استفاق الفتى من سُباتٍ عميق، ولكنه لم يستطع فتح عينيه، فأشعة الشمس في الصباح كانت مُستلقيةً على جفنيه تمنعه من فتحهما.
سمع أصواتًا يعرفها جيدًا، فقاوم جاهدًا أشعة الشمس في تحدٍ بينهما انتهى بفوز الفتى الذي فتح عينيه ونظر بعينين نصف مفتوحتين من النافذة لقرص الشمس التي توسطت السماء مُعلنةً عن الظهيرة تقريبًا.
يعود ذهن الفتى للأصوات مرةً أخرى التي لم تتوقف عن مناداة اسمه، فيجلس الفتى نصف جلسةٍ حتى يستطيع استعادة وعيه، فأخذ دقيقةً حتى قرر النزول من فوق سريره لإسكات تلك الأصوات.
يفتح باب غرفته ليخرج لمدخل منزلٍ بسيطٍ صغيرٍ يدل على عيشةٍ ضنك يعيشها أهل هذا المنزل، ثم يرفع عارضة الباب لكي يفتحه مُصدرًا صوتٍ عالٍ فشل في إسكات الأصوات المنادية بالخارج، فيبدو أنهم في عجلةٍ من أمرهم.
يفتح الفتى الباب أخيرًا لتسكت الأصوات فجأة، ثم ينطق أحدهم: "لا بد أن تأتي معنا يا "ماثيو" ".
ماثيو: "لا يمكنني الخروج فوالديّ بالخارج، ولم أخبرهما بخروجي اليوم، ولكن ما يستدعي خروجي في مثل هذا الوقت؟".
الفتى الآخر: "أنسيت يا "ماثيو"؟ إنه اليوم !!".
ضرب "ماثيو" جبهته بقوةٍ، ثم قال: "تذكرت، ولكنني لم أخبرهما، وإذا عاد أحدهما للمنزل ولم يجدني ستحل نهايتي يا "دايسون" ".
دايسون: "جموع الناس بالشارع، وحتى إذا أرادا العودة للمنزل لن يستطيعا من شدة الزحام، سوف تخرج وتعود للمنزل دون أن يعود أي منهما، ولن يعرفا بأمر خروجك، لا تكن جبانًا هكذا، إنها ليست المرة الأولى التي تخرج فيها من منزلكم دون علم والديك يا "ماثيو" ".
استغرق "ماثيو" عشرات الثواني يفكر في الأمر، ثم ينظر لعينيّ "دايسون" باسمًا، فيقول: "حسنًا، سوف أخرج من نافذة غرفة أبي وأمي حتى لا أضطر لترك الباب مفتوحًا".
دايسون: "كما تشاء".
يغلق "ماثيو" الباب وينزل العارضة، ويدخل غرفته ليرتدي حذائه البسيط المُرقّع، ثم يدخل غرفة نوم والديه ويفتح نافذتها، ثم يقفز منها للحارة الخلفية حيث وقف "دايسون" بصحبة خمسةٍ من الأطفال يبدو عليهم جميعًا في سن العاشرة تقريبًا، كما هو الحال مع "ماثيو".
يتسابق السبعة من أجل الوصول لمحطتهم القادمة، متفادين السقوط في بركة ماءٍ راكدة، أو الاصطدام برجالٍ ونساءٍ وأطفال يسيرون برويةٍ تشعل الغضب في أنفسهم، عابرين بالكثير من حظائر المواشي والطيور التي يمتلكها سكان شارع "ثيودوسيوس" الشهير، فالبعض يمتلك الخراف، والبعض يمتلك الخنازير، وهناك من يمتلك الدواجن، وأيضًا يوجد من يمتلك جميع أنواع الحيوانات.
كان التسابق بين الفتية يعطيهم إحساسًا بالمتعة والإثارة، ويتضح ذلك من ضحكاتهم المتكررة، أما عن مهاراتهم في الجري، فكانت واضحةً وضوح الشمس، فقدراتهم على العدو والقفز من فوق الموانع وتفادي السقوط والاصطدام بالمارة فاقت توقعات كل من يراهم.
أنت تقرأ
ديستوبيا
Fantasíaيخرج المُلثَّم بعدما تأكد من عدم وجود أي جنديٍ بالقرب يمكنه كشف أمره، وتحرك مُستغلًا ضوء البرق الوهّاج الذي ينير له خطواته، مُتسللًا بين بيوت شارع "الحدادين" حتى خرج منه ووصل لشارع "الكسندرا"، وبات يتسلل من هذا البيت لذاك حتى وصل أخيرًا لهدفه.