خدمتني آليونا خدمةً رائعه عندما قدمت لي رسما تخطيطاً بخط يدها الرديء للقصر ، وقالت "خذ جولة في القصر في الرابعة مساءً ، حينما تكون السيدة في الحديقه والسيد خارج القصر"
وحتى تحين الساعة الرابعة كان لدي متّسع لأجلس مع جون الحوذي وأسأله عن كل ماهو غير واضح حتى الان..يعني كل شيء .
قال جون بأن سكّان القصر خمسة إذا إحتسبنا جون وآليونا
ثم السيدة العجوز ، والسيد الشاب وأسمه هو ويليام ، و سيد آخر صغير يدعى لورانس وهو لا يُرى كثيراً هنا .
وهما بالمجمل " وليام و لورانس جيمس باين "
حسبما فهمت فالسيدة العجوز تحكم قبضتها على المكان وعلى احفادها - ذلك أن السيدين لورانس و وليام أحفادها وليس ابنائها كما حسبت
ثم ذكر بأن آليونا قد بدأت خدمة السيدة منذ عشر سنوات ، وقال بأنه قد تعرض لنفس اسلوب التفتيش الدقيق الذي تعرضت له حينما بدأ عمله هنا قبل خمسة سنوات ، وكذلك رفض هو الاخر إطلاعي على سبب هذا التفتيش المتحذلق .
ثم وصل السيد وليام ، في الثانية ظهراً وحملت له صينية الغداء لكنه دفعه بيده وهو يشفط سيجارته ثم قال
- أريد الشاي !
فعدت بصينية الغداء لأحضّر الشاي لكنني قابلت السيدة العجوز في الطريق فقالت وهي تنظر لصينية الغداء
- لمن هذه ؟
- للسيد ويليام سيدتي .
- وهل رفض تناولها ؟
- نعم سيدتي .
- حسناً..قم بتغطيتها واحفظها لأتناولها على الغداء غداً .
وكانت السيدة متحفظةً بكل معنى للكلمه ، تكره الإسراف والتبذير ، وقد صرت مع مرور الايام أعدّ الغداء لها وحدها بدل إعداد مايكفي للسادة والخادمة والحوذي ، ذلك أن السيدين لا يحضران لوقت الغداء ، وآليونا تتخطى وجبة الغداء ، وجون يأخذ قيلولة في هذا الوقت ، وكنت أتناول الباقي في الاواني فحسب ويكفيني .
السيد لورانس لم يظهر قط ، ولم يكن حولي من شخص أستطيع سؤاله عنه ، أو حتى عن طباع السيد وليام الذي أتعامل معه كثيراً .
جرى بيننا نقاش بسيط بينما كنت أحضر الشاي المسائي للسيد في الحديقة ، في اليوم السابق ، فطلب مني الجلوس معه .
فجلست وأخذ يراقبني بعيناه لدقيقتين دون أن يرفّ له جفن ، ثم قال
- كيف وجدت المكان ؟
- جيد ، سيدي .
- اه..أجده قصراً كئيباً يبعث على الغم ويوقع في نفسي الإحباط
- أخمّن أنك تحب حياة المدينة أكثر سيدي .
- اوه لا ! ليس تماماً ، إن لندن مزعجة جداً ومليئة بالسخام والروائح .. المكان هنا أنقى وافضل والهواء عليل ، لكن أظن بأن مقتي لهذا المكان المنعزل هو بسبب عدم وجود رفقة تسليني ! لورانس كالشبح تسمع بأسمه ولا تراه وجدتي ..اوه إن تلك العجوز هي السبب في مقتي لهذه المكان !
-على عكسك سيدي..أرى أن المكان هنا مسلٍ جداً .
اقترب على الطاولة وقال :
- كيف ذلك ؟
- يمكنك القيام بنزهات على الاقدام بمفردك..برأيي أن هذه أعظم تسلية للمرء ، أن ينفرد مع عقله والجو اللطيف .
- لقد مللت النزهات..وليس لدي الوقت الوفير لهذا .
- يمكنك أن تلعب البلياردو سيدي..رأيته في مكتبك .
- ليس البلياردو ممتعاً دون وجود منافس .
- سأكون منافسك..إن سمحت لي بالطبع .
