الفصل الثاني

1.7K 93 2
                                    

نوفيلا "الفراشة البيضاء"

الفصل الثاني

مازال لليوم بقية لم ينتهي بعد.. ف مازال مُحمل بالأحداث التي ستنقُلنا إلى قلب الحِكاية....
أتى وقت الإستراحة وأخذ الأطفال يلهون ويلعبون بينما هي فجلست تتسامر مع صديقتها المقربه والتي تُدعى "رحمة" ..
تحدثت رحمة تستخبر عن أحوالها وتطمئن عليها: وإنتي أخبارك أيه يا ليلو وأحولاتك كدا..
ارتشفت ليلى من كوب الشاي بلبن خاصتها وقالت: أحوالاتي تمام يا ست روما ... الحمد لله والشكر لله..
أردفت رحمة بمرح: وعمو هيما عامل أيه وأخبار صحته
ابتسمت ليلى بحنان: عمو هيما عسل العساسيل وبيسلم عليكي..
ثم تابعت مُتسائلة: إنتي إللي أخبارك أيه كدا وأخبار مازن..
قلبت رحمة شفتيها وتحدثت بنزق: كويس ياختي وزي القرد..
ضحكت بشدة على طريقتة حديثها وحركات يدها، وضعت يدها على فمها محاولة كبح ضحكاتها، وتقول: والله حرام عليكي يا بنتي إللي بتعمليه فيه ده... الراجل غُلب معاكي خالص ..

لكزتها في كتفها بقوة: حُرِومت عليه عِشته البعيد، دا ضايعه من على الأخر وعاملي زي الأرجوز طول النهار..
مقلوش حاجة ولا أطلب منه حاجة إلا لما يقولي .. من عيوني يا روما .. إللي إنتي عايزاه يا روما... عيوني ليكي يا روما...
مفيش مرة لا يا روما أبدًا ..
جرى أيه يا بنتي لازم يكون حِمش شوية ..
نظرت لها ليلى بغيظ: والله أمرك عجيب يا شيخة .. يعنى لو قالك لا هترتاحي ..
بصي يا رحمه إنتي لا كدا عاجب ولا كدا عاجب..
وهو بيعمل كدا علشان بيحبك وإحمدي ربنا على النعمة إللي في إيدك وبوسي إيدك وش وضهر، ومتحاوليش تخبي مشاعرك أكتر من كدا، أنا عارفه إنك بتحبيه بس مصدراله الوحش الخشب ..
إنتفضت من مكانها بزعر قائلة بكذب: أحبه أيه .. أنا مش بحب حد يا حبيبتي ..
هزت ليلى رأسها بيأس قائلة: مش عليا أنا الكلام ده، لو فعلًا مش بتحبيه .. عمرك ما كنتي وافقتي تكتبي كتابكم..لأن رحمه إللي أنا عارفاها عمرها ما توافق على حاجة مش عايزاها ولا حد يجبرها تعمل حاجة..
.. ثم أكملت بتحذير: بلي ريق الراجل يا رحمه علشان متندميش وتيجي تعيطي بعد كدا.. لأن كل واحد ليه خُلقه وحدود لصبره وهيجي يوم ويزهق..
جُملتها الأخيرة جعلتها بقمة توترها، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تتسائل، أمن الممكن أن يمُل منها ويتركها لجفائها؟!... سُرعان ما تداركت نفسها ونهرتها..
ثم وجهت أنظارها حول ليلى التي تشرب مشروبها براحة بال لا مثيل لها وقالت بنزق: شوفي كل ما أسألك على نفسك تقلبي الموضوع عليا ..
نظرت لها ليلى وتنهدت بقلة حيلة: عايزة تعرفي أيه يا ست روما..
عمزت لها الأخيرة بإحدى عينيها وأردفت بشغب: أيه.. مفيش حاجة كدا ولا كدا..
أدَعت ليلى عدم الفهم: يعنى أيه كدا ولا كدا.. طبعًا مفيش حاجة في الدنيا أسمها كدا ولا كدا..
نفخت رحمه وقالت بفروغ صبر: بطلي رخامة... إنتي فاهمه قصدي..
قالت ليلى كي تتخلص من إلحاحها: لا مفيش.. ومحدش بيلفت نظري..
قلبت عينيها وقالت بسخرية: يعني أيه الكلام ده.. عايزاه يكون أيه يا أختي ..
تحدثت ليلى بحالمية: عايزاه حاجة كدا مختلفة، ميكس حاجات كتير مع بعضها... ويلفت إنتباهي يعني عايزاه مش عادي ...
كبحت رحمه غيظها وقالت: عايزاه يعني حرامي مثلًا علشان يلفت إنتباه ساعدتك ولا تاجر آثار..
هزت رأسها معترضه وحدقت بها بزهول: فال الله ولا فالك... تُفي من بوقك يا وليه
رحمه: ولولوا عليكي يا بعيده ... أمال أقولك أيه ..
ليلى: أنا غلطانه إني بكلمك، وبعدين هو أنا قولت حاجة غلط .. عايزة واحد يستحق المغامرة..
وضعت يدها على صدرها بدرامية وهي تشعر أن رأسها على حافة الإنفجار من صديقتها الهوجاء، لتقول بسخريه: مغامرة! .. والله والجواز بقى مغامرة على إيد ست ليلى..
وقفت ليلى مستعدة للرحيل: أنا غلطانه إن قاعدة معاكي... أنا هدخل فصلي أحسنلي..
وتركتها خلفها تتعجب من حالها الغريب...
.................  
بداخل الفصل الخاص بِ ليلى 
ألقت التحيه عقب ولوجها..
: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جميع الأطفال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ابتسمت وقالت برفق: إزيكم يا حلوين.
الأطفال: الحمد لله يا مس ليلى.
قام أحد الأطفال وقال بحماس: لو سمحتي يا مس ليلى إحكلنا يلا حكاية النهاردة إحنا مستنينك..
قبلته من وجنته وقالت بحب: من عيوني يا حبيبي .. دا أكيد طبعًا...
ثم نظرت لهم جميعًا وقالت: مين مستني القصة بتاعة النهاردة..
تحدثوا جميعًا بصوت مُتحد: أناااااا
بدأت هي بسرد حكايتها بطريقة مُبسطة: تعرفوا إن هحكلكم النهاردة حكاية طفل يتيم..
تسآئل أحد الأطفال ببرائة: يعني أيه يتيم يا مس ..
أجابته ببساطة: يعني مامته وبباه ماتوا وهو لسه صغير..
تسائلت طفلة أخرى: طب هو مين يا مس؟
أجابتها ليلى: إحنا كلنا عارفين شهادة الأسلام صح.. يلا الكل يقولها بصوت عاااالي جدًا ..
ونطق الجميع بصوت واحد مُتحد: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله..
ابتسمت قائلة: الطفل اليتيم هو "محمد رسول الله" حبيبنا ورسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام..
وتبدأ بقص القصة عليهم بطريقة مشوقة وهم ينصتون إليها بترقب شديد..
= سيدنا محمد هو خاتم الأنبياء والمرسلين.. يعني هو آخر نبي ربنا بعته لنا علشان يقولنا ويعرفنا الطريق الصح..
سيدنا محمد بقى لما اتولد كان يتيم الأب يعني أبوه كان ميت ومش موجود..
امه ربيته لغاية ما بقى عنده ست سنين .. وفي يوم سافروا هو وأمه "آمنه" علشان يزورا أخواله في المدينه المنورة وهما راجعين زاروا قبر أبوة بس أمه ماتت في مكان أسمه "الأبواء"
فكدا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بقى يتيم الأب والأم... مين بقى أخده يربيه..؟
جدة "عبد المطلب" لكن بعد فترة جدة كمان مات
طب مين أخده بعد جدة...؟
"أبو طالب" عمه..
تعرفوا كانوا مُلقبينه بأيه... ب "الصادق الأمين"
لأن عمره ما كذب أبدًا وكان أمين يعني أي حد يديله حاجة يحتفظ بيها معاها وكان بيحافظ عليها ويرجعها تاني..
وأول حاجة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام
إشتغلها هي رعي الأغنام وكمان كان بيتاجر ..
وبدأت قصته في المكان اللي إتولد فيه وهو .. بلدة مكة المكرمة..
وأول ما نزل الوحي كان في رمضان وهو في غار حِراء والوحي هو القرآن الكريم إللي إحنا بنحفظه..
وغار حِراء مكان في جبل كبير..
والرسول بقى قعد يدعي الناس للإسلام في السر من غير ما حد يعرف لأنه كان خايف على المسلمين إللي معاه من كفار قريش لأنهم كانوا وحشين جدًا..
أول واحدة آمنت بيه من النساء .. هي السيدة خديجه بنت خويلد رضي الله عنها.. وهي بتكون زوجته الأولى
وكمان أول واحد أسلم من الرجال ... هو سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه.. وبيكون صاحب حبيبنا محمد
وفضل الرسول يدعي الناس في السر لغاية ما آمن بيه وصدقوه عدد كبير من الناس..
لغاية ما جه يوم وربنا قاله أجهر بالدعوة ... يعني يعرف الناس كلها بربنا وأنه رسول من عند الله وفي دين اسمه الإسلام..
يا ترى بقى هيبقى ردة فعل الكفار أيه...؟
وهنقف لغاية هنا ونكمل الحصة الجاية علشان ناخد درسنا..
نظرت لوجوه الأطفال بعدما انتهت وجدتهم جميعًا مُتأثرين بالقصة، لتبتسم بداخلها فالطفل يَسهُل تشكيلة بما تريدة أنت ... وأهم شيء هي البذرة والبداية..
قالت بصوت مرتفع: مين هنا بيحب سيدنا محمد
ردد الأطفال بصوت مرتفع: إحنا إحنا كُلنا..
ليلى: هو كمان بيحبنا كلنا .. ويلا كلنا نصلي عليه علشان يفرح بينا..
أحد الأطفال: إزاي نصلي عليه يا مس..
ابتسمت بهدوء قائلة: كله يقول ورايا... صلى الله على محمد... صلى الله عليه وسلم...
وظل الأطفال يرددون ورائها بصوت مرتفع يُزلزل الكيان ويُذيب القلب حبًا لحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام..
نحن اليوم بأشد الإحتياج إلى من يغرز بأطفالنا أشياء حميدة تُصلح من أخلاقهم ويجعل منهم شباب صالح لدينه ودُنياه... فإذا صلُح الدين صلُح الخُلق..
وإن كانوا ذو دين سيُصبح الباقي أسهل بكثير...
•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•
أسدل الليل ستائرة سريعًا وهي مازالت بالخارج ... فبعد إنتهائها من الكورس ذهبت لتتسوق بعض الأشياء
وينتهي بها المطاف بأول بلدتهم، وداخلها يرتعش خوفًا بسبب هذا الهدوء فالجميع هُنا لا يخرجون من منازلهم بعد آذان المغرب وهي لا تريد الإتصال بوالدها وإتعابه ..
ظلت تسير بخطوات سريعة لكنها توقفت بُغتة عند سماعها لأصوات متداخلة وصوت شِجار مُحْتد..
جذبتها أقدامها بفضول لتلك المنطقة المُظلمة النائيه بعيدًا لتتوسع أعيونها وتشهق بفزع عندما رأت أربعة رجال يتعاركون مع رجل آخر وهو يقاومهم بشجاعة .. لكنهم أكبلوه ضربًا وبالنهاية الكثرة تغلب الشجاعة ..
تخشبت مكانها عندما أخرج أحدهم نصل حادًا غريب وبسرعة بالغة قام أحدهم بطعن الرجل بجانبة ليقع أرضًا..
الأمر لم يتطلب وقوفها وتخشبها هذا... أفاقت من صدمتها وهرولت إليهم صارخة: سيبوه إنت وهو
عند سماع الرجال لهذا الصراخ إلتفتوا بسرعة وأخذوا يفرون هاربين تاركين خلفهم رجل مُجثى أرضًا غارق بدمائة وأُخرى تقف بقلة حِيلة...
أسرعت إليه وجَثت بجانبه وأخذت تتفحص جُرحه وعقلها يعمل بجميع الإتجاهات....
اولًا عليها إيقاف النزيف ... هكذا حدثت نفسها
أخرجت من حقيبتها التي مازالت مُعلقة على كتفها حجاب لها ..
وبيد مرتعشة وخوف من الدماء وضعته على جُرحه وأخذت تضغط على موضع الطعنه حتى يتوقف النزيف ..
نظرت إلى وجهه وتسائلت: إنت كويس..؟
لم يُجيبها ولم يصدر عنه سوى همهمات واهنه..
ليلى: خليك مفتح عينك .. متغمضش..
وكأنه كان ينتظر سماع صوتها ليتغلغ بداخله
فتح عيناه بتعب لتُقابله عينيها الملهوفة والمزعورة..
تحدثت مرة أخرى متسائلة بخوف: إنت كويس..؟ حاسس بأيه..
لم يَبُث ببنت شفه ولم يُحِيد بعينه عن عينيها، فسبحان من أبدع برسم عيون الغزال هذه فكأن نهر من العسل الصافي يتدفق منهما...
بينما هي فلم تتوقف عن سؤاله، لكن أصبح صوتها يأتيه من بعيد .. يتلاشى شيئًا فشيئ..
ظلت تُتَمتم قائلة... أعمل أيه دلوقتي ... هفضل كدا ولا أسيبه وأمشي..... لا لا طبعًا اسيبه وأمشي كدا يموت
قالت بصوت مسموع: أيوا أيوا هتصل ب بابا
وأخرجت هاتفها على الفور لتتصل به .. وانتظرت الإجابة ..
: أيه يا ليلو إتأخرتي ليه كدا ... إنتي فين دلوقتي ..
تحدثت بهدوء كي لا تفزعه: بابا أنا هنا في البلد ... بس قابلني ضروري .. أنا ورا المدرسة ..
تحدث بفزع وخوف: بتعملي أيه ورا المدرسة يا ليلى المكان دا مقطوع..
: إهدى يا بابا مفيش حاجة .. بس تعال بسرعة ولما تيجي هتعرف ..
ليُهرول على الفور خارجًا من المنزل: خمس دقايق هتلاقيني قدامك .. خدي بالك من نفسك..
ليلى: حاضر يا بابا.. بس على مهلك إنت..
تنهدت براحة ونظرت للمُجثى أرضًا بين الوعي واللاوعي، وجدت رأسه موضوعه على أحجار حادة لترفع رأسه بحذر وتضعها فوق قدميها ..
منتظره والدها بخوف بالغ خشية أن يُصيب هذا القابع ضرر..
وبعد ما يقارب العشرة دقائق رأت والدها يهرول إليها مسرعًا ..
: ليلى.. ليلى
لتُجيب عليه: أنا هنا يا بابا ..
نظر بهلع وصدمة عندما رأى هذا المشهد أمامه وملابس أبنته البيضاء مُلطخة بالدماء..
جذبها إليه بلهفة: ليلى مالك يا بنتي في أيه، إنتي كويسة ..
أسرعت بتهدئتة: إهدى يا بابا أنا كويسة والله، مفيش أي حاجة.. ومش أنا إللي مُصابة ..
لفت إنتباهه هذا الجسد المُلقى بجانب إبنته...
ليسألها بإستغراب: مين دا ..
ليلى: أنا مش عارفه، في ناس ضربوه وشكله مش من المنطقة ... ومعرفتش أسيبه مصاب وأمشي..
أقترب منه ونزع حجاب إبنته من على الجُرح وتفحصه بدقه فهو على علم بالأمور الطبية لعمله فترة كممرض..
نظر إلى ليلى وتحدث قائلًا: الجرح بتاعه عايز خياطة، هو مش خطر اوي بس عايز عناية..
ليلى: طب هنعمل أيه ..؟
إبراهيم: مفيش قدمنا ألا إن ناخدة على البيت، لأن الوقت إتأخر..
ليلى: طب هنحركة إزاي، وبعدين هندخله بيتنا كدا من غير ما نعرف عنه حاجة..
نظر لها إبراهيم وقال بجديه: ومش من شِيامنا نشوف حد محتاج مساعدة ومنقدمهاش، وشكلة شاب ابن ناس وغريب عن المنطقة..
يلا اسنديه معايا ..
ربت إبراهيم على كتفة برفق وقال: حاول يا ابني تسند نفسك معانا... معلش دوس على نفسك شوية ..
وأخذوا يساندوه حتى وقف على قدميه، وأخذوا يسيرون ببطء ... قاصدين منزلهم غافلين عن تلك الإبتسامة الماكرة التي ارتسمت على فم هذا الذئب الماكر .. وغير مدركين من يصتحبون لمنزلهم
بمحض إرادتهم ....

بقلمي/ سارة نيل

يُتبع ...
توقعاتكم..

توقعاتكم

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
 نوفيلا "الفراشة البيضاء " والجزء الثاني "عَبق الفراشة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن