٍ ما اضطرت آن للحديث مع الفأر لحل سوء تفاهم بينه وبين نور؛ فـ بحثت عنه وتحدثت معه، ومن ثم فهمت سبب اختفائه المفاجئ، والذي كان صادمًا لـ آن، وهو أن سبب بعده كان الوردة ونور، ومن ثم تركها ورحل ثانيةً، وهنا فقدت آن الثقة في معنى الصداقة، وعادت لوحدتها مجددًا.
وبعد فترة من الوقت عاد الفأر إلى آن، قام بالاعتذار كثيرًا، وتحايل أكثر؛ كي تسامحه آن، وتسمح له بأن يعود إلى حياتها، وفي النهاية سامحت آن الفأر؛ فـ هذا كان أول خطأ، وبالرغم من كبره؛ ولكن "إن أحسنت الشراء؛ فـ لا تسرع البيع"، كما أنه عاد نادمًا؛ لذا سامحته آن، وعاد الفأر إلى حياتها أخيرًا.
ومن ثم عادت وردة إلى حياة آن في نفس توقيت رجوع الفأر، وحدث أمر غير متوقع، بعد قليل من الوقت تشاجرت الوردة مع الفأر، وخرجا من حياة بعضهما البعض؛ ولكنه ظل في حياة كلٍا من آن ونور؛ ولكن الوردة لم تكن تعلم بأن الفأر عاد إلى حياة آن مجددًا.
وطيلة هذا الوقت كانت آن تحارب نفسها؛ لتتقبل وردة من جديد؛ فـ هناك حاجز بينهما قامت الوردة ببنائه بنفسها طوبة طوبة، وكانت آن تجاهد لهدمه؛ ولكنها كانت تشعر وترى فتور الوردة في العلاقة؛ لذا تم إنهاكها من جديد....
وعندما حكت الوردة لـ آن عن سبب شجارها مع الفأر، استغربته، نعم صداقتها معه لم تدم طويلًا كصداقته مع الوردة؛ ولكنها تعرف كيف تحكم على الأشخاص جيدًا ؟؛ فـ هذه موهبتها التى وُلدت بها؛ لذا لم تقتنع، وأخبرت الفأر عما يجهله، وعندما وصل الخبر لـ الوردة، وتأكدت من صدق الفأر، ومن أنه قد ظُلم، أرادت أن تعلم من الذي أخبره ؟
فـ هي قد أخبرت فقط آن ونور، وهي واثقة من أن نور ليس القائل، نعم؛ ولكنه أوصى آن لتوصل الحديث إلى الفأر، وبالتأكيد آن مخطئة فيما فعلت من وجهة نظرها، ووجه نظر أي عاقل أخر؛ ولكن آن لم تكن تريد أن يتأذى أحد؛ لذا فعلت ما كان يجب على الوردة فعله منذ البداية، وهو المواجهة، عندما تعلم شيء عن صديق لك، يجب أن تتحدث معه فيها، لا أن تصدق بشكل أعمى فقط.
وعندما تأكدت الوردة من أنها آن..؛ ولأن الفأر كان يحميها، لم تستطع أن تؤذيها بشكلٍ مباشر هذه المرة، أو تواجهها حتى؛ لذا قررت استخدام طريق غير مباشر، بعثت لها برسالة مجهولة المصدر، والتي كان لها أكبر الأثر في حياة آن، جاءت في فترةٍ كانت وحيدةً فيها، وهي ما أدخلتها في حفرةٍ أعمق من أي مرةٍ فاتت، وأشعرتها بالإحباط، وبعد مُضى شهر أدركت أنه لا مفر من المواجهة؛ لذ جلست تفكر في ذكرياتهما معًا، فتحت كتابهما، وهو ما كان أصعب مما تخيلت بكثير.
أنت تقرأ
خسارة موهبة
Fantasiلقد عاشت كفتاة موهوبة؛ لذا عندما تخسر موهبتها ستتحول إلى فتاة ساذجة بدرجة كبيرة، والسذاجة.. لا مكان لها في هذا الزمان....