صوت عدوّه مسموعاً، مُدَوّيًا بين أنحاء تلك الشوارع الخالية من الأرواح بينما صُداح أقدام الشُرطة خلفه تزداد مع تزايد عددهم بشكل مهول، صُراخ إحدى أفراد الشُرطة عليه كان دافعاً أكبر له على أن لا يتوقف عن المُضي قُدماً مهما حدث له.
الأمر قد خرج عن السيطرة وقرار الإنسحاب لم يعد قراراً عقلانياً فى مثل هذا التوقيت، تلفّت للخلف عِدة مراتٍ وهو مُستمراً فى هروبه حتى اخترقت آذانه صياح الشُرطي عليه ، صارخاً:
- إلى أين تظن نفسك هارباً، أيها اللص المُخادع!
أصوات أنفاسه تتصاعد وتتضارب فى صدره الذى ضاق من قلة الهواء حتى أصبح عائقاً له بينما قدماه مُستمرتان فى التسلل والمُراوغة بين الشوارع الجانبية حتى صادفه إحدى الأزقة المُظلمة عن إحدى جانبيه ليلتف سريعاً ويدلفه بينما عيناه مازالت تلتفت خلفه بتتابع ليُتابع أفراد الشُرطة ويطمأن أنه قد أضلهم بين الطُرقات، أخيراً.
كان الزقاق بالكاد لا يدّب به الحياة لولا الضوء الباهت المُعلق على الباب الخلفي لإحدى المطاعم والذى دون أدنى شكّ مُغلق فى مِثل هذا التوقيت، فهذا هو وقت حَظر التِجوال لهذه المدينة الصغيرة إثر انتشار الجرائم والحوادث بها بشكل مبالغ فيه، خاصةًعند انسدال ستار الليل، فهى لَم تُسمى مدينة ديستوبيا من فراغ.إرتسمت الإبتسامة على وجهه واعتلت شفتيه حين وجد مكانٍ خالٍ من القمامة والرائحة الكريهة بجانب الباب الخلفي لذلك المطعم، وبعد التأكد من أنه قد إختفى هيكله تماماً خلف إحدى صناديق القمامة الضخمة، أسقط جسده الهزيل أرضاً ليرتاح من كثرة العدّو، ويبدأ قلبه فى الخفقان بالمُعدل الطبيعي.
انفرجت أسارير وجهه وهو يهمس بفمٍ مُبتسم، مُحررًا من جيب قميصه الأسود المُهترئ والمملوء بالرُقع، زُمردة ذات اللون الأخضر، بحجمٍ يتوسط كفُّه، أخذ يرمش عدة مراتٍ فى ذهولٍ تام إثر جمالها ورونقها المُضئ، مُحدقاً بتلك الزُمردة البراقة والخاطفة للأنظار بلمعانها الصارخ.
بفاهٍ مقتوح من شدة الإعجاب علّق هامساً:
- والآن لنُلقى نظرةً صغيرة على حبيبة أبيها.
سكت لبُرهة يُطالع كُل إنشًا بها فى ذهولٍ تام..
ثم أكمل:
- كم أنتِ جميلة !
أكمل مدحها بهمسٍ وعدم تصديق بينما يحتضنها ويهطل على سطحها اللامع بُقبلات مُزدرية مُشوبة بدموعه، كأنها خيطٌ من الآمل قد ظهر له من العدم.
سكت لهنيهة ثم أكمل:
- يا إلهى ! من كثرة سعادتى بكِ أشُك أننى أُريد بيعك بتاتاً.
أنت تقرأ
Astrum
Fantasyبين الماضى والحاضر والمستقبل خيوطّ تُنسج بسلاسة واحدةً تلو الأُخرى بمهارة وبراعة، حيث الخطأ لا يُغفر ومن أخطأ فالحرق هو مصيره لإنتهاء اللعنة التى بدأها. سنّت أسترم القوانين مُنذ عقود وعلى تلك القوانين السلام إن قررتُ عدم الخضوع لها، كُله من وإلى زُ...