٦

15.2K 1.1K 74
                                    

الفصل السادس.

دخل حمزة إلى الكافية في وقت باكر، يحتاج إلى مراجعة بعض الأمور والأوراق المالية قبل الافتتاح الثاني في نهاية الأسبوع، انشغل بضع ساعات في مراجعة  الشؤون المالية بالكافية، يرصد الأموال ويقوم بمراجعتها، وتحديدًا ما تبقى في رصيده، فرك جبينه بأصابعه وهو يزفر بضيق بالغ عندما تذكر أمرًا كان يحاول نسيانه حتى تعود إليه روحه التي غادرت بمجرد موافقته على عهدًا خسر بسببه أخلاقه، حتى وإن كانت أسبابه قوية، فهو الآن يشعر بالندم الشديد اتجاه ماضي ود حرقه ليس نسيانه فقط، لعن شهامته التي كانت السبب الأكبر في ضياعه بين أهل الخداع.

حاول مرارًا وتكرارًا أن يبعد تلك الذكرى السيئة بعيدًا عنه في هذه اللحظات، فقلبه مرهق وعقله متجمد، ويكفي ما يشعر به من عذاب ضميره، كأنه تجسد في صورة جلاد ويقوم بمعاقبته كل دقيقة بلا رحمة.

وكالعادة عندما يفشل في نفضها بعيدًا، يعود إليها رافعًا الراية البيضاء، متذكرًا  ما حدث منذ ثلاثة أشهر تقريبًا، تدفقت إليه تفاصيل اليوم من بدايته حتى مجيء شهاب له للمرة الثانية ووقوفه مع صديق لهما ثالث يدعى "محمود" على باب الكافية متحدثين بصوت خافت، أما هو فكان منغمسًا بالتفكير في اتصالاً هدد ما كان يخطط له، تنهد بعمق وهو يغلق عيناه بهدوء ليعود بذاكرته للخلف..
                               ****
دخل شهاب الكافية من الباب الخارجي بعد انقطاع دام أسبوعان، دخل مهمومًا وكأنه يجر خلفه هزيمته، وجه المبتسم، كان عابسًا، وعيناه كانت تشع غضبًا وحقدًا، أنفاسه كانت كفيلة في إحراق المكان بأكمله، وعقله كان عبارة عن ساحة كبيرة يعم بها ضجيج يؤرقه، لم يعرف لِمَ قادته أفكاره إلى حمزة مجددًا، ولكن يبدو أن هناك مازال بصيص من النور والأمل يصر على إخراجه من تلك القوقعة البائسة التي وقع بها بسبب رقية.

فكر مليًّا بأن يحاول استعطافه ولكن كيف وحمزة تقريبًا أنهى معه في المرة السابقة ذلك الموضوع،..ترك للدقائق حرية التصرف مع ثبوت تلك الخطة بداخله، تنسج خيوطها وقواعدها بحرية، وبالطبع ترك نفسه لتخيل مكاسبها، ولِمَ لا، همس بها لنفسه مبتسمًا بسخرية، وبدأ في إقناع نفسه بأن الخداع فن، وبالتأكيد ضرره ليس بضرر الانتقام، هو لا يريد الانتقام منها، بل يريد أن يخادعها حتى ينهى تلك الفجوة التي بدأت تتفاقم بينه وبين أيسل، وتواصل على إنذاره بفشل علاقتهما، وهو بالتأكيد لن يتخيل حياته بدونها، ولن يخسر أمام رقية أبدًا.

خرج من أفكاره على رنين هاتفه، فقرر الإيجاب قبل أن يدخل للباب الثاني المؤدي لداخل الكافية..

- ألو.

استمع لصوت أنفاسها الغاضبة قبل أن تجيبه في حدة وغضب :

- أنت عاوز تعصبني يا شهاب، أنت إيه وصلت خلاص للمرحلة دي معايا، مبقتش فارقة معاك!.

شدد على خصلات شعره في جنون وهو يقول بعصبية خافتة :

- أنتي عبيطة يا أيسل، أعصبك إيه هو أحنا تقريبًا مش متخاصمين بقالنا أكتر من أسبوع، أنا بقى ضايقتك في إيه.

لعبة الهويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن