لم يستطع "هيليوس" الإجابة على سؤال "آجلايا" المفاجئ، وكأن عقربًا قد لدغه، ففتح فاهه ليجيبها ولكن صوتًا لم يخرج من حلقه، وكأن سحرًا مارسته الفتاة عليه فأصابته بالشلل التام، فلم يستطع أيضًا الحركة، فلم يفعل شيئًا سوى أنه ظل ينظر إلى عينيها الساحرتين، فأحس بنظراتها تخترق عينيه، فكانت هي أيضًا لا تفعل شيئًا سوى النظر في عينيه التائهتين في بحور عينيها، فرأت الفتى وهو يتعذب عذابًا شديدًا، عذابًا لم يقوَ على مقاومته أو صده، فابتسمت لكي تُنهي على ضحيتها، فأصابت ابتسامتها الفتى في صدره وتحديدًا في قلبه، فصار الفتى صريعًا، صريع الحب.
فقدت "آجلايا" الأمل في أن يجيبها الفتى على سؤالها التي بادرته به منذ عدة سنواتٍ، فأشاحت بنظرها عنه لتتيح له فرصةً جديدةً للإجابة، فنطق "هيليوس" أخيرًا: "نعم، اسمي هو "هيليوس"، وأنتِ السيدة "آجلايا" أليس كذلك؟".
ضحكت الفتاة في دلالٍ ثم قالت له: "نعم، أنا السيدة "آجلايا"، الفتاة التي تراقبها هنا وهناك حتى صارت قصتك تتداولها الألسن في جميع أرجاء "آركاديا" ".
تعجّب "هيليوس" لكلامِ "آجلايا"، فهو لم يتوقع أن يصير عشقه قصةً تتناقل بين ألسن الجميع، فقال: "قصة؟".
ضحكت "آجلايا" بصوتٍ أعلى ثم أجابته: "بالفعل يا "هيليوس"، فالجميع يتحدث عنك وعن اختلاسك النظر علىّ في السوق ليلًا ونهارًا، وكيف أن والدي قد هددك بالقتل عدة مراتٍ ... هل يمكننا أن نسير قليلًا؟".
سارع "هيليوس" بالوقوف مُجيبًا: "نعم بالطبع، سيزيدني هذا شرفًا"، فابتسمت "آجلايا" في وجه "هيليوس" ابتسامةً رقيقةً قبل أن يشرعا بالسير في البستان.
كان "هيليوس" في غاية السعادة، فحلّق في السماء وسبح بين النجوم من شدة سعادته التي إذا حاول أن يصفها لأحدٍ لوجد صعوبةً في الوصف.
تجاذب "هيليوس" أطراف الحديث مع "آجلايا"، فتحدثا عن "آركاديا" وعن أهلها وأحوالهم، ثم حدثّها عن نفسه، وعن طبيعة عمله، الأمر الذي أثار إعجاب الفتاة فقالت: "عاملُ بناء؟!! لدي أخٌ في مثل عمرك تقريبًا، اسمه "سيزيف" أخي الكبير والوحيد، "سيزيف" لا يعمل، بل يعتمد اعتمادًا تامًا على والدتي التي تُسرف في إعطائه النقود ببزخٍ يدفع أبي إلى حد الجنون، فهو يرى أن "سيزيف" لم يعد صغيرًا ويجب عليه أن يكد ويعمل ويتعب، فلا أحد سيرث عن أبي تجارته سواه".
سأل "هيليوس": "وكم عمر سيدتي؟"
قالت "آجلايا" متذمرةً: "كُف "هيليوس" عن وصفك لي بسيدتك، كم أنت سخيف يا هذا".
ضحك "هيليوس" ثم قال: "ولكن سيدتي ....".
رمقته "آجلايا" بعينيها الداكنتين، ثم وخزته في ذراعه بكل ما استطاعت من قوة، فتظاهر "هيليوس" بإحساسه بالوجع إثر تلك اللكزة، فضحك ثم قال: "حسنًا يا ..... "آجلايا"".
أنت تقرأ
ديستوبيا
Фэнтезиيخرج المُلثَّم بعدما تأكد من عدم وجود أي جنديٍ بالقرب يمكنه كشف أمره، وتحرك مُستغلًا ضوء البرق الوهّاج الذي ينير له خطواته، مُتسللًا بين بيوت شارع "الحدادين" حتى خرج منه ووصل لشارع "الكسندرا"، وبات يتسلل من هذا البيت لذاك حتى وصل أخيرًا لهدفه.