الفصل السادس

834 13 0
                                    


-" أخبرتك أنك لن تفهم.... فما يجمع بيني وبين مصطفى... ندوبٌ علمها الماضي بأجسادنا.... لتجعلنا مرتبطين طوال حياتنا"
بابتسامةٍ حزينة استقامت تنوي الهرب من جانبه...آلمتها تلك النظرة التي لمحتها بعيونه وهو يُحدقُ في ندبتها، يدهُ التي أُسدلت قرفاً منها..." اذهب عُقاب أنا لا أريدُ رؤيتك مجددا"

رفع نظراته نحوها...ماذا يقول؟
أيُخبرها أن رفيق ماضيها كان السبب في كل ما آلت إليه حياته؟
أيُخبرها أنه بعدما اختار البُعاد، وقرر أن يبدأ حياةً جديدة اقتحمَ "مصطفى" حياته بصخبٍ وأخرجه من جُحره الذي لاذ إليه هربا من الكل...لكن عوضا عن ذلك قال بترجٍّ:
-" أنا آسف..." سكت قليلا ليستطرد بصعوبة " أنا كنتُ على خطوةٍ أن أدمره ولكنني لم أفعل...لكن بالتأكيد لو تركتيني وحيدًا سأذهب اليه وأكمل من حيثُ توقفت..." عيونها جحظت وهي تسمعُ كلماته المُهددة لها...تنفس الصعداء وهو يلمحُ نظرة اللين في تعابيرها ليهمسَ وهو يقفُ مواجها لها...ضخمٌ جدا أمامها، مُرعبٌ أكثر بشعره الأشعث ولحيته الغير مشذبة...كان مجرما بهيئته...ونظراته نحوها تؤكد أنه حتى بأفعاله فهو "مجرم" " أوقفيني كي لا أوذيه...أنتِ الوحيدة القادرة على ذلك..."
سكت أخيرا يُحدقُ في صغرِ حجمها أمامه...كيف أصبحت ضمن حياته فجأة...كيف يتخبط وهي ليست بجواره...يحتاجها جدا كي تسبر أغواره، يحتاجها أن تُقيد رغبته بسفكِ الدماء...يحتاجُ أن تُلهيه عن "الحمراء" التي انفتحَ كل الماضي بمصرعيه أمامه...والتي بدوره تُكبله أن ينتقم!
أمسكَ بيدها يرفعها في حركة سلامٍ...لكنها ابعدتها عنه بعنفٍ وهي تٌعاودُ الجلوس دون أن توجه اليه بكلمة...حتى وهو يجلسُ بجانبها...حتى وهو يلتصقُ بجسدها...كل ما غمغم به "أنه يشعرُ بالبرد"

.........

هل تذكرينني...
مثلما أنا أذكركِ؟
هل تقضين عُمركِ...في تذكر عندما كنا معًا؟
لأنني...

شجن الكلمات جعلها تسرح مع الأغنية رغم أنها لا تفقه في الكلمات شيئًا...لكنها تشعر وكأنها تُخاطبها...تحكي عن قصتها هي.

أجوب الطرقات...كارهًا كوني وحيد!
والكل يستطيع أن يرى...أنني أضيع!!

لتُحس بنقص كبير...واللحن يختفي فجأة، ليستحيل لمجرد همسٍ...بالكاد يصلها...تابعت أصابعه وهي تضغط على زر إخفاض الصوت...لتلتفت تنظر ناحيته بتساؤل ...  لكن معاذ بادرها قبل أن تأتي بكلمة... والكلمات أيضا أثرت به...يتذكر الجحيم الذي مر منه و هو يرى ذلك المُتملق ينظر إليها بإعجاب... نار مُلتهبة سرت في شرايينه...حاول أن يُهدئ من تدفقها لكنه لم يستطع وذاك الرجل كان يتغزل بها...هو لا يُحبها... لكنها ملكه...زوجته امام الله وقبيلته...ومن حقه ان يهجم على المُتبجح و يُريه مقامه... لكن ناره هدأت قليلا وهو يلمحُ ارتباكها...ثم تختفي جُزئيا و هو يُحيطها مُقربا إياها لصدره...نافخا إياه وهو يرى نظرة الإحباط في عيون خصمه...كالديوك كانت نظراتهما تتقابل...لتتصارع في عقل كل واحد منهما...و كأنهما في العصور القديمة...القوي يحصل على جميلة القبيلة.

جرح وشم الروح! ملاك علي.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن