(٣) تيكتيوس

62 14 9
                                    

ظلّ الحال كما هو عليه، البوابة الهوائية على وشك الانغلاق بينما ذِهن هانتر يعصف بالأفكار المُضطربة والمشوشة، تتلاطم هُنا وهُناك كالبحر الهائج فى ليلًة عاصفة..

'أيترُكها تذهب لذلك العالم وكأنها لم تتفوه بشئ أقرب للتُرّاهات؟'
'أم يُنهى كُل تلك الأفكار بجرفها عكس الطيار وسؤالها صراحًة من أين تعلم ما رَدِفته قبل ثوانٍ؟' .

فى اللحظة التالية وَثب إلى ذهنه إحدى القرارات المُتهورة والتى عَلِم أنه سيندم على اتخاذها لا محالة.

أومأ برأسه نفياً مُعارضاً لنفسه وهواجسها، ليمُدّ يده داخل البوابة ويتمسك بذراع الشَابَّة، سحبها عكس الإتجاه الخاص بها ليستمع بعدها لتأوهتها المتألمة بسبب تغيير مسار الذرات الحارق داخل جسدها.

للسفر الزمكانى عدة تعريفات ولكن التعريف المتوافق عليه كونياً أنه حين يشرع المرء فى السفر الزمانى أو المكانى تبدأ ذرات جسده فى التفكك بسُرعة الضوء داخل البوابة وتوزيعها للمكان المُراد الوصول إليه وما تنفك عن التجمع مرة أُخرى على هيئة سُكان المكان بدايةً من تكوينهم الجُزيئي ( مائي أو هوائي أو تُرابي أو ناري) ، مُنتهياً الحال بالشخص بتجمع ذراته مع بعضها البعض مرة تلو الأُخرى حتى تبنيه من جديد وتقذف به داخل المجال المغنطيسى الخاص بالمكان ليتعايش مع الكون الجديد بسلام دون معاناة أثناء فترة مُكوثه.

كُلّ هذه التغييرات تطرأ حول الجسد وفيزيائيته المُعارضة لفكرة السفر فقط أما عن الروح فهى يُمكنها التنقل بين الأبعاد، المستويات والأكوان بلا أي تغييرات جُسمانية بها إما بالهيئة أو بالشخصية ومداركها العديدة.

أما عن ما إتخذه هانتر فى مِثل هذا الموقف من إتجاه لقراره كان البشاعة لها مُتجسدة فى لحظات تهورٌ مطبوخة بالمعرفة، أتى ذلك مع سحبه اللئيم لجسدها عكس إتجاه السفر على مساعدة الذرات فى التكسر والتبعثر كُلٌ على حِدة بين التشتت والاحتراق الناتج عن سُرعتها مما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة جسدها، تاركاً إياها تشعر كمن يحترق حيًا وتتجدد خلاياه مراراً وتكراراً.

حينذاك وقع الضرر عليه هو الأخر ليبدأ فى تمتمة وتلقين إحدى تعاويذ السحر المعكوسة التى تمنع الذرات من التشاطر نهائيًا والموت المُحتم للشخص، صعدت ألسنةً من اللهب امتدت بين ذرات جسده هو الأخر إثر التداخل الكيميائى بينهم، ليمتقع وجهه بالألم الشديد مصحوباً بالدماء التى بدأت بالسيلان من بين فتحات جلده، كالزلزال فى شدته، حتى تكسرت خلاياه الجلدية بالكامل وبقى لحماً لا يكسوه شيئاً، حدث كُل ذلك فى دقيقتين قبل أن ينتهى الجحيم بسحبه لجسدها نحوه عُنوةً وتُغلق نصف البوابة المُعلقة فى الهواء على نِصف جسدها.

Astrumحيث تعيش القصص. اكتشف الآن