الفصل الرابع والعشرون (ظلام البدر)

37.8K 441 24
                                    

"انا بنادي عليكي.. مش سامعاني؟" توقف أمامها وهو يحاول أن يتحكم بنفسه ألا ينهار أمامها لتنظر له في وجل ولازال يلاحظ ارتجافها فهي لا تعرف ما الذي يظنه عنها ولا ما الذي اعتقده وخاصة أنها تذكرت وقتها أنهما لم يكونا متزوجان وإلا لما كان كريم عرض عليها الزواج في السر وشعرت بتخبطها أمام بدر الدين ما إن علم أن كريم كان هنا للتو

"ايه.. شوفتي عفريت ولا ايه؟" تحدث عاقداً حاجباه وهو يتصنع التعجب بإبتسامة مقتضبة أجبرها لترتسم على شفتاه ثم أقترب منها يتلمس ذراعيها ويتفقد ملامحها التي بدت مذعورة لتنفجر هي بالبكاء..

لم يستطع سوى أن يجذبها له لتستقر رأسها بصدره، هو يدري جيداً لماذا تبكي، يعرف تمام المعرفة ما بها، يشعر وكأنه يتهشم بداخله لرؤيتها تبكي بتلك الطريقة، وعلى الرغم من عذابه بتلك الدموع التي بللت صدره وذلك النحيب الذي يُضعفه تركها تلك المرة لتبكي مثلما تُريد..

ربت على ظهرها في حنان ثم همس بأذنها ليحاول أن يُطمئنها بعض الشيء بالرغم من معرفته أنها تعاني من مداهمة هذا الحقير إليها ولكنه لم يعرف بعد أن بدأ يعود إليها بعض المقتطفات من ذاكرتها

"هششش.. متعيطيش أرجوكي" توقفت هي ليتحول بُكائها لشهقات متقطعة لتدفعه بعيداً ثم نظرت له في انفعال ولكنها بدت كالطفلة الصغيرة..

"أنت كنت فين وسيبتني لوحدي؟ مش قولتلي إن فيه حراس بره؟ كانوا فين وليه مجوش، اشمعنى بيدخلوا ناس.." صرخت به في لوم

"أنا كنت في الشغل، وبعدين ناس ايه اللي بيدخلوا؟ أنا مش فاهم تقصدي ايه!!" تصنع عدم المعرفة وبداخله يسُب نفسه لتلك الحالة التي رآها بها

"أنت.. أنت لازم.. تفضل هنا.. معايا.. متمشيش وتسبني تاني" تحدثت بعصبية ليقترب هو منها وهو يجفف دموعها بأنامله

"طيب حاضر هاعملك اللي انتي عايزاه وهاسيب شغلي علشان خاطرك.. مبسوطة كده؟" نظرت له بوجه عابس جعلها حقاً كطفلة في الخامسة من عمرها وعينتاها الزرقاء تنظر له في غضب طفولي

"لا متسيبوش.. ابقى تعالى كل شوية.. او اشتغل من البيت.. او اتصرف بقا.." أخبرته وهي لا تدري ما ذلك الهراء الذي تتفوه به بينما هو ود لو يسألها لماذا عليه أن يبقى؟ أهي تشعر بالأمان معه؟ ألهذا الحد كانت تحتمي بالتواجد بقربه من ذلك الحقير؟ ولهذا الحد كان أعمى حتى لا يلاحظ كل ذلك؟!

"بصي.. غيري هدومك والبسي وتعالي نروح نتغدى برا عشان أنا رجعت بدري النهاردة وأكيد معملتيش أكل!" تحدث بخفوت وهو يحاول كتم تلك الدموع ليبتلعها شاعراً بغصة في حلقه وتوجه لمغادرتها ليوقفه صوتها

"بجد هنخرج؟!" صاحت متسائلة في حماس ليلتفت وهو يومأ لها بإبتسامة ثم ولاها ظهره مجدداً ليصيح وحاول بصعوبة ألا يبدو آلمه على نبرته

ثلاثية دجى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن