قصة فتاة عاشقة لعالم الجن والشياطين منجرفة وراء سماع وقراءة كل شيء متعلق بهم، ومصدقة بيقين حول كل هذه الأمور، دائما تبحث عن كل الأدلة والبراهين التي تثبت وجودهم، دائما ما تحاول الإجابة التي تخطر ببالها وفكرها عن احتمالية تواجدهم معنا، وعن قدرتهم على المساس بنا بأذية وشر وغيرها من الأمور الخفية التي لا يعلمها سوى الله سبحانه وتعالى فتاة إن قيل لها اذهبي بالمكان كذا من الوقت كذا وستجدي شيئا يدلكِ عما تبحثين عنه (متعلق بعالم الجن) ذهبت دون أن تفكر في العواقب حتى وإن كانت وخيمة، هي بالفعل لا تأبه لأي شيء بالحياة على الإطلاق ولا حتى سلامتها وأمنها، دائما تنساق وراء فضولها وبيوم من الأيام حدثتها صديقتها عن وجود كتاب قرأت عنه وربما سمعت بأكثر من مرة يشرح فيه حقائق عن عالم الجن، أخذت الفتاة منها اسم الكتاب وانطلقت في رحلة البحث عنه، لم تترك شيئا إلا وفعلته رغبة منها في دخول عالم مليء بالأسرار الخفية والتي لا يعرفها سوى المميزين على حد قولها، أسرار لا يمكن كشفها إلا لنخبة من الأناس لهم شأن خاص عند ملوك الجن والمردة وبعد بحث طويل دام لشهور متتالية تمكنت الفتاة من إيجاد نسخة من الكتاب الموصوف لها، جلست الفتاة بعدما هيأت كامل الأجواء حتى لا يقطع عليها خلوتها أحد ومتعة تلذذها بالكتاب وما فيه وبأول ليلة لم تستطع مفارقة الكتاب من يدها حتى غلبها النعاس، وما إن سقط رأسها عل الكتاب حتى شعرت بنسيم هواء يمر عند أذنيها، لقد كان نسيما باردا بعض الشيء استيقظت فزعة، لم تصلي فرضها من أجل رضاء ربها، ولم تأخذ قدرا من الراحة من أجل جسدها، بل واصلت قراءة الكتاب اللعين، وواصلت القراءة حتى خلدت في النوم من جديد.
وكان ما رأته في المنام جعل جميع من بالمنزل يستيقظ فزعا من صوت صرخاتها، جاءت والدتها لتمسح على جسدها فصرخت الفتاة في وجه والدتها، فربتت على ظهرها وشرعت في قراءة القرآن، وما إن عادت لحالتها الطبيعية حتى شرعت في البكاء المرير وبدأت في سرد الحلم الذي رأته بمنامها والذي لا تعتبره حلما بل تقسم أنه كان حقيقة، لقد رأت كلبا أسود اللون يخاطبها ويهددها ويتوعد لها بالحياة المريرة جزاء ما أحضرته للدنيا ببعض الكلمات التي قرأتها من الكتاب الذي لا تجيد التعامل معه ولا فهم الكلمات الموجودة به ومن حينها أصبحت تخشى أن تنام تسرف في شرب المنشطات حتى لا تنام، لأنه وببساطة اليوم لم يعد بالنسبة لها مصدرا للراحة والسكينة بل أصبح مصدرا لجلب كل الأشرار لحياتها وأذيتها بالفعل؛ كانت الفتاة كلما استيقظت من نومها كل ما رأته بمنامها ترى أثره حقيقة على جسدها، شرع الأهل في طلب المساعدة من كل من يعرفونه ومن لا يعرفونه أيضا لقد كان فضولها أكبر سبب في تعاستها، لقد حققت وأنجزت ما أرادت وابتغت ودخلت عالم الجن والشياطين من أوسع أبوابه، ولكنها لم تحصد من تسرعها سوى حسرة القلب وألم البدن؛ بكل يوم تذبل الفتاة فبعد أن كانت وردة متفتحة الأوراق عطرة الرائحة أصبحت لا تمت لجمالها بصلة لا من قريب ولا من بعيد، لا تأكل لا تشرب وبالكاد تنام، وكلما نامت كلما شعرت بالموت المرير يقترب منها وعندما يأس أهلها من مساعدتها بالطريقة الروحانية توجهوا بها لمصحة نفسية، كانت الفتاة معظم أوقاتها نائمة تحت تأثير الأدوية والعقاقير، أما نومها فكان يعتبر فرصة ذهبية بالنسبة للمارد الذي قامت بتحضيره من عالمه العالم السفلي، فأوصلها لطرق متعددة للموت، فأكثر من مرة يشعرون بها في اللحظات الأخيرة وهي تحاول إنهاء حياتها بنفسها، ومازالت الفتاة تعاني ولا تجد من يدلها على طريق الخلاص، تدعو بالموت ولا تلقاه، فهي تعتبر الموت السبيل الوحيد للابتعاد عن هذه المخلوقات التي لا تعرف للرحمة طريق.