الفصل الحادي والثلاثون (ظلام البدر)

41.8K 417 6
                                    

 "ايه اللي جابك يا وفاء؟!" 

صاح بثبات شابه ذلك الصمت الذي يحُف بقبور الموتى لتبتسم هي بتهكم ولكن لم يدري أياً منهما كم ماثلت ابتسامة ابنها تلك الإبتسامة التي تبتسمها الآن!

"هنتكلم على باب الفيلا ولا عايز شوية شاغلين عندك يسمعوا كلامنا؟!" تسائلت بتهكم ليلمح بدر الدين سريعاً بثاقبتيه التي شابهت سواد عيناها الحُراس أمام فيلته ليصدح صوته بخفوت

"عديني وبعدين ادخلي ورايا!"

توجه لسيارته وبداخله يحترق غضباً ويسأل نفسه آلف سؤال وسؤال عن سبب مجيئها في مدة لم تتعدى دقيقتان حتى مر من الباب الأمامي وتبعته هي بسيارتها وعندما رآى أنه قد وصل لتلك المسافة التي لن يستطيع أحد سماعهما توقف بسيارته بشكل أفقي ليقطع عليها الطريق ثم ترجل من السيارة بمنتهى الزهو واضعاً يداه بجيباه وهو ينظر لمقلتيها بخاصتاه الثاقبتان ليرها تترجل هي الأخرى بنفس لذاعة زهوه وغروره الشديدان ليبتسم بداخله على كل مرة أخبره والده أنه شابهها..

لازالت تبدو كالعاهرات بملابسها التي حتى الفتيات المراهقات يرفضن ارتدائها لفضاحتها، لازالت رائحة العهر الممتزجة بتلك المساحيق التي تزيده اشمئزازاً منها تكسو وجهها بأكمله.. أحقاً إمرأة تعدت السابعة والخمسون من عمرها لازالت تفعل تلك الأشياء وترتدي تلك الأحذية التي تلائم فتيات الليل؟!

لم يجد إجابة بداخله غير أن تلك الأفعى لن تتغير أبداً حتى تموت ملتحفة بعهرها وتهكم بداخله وهو يتخيلها بأبشع حالتها عند الموت!

علمت من تلك العينتان التي شابهت خاصتها أنه يسألها لما آتت والإشمئزاز قد غلف ثاقبتاه ولكن ذلك الجبروت بداخله لن يتركه ليسأل ولن يبدأ بالكلام فأقتربت منه بجبروت مثله تماماً ثم تحدثت له..

"أنا عايزة حقي في كل الشركات.. مش وفاء اللي يضحك عليها وترمولها شوية فكة وبعدين تكبروا اوي كده!! وأنا عارفة إنك مش هتوافق.. ما دام Business is business (الشغل شغل يعني) وعاملي فيها رجل أعمال شاطر أنا هشارككم وهاشتري مجموعة أسهم كبيرة.. منها تكبر شركتك ومنها أنا استفيد"

"امشي اطلعي برا!" اجاب كلماتها تلك بهدوء شديد وهو لا زال يبرع في تمالك أعصابه وسيطرته على نفسه وأخذ يُعطي نفسه مُسكناً لحظياً بأنه سيُفجر كل ذلك بعد قليل مع تلك التي تنتظره!

"ده أنت كمان ليك عين تطردني.." صاحت متهكمة ثم أطلقت ضحكة ساخرة

"تكونش مصدق نفسك صحيح إنك بقيت راجل كبير بقا وبقالك كلمة.. يا .. يا.. ياللي كنت بتعملها على روحك قدامي وأنت واقف مرعوب وخايف.. ده أنت حتة عيل لا راح ولا جه، فاكر بس بشوية الفلوس اللي سابهالك صابر إنك كده ناجح ولا خلاص بقيت Business man عالمي.. لا يا بدر أنت طول عمرك هتفضل فاشل.. لو كنت تقدر تعمل حاجة كنت عملتها من زمان، أيام ما كنت بقولك تخلي أبوك يطلقني بس حتى وأنت عيل معرفتش تدخل على أبوك صح وتجبلي حقي!"

ثلاثية دجى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن