الفصل الثاني <2>

890 63 4
                                    

نوفيلا "عبق الفراشة"
الفراشة البيضاء 2
====================
[الفصل الثاني]

عَلّ القدر يجتذبني من ذؤابتي حتى حضيض أقدامِك فألتمس منكِ إعتذار بكافة لغات العالم ولهجات القوم.

وسط دَجْن القطبان يعلوها دُجنة قلبه وأيامه يجلس مستندًا برأسه على جِدارٌ متهالك كَروحه وقد جرّته الذكرى بين ربوعها لتتوافد تلك الأحداث بداخل رأسه مرةً أخرى وكأن مرّ عليها سالف الأمد..

وقف بمحطة القطار يلهث بشدة بعدما سلّم الأوراق إلى الوغد "جمال".
رمى بجسده على الحائط وهو يلتفت حوله بتيهة ولم يدري بسقوط تلك العَبرات التي حملت معها طعم الحسرة والألم..
انقصم ظهره لما فعل مع من أحبها قلبه، ابتلعته غيابات الندم والومضات التي جمعتهم تُمزق جنبه مثل المدى وتغرقه في ضبابٍ من الأسى..

لن يقف مكتوف الأيدي سيُكمل الخطة لكن ببصمته هو، استقام يفرد طوله ثم مسح على وجهه بإرهاق واقترب من أحد الهواتف العمومية ثم وبدون تردد رفع ذراع الهاتف على أذنه وضغطت أصابعه على الرقم المنشود..

بعد قليل أتى صوتٌ أجش مغموس وسط ضوضاء ليهتف عامر بصرامة وجديّه حاسمة:-
- معاك عامر الصاوي..

وقف الأخر بصدمة وأشار لمن حوله بالصمت، وصاح بصوت جهوري:-
- فِكرك مش هنجيبك يا عامر .. وحياة أمي ما هرحمك يا خاين.

زفر عامر على مهل وقال بنبرة صخرية باردة:-
- على مهلك يا سعادة الضابط ليطقلك عِرق، مفيش وقت نقعد نتخانق على التِلفون .. هما كلمتين اسمعهم بهدوء وأكيد هيفدوك، وقبل ما أقولهم أنا مش بعمل كدا علشان سواد عيونك ولا علشان خايف من حد..
دا علشان الراجل إللي فتح ليّا بيته .. وعلشان ليلى..

أطرق الضابط "عمار" على المكتب بعنف وهتف وهو يضغط على نواجذه بقوة:-
- انطق .. وإياك والكذب.

لم يتجمجم عامر  لحظة واحدة وبدأ يسرد ما بجعبته بهدوءٍ تام يُزيح تلك الأنكال من حول عنقه:-
- هيدخلوا من الجهة الغربية من المدخل الأرضي بعد الساعة ١٢ بعد نص الليل في وقت تبديل الحراسة وهيتم تعطيل الكاميرات عن طريق أشعة الليز، وكمان هيتم التنويم المعناطيسي لكل رجال الأمن والشغالين في المتحف..

ذهول تام أصاب عمار وهو يستمع إلى تلك الإدلائات الخطيرة، رفع رأسه نحو الساعة فوجدها تقترب من الخامسة مساءً، صرّ على أسنانه بعصبية قائلًا:-
- شياطين .. أحسنلك تسلم نفسك يا عامر.

زفر عامر بحدة وأردف:-
- هرجع يا عمار باشا علشان أنا معملتش حاجة، إنت بتهاجم الشخص الغلط..

- أمال عملت كل الفيلم ده ليه يا عامر.!

تنهد بحزن وعَلَت وجهه سحابة سوداء من الألم فقد أصبحت حياته مسرحًا تركض فيه المصائب وميدان تتسابق فيه النكبات ومازال هو متترس بالصبر لأجلها فقط، هتف بشرود:-
- علشان خاطرها، كان هيأذيها.

 نوفيلا &quot;الفراشة البيضاء &quot; والجزء الثاني &quot;عَبق الفراشة&quot;حيث تعيش القصص. اكتشف الآن