لم تسعَ "آندروميدا" حتى في مقاومة الجنديين، ولكنها لم تفعل شيئًا سوى توجيه ناظريها ناحية "آجنيس" التي كانت تقف عند قاعدة تمثال "ثيودوسيوس" العظيم، تنظر إلى المنصة حيث كانت أختها الكبرى مُستلقيةً، لا حول لها ولا قوة.
كانت "آجنيس" صغيرةً على أن تدرك ماذا يحدث بالضبط لــــ "آندروميدا"، ولكنها كانت تعرف تمام المعرفة أنها ليست على ما يرام، وأن هناك خطب ما معها، ولكنها لم تستطع فعل أي شيء، فهي مثل أختها، لا حول لها ولا قوة أيضًا، فظلت واقفةً تنظر إلى أختها.
"آجنيس" فتاةٌ صغيرة، لم تكمل الثامنة من عمرها بعد، لها جسدٌ هزيل، وشعرٌ أصفرٌ باهت، وعينان خضراوان كاللتين تمتلكهما "آندروميدا"، كانا قد ورثتهما عن والدتيهما، وبشكلٍ عامٍ فعندما تراها لأول مرة سيصلك شعور أنها ما هي إلا نسخة مُصغرة من "آندروميدا".
ازداد الوضع سوءً وسط الجماهير، فقد ثار الكثيرون معترضين عن اغتصاب الجانيةِ، وبهذا الشكل، وأيضًا أمام أعين الجميع، فوقف صفان من الجنود حائلًا منيعًا بين الجماهير والمنصة التي يقف عليها الملك وصفٌ من كهنة المعبد "الأناتولي" وعرافات الملك ومجموعة من صفوة ضباط الجيش برفقة قائدهم "ثيميستوكليس" الذي استشعر الخطر يقترب بشدة، فاقترب من الملك "آمبروسيوس" الذي كان قد عاد ليجلس على كرسيه ليشاهد "آندروميدا" أثناء اغتصابها مستمتعًا للغاية بهذا المشهد، فيدنو من أذنه ويقول: "جلالة الملك، الوضع يزداد سوءً أسفل المنصة، وغضب الجماهير عارمٌ للغاية، وعدة دقائق فقط تفصلنا عن سقوط جنود الصفوف الأمامية، والعواقب ستصبح وخيمة يا مولاي، وأتوقع وقوع صرعى وسط هذا الوضع، والأمر في النهاية لك بالطبع يا مولاي، ولكنني أنصح جلالتكم بإنهاء المحاكمة سريعًا، والرحيل من هنا حفاظًا على سلامة سموكم".
كان "آمبروسيوس" ينصت إليه غير مكترثًا لخطورة ما يقول، بل كانت عيناه مازالتا منصبتين على المسكينة "آندروميدا"، وحين انتهى "ثيميستوكليس" من حديثه، اعتدل في جلسته ثم قال: "حسنًا يا "ثيميستوكليس"، سوف أنهي كل هذا الآن، ولكن ليس خوفًا من تلك الحشرات، بل لأنني أريد أن أعود للقصر لأستريح، فاليوم كان طويلًا وشاقًا".
يعود "ثيميستوكليس" للوراء منحنيًا لــــ "آمبروسيوس" تعظيمًا له، فيقوم الأخير من كرسيه ويتجه إلى مقدمة المنصة، فيشير للجلّاد آمرًا له أن يوقف الجنديين ويُنهي عمله، فيلكزهما الجلّاد ليقوما من فوق "آندروميدا" ويرتديا ملابسهما، فيحملان ضحيتهما ويضعانها في منتصف المنصة في وضعية النوم، ثم يكبلانها بحبالٍ من الرسغين والقدمين، ثم يغيبان ليعودا حاملين لوحًا خشبيًا عريضًا فيضعانه فوق جسدها.
تهدأ الثورة بين الجماهير بشكلٍ نسبي لمتابعة ما يحدث تلك المرة لتلك المسكينة، فكانت الرؤوس مُنصبةً تجاه المنصة لمحاولة إدراك ماهية عقابها التالي، ولم يستطع شخص إدراكه قبل أن يصعد للمنصة رجلٌ ضخم للغاية، مفتول العضلات، حاملًا ثقلٍ كبيرٍ من الحديد يكاد أن يفلت من يديه لثقل وزنه على الرغم من قوته العضلية، فكان يسير به بصعوبة للغاية حتى يصل جانب "آندروميدا" فيضعه أرضًا، فيقترب "أورفيوس" منها قائلًا: "أتريدين قول شيئٍ؟".
أنت تقرأ
ديستوبيا
خيال (فانتازيا)يخرج المُلثَّم بعدما تأكد من عدم وجود أي جنديٍ بالقرب يمكنه كشف أمره، وتحرك مُستغلًا ضوء البرق الوهّاج الذي ينير له خطواته، مُتسللًا بين بيوت شارع "الحدادين" حتى خرج منه ووصل لشارع "الكسندرا"، وبات يتسلل من هذا البيت لذاك حتى وصل أخيرًا لهدفه.