كانت تسير في طريقها للعودة للمنزل وكانت تفكر في انها ليست مثل فتيات جيلها لا تستطيع ان تتمتع بشبابها ... كانت شاردة فلم تنتبه للسيارة التي كانت سوف تصدمها .... صرخت بخوف عندما كانت ستصدمها تلك السيارة ولكن لحسن حظها كان الفارق انش واحد فقط هو الفاصل بينهم ... كانت تنظر للسيارة برعب لأن حياتها كانت سوف تنتهي بلحظة .... فُتح باب السيارة وخرج منها شاب وسيم وذو عضلات جذابة ويرتدي بذلة زرقاء اللون ... توجه ذلك الشاب لحنان واردف بنبرة متأسفة:
- انا اسف ... معلش مخدتش بالي علشان كنت بتكلم في الفون ... انا مستعد اتكلف بمصاريفك لو حصلك حاجة.
كانت حنان شاردة تتطلع لوسامته بإنبهار شديد ... نظرت الي سيارته والي ما يرتديه فعلمت فورا انه من اغني الاغنياء فــ رسمت الالم علي وجهها وهتفت بألم مصطنع:
- لا يابيه كتر خيرك ... انا اللي اسفة.... ثم توجهت لتغادر ولكن لم تستطع ان تكمل سيرها بسبب ان ذلك الشاب منعها بجسده وقال لها وهو يحك مؤخرة رأسه بحيرة لأنه لا يعلم كيف يبدأ كلامه معها:
- هو يعني ممكن اوصلك لو تحبي!! ؟
شعرت حنان بالفرحة الشديدة من كلماته وفكرت بأنها فرصة لن تعوض ولكن المشكلة انها لا تستطيع ان ترشده لمنزلها لأنها تسكن في حارة شعبية للغاية وهناك اُناس فيها غير لابقين بالمرة واكيد انه سوف يشعر بالنفور ويبتعد عنها فقالت بتردد واضح علي قسمات وجهها:
- لا لا، مش لازم انا هروح لوحدي.
منعتها يده عندما امسكت بذراعها وسمعته يقول لها بنبرة آمرة وحادة:
- مش معني انك فقيرة ان ده يحرجك.
نظرت له حنان بدهشة لأنه علم ما كانت تفكر به فــ نظر لها الشاب بغرور واردف وكأنه قرأ افكارها:
- ايه مستغربة ليه!! ؟ ... باين من لبسك انك فقيرة.
شعرت حنان بالحرج الشديد من جملته تلك وقالت وهي تجذب يدها ملتفة حتي تغادر:
- تمام.. عن اذنك
امسك الشاب يدها مرة اخري وهتف وهو ينظر لها:
- استني.
نظرت له حنان بإستغراب وتساءلت بضيق:
- افندم.... عايز ايه !!؟
شعر الشاب من طريقتها انه اخطأ في الحديث لذلك قال محاولاً فتح الحديث معها من جديد:
- انا هشام الجمال.
نظرت له حنان بإستغراب من انه يعرفها بنفسه لأنها لم ترد ان تتعرف عليه بعد جملته تلك فهتفت بغضب مصطنع:
- مليش دعوة انت مين.... واكملت وهي تجذب يدها مرة اخري ولكن بحدة اكثر مبعدةً اياه عن طريقها:
- اتفضل ابعد.
شعر الفتي بالغضب من تجهالها فـــ جذبها من ذراعها مرة اخري بقسوة اكثر وهمس بهسيس مرعب دب الرعب في اوصالها:
- لما اكلمك متمشيش غير لما اخلص كلامي.
شعرت حنان بالخوف من هيئته فــ هتفت محاولةً التملص منه:
- تمام اتفضل كمل كلامك.
زفر هشام بحنق ثم اردف وهو يحاول تهدئة اعصابه:
- انا عايز اتعرف عليكِ.
فغرت حنان فاهها بدهشة فـ كيف لشاب غني ان يطلب من فتاة فقيرة مثلها ان يتعرف عليها ولكنها استوبعت كلامه فتساءلت بحدة مصطنعة:
- وعايز تتعرف عليا ليه!! ؟
اجابها وهو يحك مؤخرة رأسه بتوتر خيفة من ان ترفض:
- اعجبت بشخصيتك وعايز اتعرف عليكِ.
شعرت حنان بأنها فرصة لا تعوض وعليها ان تستغلها جيدا حتي تستطيع ان توقع به فقالت بتفكير وغباء مصطنع وهي تفرك مؤخرة رأسها:
- هتتعرف عليا ازاي!! ؟
اجابها هشام بسرعة:
- هاتِ رقمك واقدر اكلمك واتعرف عليكِ.
اومأت له حنان بموافقة واعطته رقم هاتفها ثم استأذنت منه حتي تذهب ولكنه منعها قائلا:
- استني اوصلك.
اجابته حنان بتوتر خيفة من ان تراها والدتها وتخبر والدها ووقتها لن يرحمها:
- لا متشكرة ... عن اذنك.
ثم غادرت لتذهب للمنزل قبل ان تعود والدتها ...
اما الشاب فــ نظر في اثرها بإبتسامة وتوجه لـ سيارته وركبها واكمل طريقه التي قطعته حنان
★★★★★★★★★★★★★★★★★★★
واخيرا انتهت من عملها وتوجهت للمطبخ واخذت ملابسها وبدلتها في غرفة التبديل ... كانت في طريقها للخارج فقابلت صديقتها " شمس " فإبتسمت لها وتساءلت:
- خلصتِ شغلك!! ؟
اومأت بموافقة فاردفت شروق بحماس:
- طب يلا نمشي سوا بدل ما امشي لوحدي.
ابتسمت شمس ابتسامة مشرقة واردفت وهي تأخذ ثيابها متجهةً لغرفة تبديل الملابس:
- تمام ... هغير هدومي واجيلك.
اومأت لها شروق برأسها ايجاباً. فـ ذهبت شمس لـ تبدل ملابسها ... عادت بعد قليل فــ توجهو للخارج .
انصتت شروق لها جيداً عندما سمعتها تقول:
- بصِ يا شوشو احنا دلوقتي يعني منعرفش بعض اوي ... فـ عايزة اسألك سؤال!! ؟
اومأت موافقة علي كلامها وهتفت بتشجيع:
- تمام ... اسألِ
فــ سألتها شمس بحماس:
- ايه نوع الراجل اللي عايزة تتجوزيه ان شاءالله في المستقبل!! ؟
نظرت شروق امامها وقالت وهي تتخيله وكأنه يقف امامها:
- عايزاه يكون بيصلي ويعرف ربنا ... يتقي ربنا فيا ... انما مش عايزاه غني ... علشان الفلوس مش كل حاجة ... نظرت لشمس واكملت بتوضيح:
- انتِ ممكن تكوني مش مصدقاني علشان اي بنت فقيرة ما هتصدق ان واحد غني يتجوزها ... بس انا مش كده ... انا عايزاه يبقي بيصلي ويعرف ربنا مش عايزاه يبقي عاصي ومتكبر ... علشان لما نخلف ان شاءالله نربي ولادنا احسن تربية.
نظرت لها شمس بإعجاب وقالت بموافقة علي كلامها:
- فعلا الفلوس مش كل حاجة.... صمتت قليلا ثم سألتها وهي تشير للطريق:
- هتروحِ كده ولا كده!! ؟
اجابتها شروق وهي تشير لها للطريق الذي سوف تسير فيه لتصل لمنزلها:
- كده.
نظرت لها شمس بإحباط وقالت بحزن:
- ياخسارة كنت عايزة امشي معاكي للأخر بس شكل مليش نصيب ... ان شاء الله نعوضها مرة تانية.
قالت شروق بتمني:
- ان شاء الله .
ودعتها شمس بحب وحنان ثم ذهبت للطريق الذي سوف يؤدي الي منزلها ... وكذلك فعلت شروق.
★★★★★★★★★★★★★★★★★★★
كانت تأكل طعام الغداء بشرود وكانت تفكر في ذلك الفتي التي قابلته .... لأنه وسيم وغني وفرصة لا يمكن تعويضها .... ابتسمت بسعادة عندما تخيلت نفسها انها سوف تكون غنية وتستطيع ان تشتري كل ما تريد .... تحمست كثيرا للأمر.
- مالك سارحانة فــ ايه!! ؟
فاقت حنان من شرودها علي جملة والدتها فــ نظرت لها وهزت رأسها نفياً قائلة بإبتسامة مزيفة:
- مفيش.
رفعت سحر حاجبها بإعتراض وهتفت في نفسها وهي تنظر لإبنتها بــ شك:
- حاسة في حاجة ... بس هي مخبية ومش عايزة تقول.
تنهدت تنهيدة طويلة توصف كل المعاناة التي عاناتها مع ابنتها منذ ان وُلدت لأنها دائما كانت ناقمة علي حياتها وكانت دائما تتباها بجمالها وكأنها اجمل واحدة في العالم ،
و خاصةً علي شقيقتها نظر مجدي لإبنته حنان وسألها بتلهف واضح من نبرته:
- هي شروق فين!! ؟
اجابت حنان بإقتضاب وهي تشير الي الغرفة:
- في الاوضة بتصلي.
اومأ مجدي برضا ودعي بصدق وتمني:
- ربنا يخليكي يا بنتي ويحفظك.
نظرت حنان الي والدها بنظرة استنكار ثم اكملت طعامها.
بعد قليل اتت شروق وجلست علي الطاولة فقال لها والدها بإبتسامة:
- تقبل الله.
نظرت لها شروق بحنان وقالت بتمني:
- منا ومنكم.
★★★★★★★★★★★★★★★★★★★
كانت تجلس في الفراش شاردة تنظر للهاتف بشرود تام ... كانت تتوقع ان يتصل بها ولكن طال الانتظار ولم يتصل بعد ... زفرت بملل ثم قررت النوم ... ولكن يرن هاتفها فنظرت للرقم بإستغراب لأنه رقم غير مسجل ولكنها فكرت بأنه ممكن ان يكون هو فوضعت يدها علي مكان سماعة الهاتف حتي تكتم صوت الرنين حتي لا تستيقظ شقيقتها ... ودلفت بسرعة للشرفة وفتحتها ببطء حتي لا تصدر صوت فيفضح امرها ... ضغطت علي زر فتح الخط ووضعت الهاتف علي اذنها وقالت بصوت اشبه للهمس:
- الو.
سمعت الطرف الاخر يقول بصوت اجش:
- الو.
زفرت حنان بإرتياح عندما علمت من نبرته انه هو ولكنها تساءلت وكأنها لا تعرف هوية المتصل:
- مين معايا!! ؟
اجابها هشام وهو يذكرها:
- انا هشام اللي قابتلك وكنت هخبطك وانا مش واخد بالي.
قالت وكأنها لقد تذكرته عندما قال ذلك الكلام:
- اااه ... اه افتكرتك.
هتف هشام بإهتمام وهو يريد ان يعرف عنها كل شيء:
- كلميني عن نفسك.
اومأت حنان برأسها بموافقة علي كلامه وكأنه امامها ... بدأت في سرد معلومات عنها له وبالتأكيد لا تذكر له بأنها كانت متعجرفة وهي صغيرة حتي لا ينفر منها وتذهب الفريسة لصياد اخر.
★★★★★★★★★★★★★★★★★★★
بعد مرور اسبوعين
_______________
كانت حنان في تلك الفترة تتحدث مع هشام كثيرا حيث انها لم يكن يمر يوم الا وكانت تتحدث معه ولكن بالطبع بعدما ينام الجميع لأنها قالت له بأنها تعمل ولا تكون متفرغة الا في ذلك الوقت.
كانت تتحدث معه بعد الساعة العاشرة لأنهم جميعا يعملون في الصباح الباكر لذلك يحتاجون للراحة.
اما شروق فلقد احبت عملها كثيرا واستمتعت به وقد اصبحت هي وشمس اصدقاء مقربون جدا وسُعدت هي بذلك.