٤

15.1K 1.1K 51
                                    

الفصل الرابع.
رمى حمزة بثقله فوق فراشه، ثم أغلق عيناه بتفكير وإرهاق، وكأن همومه اليوم فاقت طاقته وقدرته على استكمال ما بدء به منذ البداية بكامل إرادته، ولا شك أن ذلك القرار المتهور والذي قد اتخذه في لحظة جنون أو عنفوان غريب لأول مرة يتملك منه بدء في التصدع أمامه ليظهر حقائق مؤلمة خلف تلك القشرة الضعيفة التي كان لها الفضل في انتشاله من عبث مظلم حالك احتل عقله، ينذر بعاصفة قد تقتلع معها مشاعره التي حاول لجمها بأسواط من ضميره!.
ثلاث شهور يخوض بها معركة مع ذاته، قد تكون أصعب معركة مرت عليه، ولكن هو من أوقع نفسه بها، حتى أن خسارته بدأت تتجسد أمامه في وقت باكر، ولكن تلك الهزيمة ستكون قاسية في حقه وحقها، ليست هي فقط أو هو فقط، فأصر أكثر على تنفيذ ما فكر به مؤخرًا، فلن يتحمل قلبه خسارتها..
ارتفع رنين جواله وأخرجه من عمق أفكاره، تنهد بارتياح عندما وجد السبيل الذي استطاع إنهاء محاكمة ضميره التي تبدأ يوميًا عندما يختلي بنفسه بعيدًا عن صخب عمله.
طالع اسم المتصل في فتور تحول إلى ابتسامة واسعة عندما وجد أسم أخيه يتوسط الشاشة، أجاب على الفور بمزاح زائف أصبح يتقنه جيدًا في تلك المرحلة الخادعة من حياته :

- أهلا بالنمساوي الأصيل.

جاءه رد أخيه المشاكس له :

-  أهلاً بقليل الأصل والتربية، أهلاً بالمهزء اللي عاوز يتهزء أكتر.

رفع حمزة أحد حاجبيه في قلق وريبة :

- هو أنا هببت حاجة وأنا معرفش.

- كام مرة أقولك ابعتلي صور خطوبتك، أو صورك أنت وخطيبتك وأنت تطنشني، كام مرة أقولك عاوزين أنا ومروة مراتي نكلم خطيبتك نتعرف عليها وأنت ولا هنا، هو أنا علشان  سافرت النمسا خلاص، فاكر إن مالكش أهل ولا إيه، لا أنا هفضل اخوك الكبير حتى وأنا بعيد عنك.

أخرج حمزة تنهيدة أخرى من صدره، تنم على راحته رغم ذلك القلق الذي سيطر عليه قليلًا، عند ذكر أسم رقية، أو أي شيء عن خطبتهم، فـأخيه مثلاً لن يتفهم أمر تفكيرها بشأن تلك الصور، حينما حاول شهاب التقاط بعض الصور لهم وهي رفضت بشدة، بل خاضت مجادلة طويلة مع شهاب انتهت بشجار حاد بينهم، وحتى الآن  لم يفهم  سبب اعتراضها الحقيقي اتجاه الصور وتحديدًا إن كانت معه.

- هو كل الحكاية، إن فعلا متصورناش مع بعض، انا معملتش حفلة خطوبة بسبب انشغالي في الكافية، وكمان تقريبا مبقعدش معها كتير بسبب شغلي أغلب الوقت فيه.

- عامل نفسك مهم، وصاحب مشروع، على العموم ماشي، ناوي تحدد الفرح امتى علشان احجز قبلها وأعرف أحضر.

فرك حمزة وجهه في ضيق وهو يقول:

- لسه شوية، بس ممكن اكتب كتابي خلال الشهر ده، وأول ما أقرر معاد الفرح بالظبط أكيد هبعتلك وأعرفك.

لعبة الهويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن