بيول:
في هدوء الليل وأمام موجات البحر وقفت أتأمل منظر النجوم مستمتعة بنسيم البحر الذي يداعب وجهي بلطف، بدأت الشهب بالتساقط من السماء، كان المنظر آسرًا لقلبي، فتحت عيناي بعدها ليداهمني ألم شديد بظهري فاعتدلت بجسدي ثم نظرت حولي لأتفاجأ أنني ما زلت في مكتبي الكئيب حيث العمل المتراكم يناديني.
تنفست بضيق وأنا انقل بصري بين الملفات المتراكمة أمامي وكوب القهوة البارد، لا أريد العمل.حملت حقيبتي وخرجت مغادرة لأكثر مكان أكرهه في حياتي.. قدت سيارتي بعيدًا، ليتني أهرب لمنعزل ما حيث لا يوجد بشر، فقط أنا والسماء والنجوم وبحر وربما قط!
وصلت بعد فترة للمنزل، لقد عملت بجد طوال الأسبوعيين الماضيين ولم يتسنى لي الراحة، نظرت لانعكاسي في المرآة، هالات سوداء، بشرة شاحبة، شعر متساقط.. رائع أنا الآن جاهزة لأصبح زومبي.
خرجت لأستنشق بعض الهواء النقي من شرفتي، تأملت السماء الصافية عدا بعض النجوم التي تعكر صفوها، وقع بصري على التلسكوب الخاص بي، لم ألمسه منذ زمن نتيجة لانشغالي بالعمل، من يرى حالتي المزرية لن يصدق بأنني أعمل بشركة والدي.
حتى الآلات تأخذ فترات للراحة لكني لا أفعل، ولا أتذمر حتى! أخرجت هاتفي اتصفح الانترنت فرأيت إعلان من المركز الوطني لعلوم الفضاء بسيؤول يبحثون عن موظفين، نظرت لقائمة الشروط وبجدية.. ليتني أعمل هناك!
أغلقت هاتفي ودخلت لأرتمي على فراشي بتعب، آمل أن تكون ليلة نوم هادئة بدون أرق، أو أحلام مزعجة.
..
مر اليوم التالي بشكل روتيني للغاية، أجلس في مكتبي كالمعتاد بينما أرتدي ملابس العمل والتي هي عبارة عن قميص ابيض قطني وتنورة قصيرة بنية وسترة بذات اللون، وأخيرًا نظاراتي الطبية، لا أعلم كم مضى من الوقت حتى تراجعت للخلف وأنا أحاول فك تشنجات عنقي وظهري، لأسمع بعدها صوت طرقات خفيفة على الباب ليدخل بعدها أحد الموظفين وهو يحمل كومة من الملفات، نظرت لها وذرفت الدموع داخليًا.. اللعنة! ألا تنتهي دوامة العمل ابدًا؟
انكببت على المكتب، أسب نفسي وحياتي، وألعن الصداع الذي يكاد يفتك برأسي، وبينما أنا أغرق بالتفكير حتى لمعت برأسي تلك الفكرة، رفعت رأسي عن المكتب ثم أحضرت ورقة لأكتب بعدها استقالتي بخطوط عريضة.
ذهبت بعدها لمكتب المدير 'والدي' الذي كان يشرب فنجان قهوته بهدوء وبعد أن انحنيت برسمية وضعت الورقة أمامه، نقل نظراته بينها وبيني ليتحدث بنبرة ساخرة: أتمزحين؟
أجبته بهدوء وتصميم: لم أكن أكثر جدية من الآن.
- هل وجدتي عرضًا مناسبًا أكثر في شركة منافسة؟ أم أن العمل في شركتنا لم يعد يروقك!
