داخل ذلك القصر الضخم وتحديداً إحدى مكاتبه الفخمة كان يجلس بهيبته أعلى ذلك الكُرسي الخشبي، بعينان يملؤهما الغضب والعصبية، وذهنٍ يعصف بأفكارٍ لم تأته قط، حينذاك كان مُساعده يتلو عليه المصائب واحدةً تلو الأُخرى، وكطبيعة عمله لم يكُن هُناك أي شئ جديد فى تلك المصائب عدا وقع الصاعقة الأخيرة على أُذنيه وكأن الصُمّ سيكون أحسن حلّ له فى ذلك التوقيت.
- مورتى، عزيزى. عاود ما تفوهت به مُسبقاً ، هلَّ لكَ ؟
أردف بنبرةٍ هادئة عكس فوهة البُركان التى اشتعلت تواً داخل رأسه إثر وقع خبر اختفاء زُمردة الأكوان من متحف مورتالا الكوني على يد هاوٍ من مدينة ديستوبيا.
- سيدى، أنا حقاً أسف، ظننت أنها ستكون بأمان هُناك وأنه لا أحد كان سيخطر على باله وجود الزُمردة فى مثل هذا المكان ولكن ..
شرع القزم الصغير ذو الشعر الفضي والعيون الذهبية الواسعة فى الإماءة بشكل هستيرى وهو يتكلم ليقطع عليه حديثه سيده القابع خلف مكتبه غير آبهاً للقزم الذى على وشك البكاء والانهيار أمامه.
غاص السيد فى التفكير فى أمر اختفاء زُمردة الأكوان، أمرٌ كهذا كان مُقدراً ولكن على يد إحدى صيادين العوالم السبع وليس على يد شاباً أخرق من مدينة ملعونة بالفعل مما يستحيل قدرته على سرقتها حتى وان خُلقت روحه من رحم إحدى الأرواح الملعونة بالأفعال الشنيعة !
قام من على مِقعد المكتب ليُظهر طوله الشاهق والبنية الضخمة المُتخفيان وراء ملابسه السوداء وبخطواتٍ طويلة وحازمة توجه ناحية مُساعده الابث بجانب مَخرج الغُرفة، بينما ملامحه يُشوبها الخوف والرهبة.
خطواته الواثقة بجانب ذلك الرداء الفحمي المُخطط بالنقوش الذهبية الصغيرة، الرداء الرسمى للرتبة العُليا خاصته فى مركز قوى العوالم السبع والمعروفة بأسترم نسبةً لترتيب العوالم معاً على شكل النجم، ينسدل عليه مُعطيًا إياه هيئة مُخيفة وصارخة بالهيبة، بينما خُصلات شعره الأبيض ذو اللمعة الرمادية ينسدل أعلى كتفيه بألمعية.
أشاح القزم بنظره من أعين سيده إلى الأرض بينما يداه المُرتعشة قد أوقعت الأوراق التى كان يحملها أرضاً لتتناثر بعبث، ليقول بنبرة يشوبها الاهتزاز:
- آسف سيدى، أنا حقاً آسف.
أومأ القزم عدة مراتٍ حركته اللا إدراكية التى يفعلها حين يوشك على الإنفجار من التشتت والتوتر، مُدركاً كيف بدا غبياً وهو يقع أرضاً من الخوف ويبدأ فى لملمة الأوراق سريعاً قبل أن تقاطعه قدماً تدهس على الورقة التى كان سينتشلها لتقطع عمله العبثي.
أنت تقرأ
Astrum
Fantastikبين الماضى والحاضر والمستقبل خيوطّ تُنسج بسلاسة واحدةً تلو الأُخرى بمهارة وبراعة، حيث الخطأ لا يُغفر ومن أخطأ فالحرق هو مصيره لإنتهاء اللعنة التى بدأها. سنّت أسترم القوانين مُنذ عقود وعلى تلك القوانين السلام إن قررتُ عدم الخضوع لها، كُله من وإلى زُ...