بدأ الفتي في الشرح بكل التفاصيل , و كأنه كان يدرس ويعلم كل ما كنت ادرسه لكي استطيع كتابة تلك الرواية , شرح كل شئ بأدق أدق التفاصيل , وعندما انهي نظرت له .
وقلت : انت كم سنة ؟
فاجاب : 11 سنة .
وجدت تلك الهجينة تقول : رائع رائع احسنت التلقين اخبر من لقنك ذلك انك كنت خير ملقن , واغرب عن وجهي .
نظرت لها وقولت : كما تريدين .وجذبت الفتي من يده و ذهبت لحديقة كنت احب الجلوس فيها , لقد كان فتي عادياً , لكن بالنظر في عينه انه لديه لمعة مميزة , سالته : عرفت منين كل اللي قولته دا , واسمك ايه الاول .
اجاب : حازم .
نظرت له بتعجب كبير , لقد قال حازم هل رجعت للهلوسة من جديد , لكن لا لقد راه هؤلاء الشباب والهجينة ايضاً , لكن كيف هل لهذا شعرت ان لمعة عينه غريبة , لكن حازم كان بنفس عمري وهذا طفل , لكني اقسم ان تلك اللمعة في الاعين رايتها في رفيقي حازم فقط , كيف هل هي فقط مصادفة , كل ذلك مصادفة مستحيل , نظرت لها من جديد رايته و علي وجهه علامات الخوف مني , فقلت : متخافش بس انا كان عندي صاحب بنفس الاسم عشان كدا استغربت .
فسالني حازم : طب و صاحبك دا راح فين ؟
رامي بارتباك : راح , راح هو سافر .
حازم : سافر فين ؟
رامي : سافر , سافر عند ربنا .
حازم : زي بابا و ماما يعني .
فجأة ركزت مجدداً , حازم كان اهله متوفيين ايضاً , وها هو ذلك الصغير .
حازم : انا اسف لو كنت ضايقتك , عايزني امشي ؟
رامي : لا خالص بالعكس قولي بقي فهمت كل اللي انت عارفه دا ازاي ؟
حازم : جدي , جدي امين مكتبة وانا متربي معاه من صغري , و بحكم اني معنديش اي حاجة اعملها , كنت كل اللي بعمله هو اني اقرأ طول الوقت , قريت كل انواع الكتب , من علوم نفسية واجتماعية , لروايات خيالية , بس رغم كدا محدش سحرني وخلاني احب ساعات القراءة قد كتابك , وبقيت شايفك قدوة , نفسي جدا اني ابقي زيك .
رامي : زي ! ونظرت للسما واكملت : و ليه عايز تبقي زي ؟
حازم : عشان انت حد كويس جداً واكيد عندك ناس بتهتم بيك , و اكيد من صغرك و الناس بتشعجك علي موهبتك .
لم استطع اخفاء ضحكتي وقلت : اتمني لو كانت الحياة بنفس بساطة كلامتك , لكن الحياة للاسف ليست كذلك , ستعاني كثيراً فيها حتي تصل لشئ يوماً ما .
حازم : بس انت من اول رواية نجحت فين التعب ؟
رامي : دايما الجمهور بيشوفوا المسرحية اللي بعد البروفات الكتير , بس مش بيشوفوا التعب الكتير اللي قبلها , ولا اللي وراء الكواليس , بس عشان انت بتبص للحاجة بسطحية زي معظم الناس , والحياة دي عشان تنجح فيها لازم تركز في كل تفاصيلها , تقدر تقولي كدا هو ليه الممثلين الموهوبين قليلين مع ان في ممثلين كتير ؟
حازم : عشان دول اللي تعبوا كتير مش كدا ؟
رامي : بالظبط عشان دول اللي كانوا بيستغلوا كل لحظة عشان يوصلوا , مكانوش بيخلوا الاحباط ياخد اكبر من حجمه في حياتهم , لان اي حد بيديه اكبر من حجمه بينتهي .
حازم : هو الموضوع صعب كدا ؟
رامي : انت بس اللي بايدك تخلي كل واي حاجة صعبة او سهلة , واكلمت داخل رأسي : انا اهو كان صعب اتعالج لمدة سنتين من الفصام , لكن لما بدات احاول بعد اسابيع خفيت .
حازم : ازاي ؟
رامي : زي مثلا كدا التدريب علي الضربة الثابتة في الكرة , هو اول مرة تدرب زي تدريبك بعد سنة ؟
حازم : لا بتبقي احسن انا كدا فهمت , بس عندي سؤال ؟
رامي : اتفضل .
حازم : هو ممتع انك يكون عندك اهل ؟
نظرت له وسكت قليلاً ثم قلت : الحكاية بتعتمد علي نوعهم , مش كلهم حلوين في الآخر هما بشر بردو , فيهم الحلو وفيهم الوحش .
حازم : انا نفسي يبقي عندي اهل مش مهم وحشين او لا , اكيد هيشجعوني علي الكتابة و اوصل زيك .
نظرت له وعلي وجهه تلك الابتسامة البلهاء , تبا لك احمق لا تتمني جحيماً , قلت : ما رأيك لو حققت امنيتك ؟
حازم : بجد ! ازاي قولي !
رامي : تعالي احكيلك قصتك لو كنت مكاني , مع اهلي ومريت بنفس ظروفي كان هيحصل ايه , بدات احكيله كل اللي حصلي من اول ما كنت قده لحد المصحة , وطبعا كنت بدأت القصة بداية خيالية شوية كأنه تمني فحصله كدا .
لقيته بصلي وقالي : انت بتعرف تألف كويس اوي ايه كل التفاصيل دي , دا كأنك كنت عايشها .
ابتسمتله وقلت : ها لسه عايز تبقي زي ويبقي عندك اهل ؟
حازم : بس هو ايه اللي ييخليني اغير رأي , انت بس او يعني اقصد انا لما كنت انت في الحكاية , كانت بس امي خايفة اني موصلش لحاجة و دا في حد ذاته يفرحني , وكمان انت قلت ان مفيش نجاح من غير تعب , فكل اللي مريت بيه من تعب و مصحة كان في سبيل النجاح .
نظرت له مطولاً و انا اشعر كم اني احمق , لقد كنت اعلم درساً خاطئ فتعلمت الدرس الصحيح , قلت : عايزني اكمل الحكاية ؟
حازم : اكيد !
رامي : بعدها في يوم نزلت تتمشي وقبلت البنت اللي انت مش بتحبها وقعدتوا علي كافيه , فجأة شوفت مجموعة شباب بيترقوا علي ولد صغير , وكان السبب انه قراءة روايتك اللي صعب اي حد يفهمها .
عم الصمت لدقائق ثم قال حازم : يبقي زي ما توقعت كنت بتحكيلي قصة حياتك .
رامي : ذكي زي ما هو واضح .
حازم : تقدر تكمل الاحداث ؟
رامي : قصدك اتخيلل المستقبل واكمل ؟
حازم : بالظبط .
رامي : استني هو انت عايز ......
حازم مقاطعاً : بالظبط .يتبع .
أنت تقرأ
طفرة | Leap
Tajemnica / Thriller٢٣ عام عشت أو بالاحري هلكت فلا اظن ان تلك تُنعت بحياة ربما في نظري , فلربما لو كانت تلك الحياة فعلا لكان الجحيم ليس بعقاب بل حكم مخفف , وها أنا مجددا مازلت اتفلسف كل هذا حدث منذ أن ادركت اني البشري الوحيد النقي , أو كما يصح القول اني لست بشري , ولما...